فشلت كل النقاشات والمداولات والدراسات في إيجاد حل «حقيقي» لأزمة السكن في السعودية، لتبقى المشكلة قائمة حتى إشعار آخر، أو حتى يصدر قرار، يرفع من نسبة تملك السعوديين للمنازل الخاصة، وهي النسبة الأقل في العالم بحسب اختصاصيين.
اقتراحات حل الأزمة تطرح كل يوم، وتتباين فيها آراء العقاريين والمختصين والباحثين والاقتصاديين، الذين أجمعوا على ان قطاع العقار في حاجة إلى تنظيم الأوراق المبعثرة، وإعادة تحديد الأولويات.. وهنا نرصد الجديد من الآراء وننقلها كما هي. في البداية، اعتبر الدكتور محمد القحطاني استاذ الاقتصاد بمعهد الدراسات الدبلوماسية ،المملكة من أقل الدول على مستوى العالم في تملك المواطنين للمنازل، مشيرا إلى ان عدة أسباب تقف وراء هذا الأمر، أبرزها ارتفاع أسعار الأراضي بصورة كبيرة وذلك لتحكم فئة معينة في الأراضي الخام حيث أصبحت الأراضي مخزنا للقيمة عوضاً عن الاستثمار في المشروعات، حيث يرتفع سعرها مع مرور الوقت فضلا عن أن أصحاب الأراضي لا يقومون بدفع الزكاة في كل عام، مضيفاً سبباً آخر، وهو تكاليف البناء وعدم الاستفادة من طرق البناء عبر الزمن حيث يشكل بناء منزل في الوقت الحالي تكاليف كبيرة، حيث لا يتم استخدام الهندسة القيمية في البناء و كذلك عدم معرفة بناء المنازل الأقتصادية، الى جانب ضعف العائدات المادية حيث تعتمد بعض العوائل على دخل واحد فقط.
وبين أن الوضع الحالي تشير فيه الإحصائيات إلى أن 30 بالمائة من دخل الأسرة يتوجه إلى الإيجار، مؤكدا أن تأمين منازل للمواطنين شيء مهم، وهي تتطلب وضع الضوابط والإجراءات للحد من هذه المشكلة، إلا انه حتى الآن لم توضع إجراءات وضوابط لهذه المعضلة.
وأضاف القحطاني: الضوابط الاقتصادية على مفترق الطرق إما يتم حماية المستثمرين وجعلهم يعملون كما يشاءون أو أن يتم النظر إلى امتلاك الأسر للمنازل كهدف استراتيجي، وبالتالي، يجب وضع الإجراءات والضوابط لتحقيق هذا الهدف مثل ضبط الأسعار وعدم التلاعب في قيمة الأراضي الخام، و أشار إلى أنه خلال الخمس السنوات القادمة يصل ما تخصصه الأسر للإيجار إلى 50 بالمائة.
ضريبة جديدة
ودعا القحطاني إلى وضع ضريبة على الأراضي الخام تحت مسمى الزكاة أو غيرها، حيث يتم منح أصحاب الأراضي مهلة ثلاث سنوات ثم بعد ذلك يطلب منهم دفع زكاة عن الأراضي الخام التي ما تزال لديهم، ونوه إلى ان هذا المشروع طرح في مجلس الشورى، ولكن أصحاب العقار استطاعوا أن يحبطوه، وذلك لأن مثل هذا القرار سوف يحرض الأشخاص إلى عدم امتلاك الأراضي الخام لفترة طويلة ويدفعهم إلى التخلص منها، وبذلك سوف يسهم هذا إلى انخفاض أسعار الأراضي الخام، و كذلك يجب أن يتم وضع ضوابط واشتراطات لبناء منازل اقتصادية، مشيرا الى ان هناك مبادرات شخصية في هذا المجال، ولكنها محدودة ويجب أن تتبناها الدولة، مثل صندوق التنمية العقارية.
وذكر ان كثيرا من المنازل التي تم بناؤها في الفترة الماضية لم تنطبق عليها الشروط أو «صديقة للبيئة» أو محافظة على الطاقة، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يتم ضبط أسعار الإيجارات والمنازل، حيث توجد حالياً شركات عقارية محدودة، تتحكم في الأسعار، ولا أعتقد أن هيئة الاسكان العامة وضعت ضوابط ذات البعد الاستراتيجي للسنوات الأربع القادمة حيث ترفع نسبة تملك المنازل للمواطنين إلى 50 بالمائة حيث تشير الإحصائيات إلى أن النسبة في بعض دول الخليج تصل إلى90 بالمائة من تلك الدول يمتلكون منازل خاصة بهم.
إسكان المتقاعدين
من جانبه قال الدكتور علي السلطان نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للمتقاعدين إن المتقاعدين تعد مشكلتهم كبيرة في تملكهم للمنازل أو سكن خاص بهم حيث أن نسبة تملكهم 40 بالمائة، ولا يستطيعون أن يمتلكوا منازل لهم.
وأوضح أن المؤسسة العامة للتقاعد تسعى للحصول على أراضٍ حكومية على أطراف المدن وبنائها وتمويلها من صندوق المتقاعدين، ووضع نظام لتسهيل المتقاعدين لتملك تلك المنازل عن طريق التأجير المنتهي بالتمليك.
وأضاف الدكتور السلطان : أنه رغم إعلان قيام هيئة عامة للإسكان، فنحن في الجمعية الوطنية للمتقاعدين حتى الآن، لا نعلم ما هو وضع المتقاعدين في الخطط التي ستقدمها الهيئة، موضحاً أن هناك آثارا اجتماعية خطرة لم يتم التطرق إليها، تتعلق بأبناء المتقاعدين وتنقلهم من مكان إلى آخر، وهي تسبب مشكلة اجتماعية ونفسية على هؤلاء الأبناء، حيث في حالة انتقال الطالب من مدرسة إلى أخرى وترك أصدقائه والتعرف على أصدقاء آخرين، يسبب هذا مشاكل نفسية للطالب، حيث هناك شريحة من المتقاعدين، يحالون للتقاعد، وهم في عقد الأربعينات وأطفالهم ما يزالون في المراحل الإبتدائية أو المتوسطة.
ويرى السلطان أن مثل هذه المشاكل الإجتماعية قد تسبب خللا حيث تنمو الضغينة على كل من هم أفضل منهم وتكون النتيجة تضرر المجتمع.
مسئولية مشتركة
ويعلن حمد الشويعر عضو اللجنة العقارية بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض أن القضية مشتركة، تقع على عاتق القطاع العام والقطاع الخاص، حيث يجب على القطاع العام أن يسهل الأنظمة أمام المستثمر، ويجب أن يكون هناك أنظمة تشجع المستثمر في الدخول في مجال الإسكان.
وأضاف: حتى الآن ليس هناك نظام يحكم العلاقة بين صاحب العقار و المستأجر، ولا يوجد عقد موحد، وليس هناك آلية لاستخراج المستأجر المتأخر عن السداد، وجميع هذه من المعوقات التي تحد من دخول المستثمر إلى سوق الإسكان.
ورأى الشويعر أن وجود هيئة عامة للإسكان لم توجد من أجل وضع حلول لأزمة الإسكان في المملكة بالكامل، حيث كان التركيز على الإسكان الشعبي لذوي الدخل المحدود.
مخططات سكنية
من جانبه قال الدكتور صالح الخثلان نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والناطق الرسمي باسم الجمعية: «هناك أزمة حقيقية في الإسكان في ظل وجود نسبة كبيرة ممن يمتلكون منازل خاصة بهم، والأقلية هم من يمتلكون منازل خاصة بهم، حيث يضطر البعض للسكن في بيوت شعبية وقد اثبتت الدراسات ذلك حيث لا تكون مناسبة للسكن في المقام الأول.
وأشار إلى ان الجمعية أقامت ندوة شارك فيها الهيئة العامة للإسكان و الجمعية السعودية للعقار و كذلك القطاع الخاص وقد تم الرفع إلى المقام السامي عدد من التوصيات بشأن حل أزمة الإسكان منها ضرورة توفير مخططات سكنية و تمكين المواطنين من بناء مساكن لهم وكذلك دعم هيئة العامة للإسكان.
وأوضح أن المشكلة التي تواجهها هيئة العامة للإسكان، تتمثل في وجود قرار صادر يقضي بأن الأراضي الحكومية التي تتبع البلديات في مناطق المملكة، يفترض أن يتم احالتها للهيئة العامة للإسكان من أجل أن تقيم عليها مشاريع إسكانية، ولكن بعض بلديات المناطق لم تسلم الهيئة العامة للإسكان تلك الأراضي.