أهدي هذه المذكرات المتواضعة إلى معالي الأستاذ : عبدالله البصيري السفير السعودي في بنجلاديش ، والذي فجّر قنبلته الشهيرة قبل أيام قائلاً :
(إن بالمملكة ما يزيد عن مليوني عامل بنجلاديشي ، وإن السعوديين سعيدون بوجودهم ).
يا أستاذ عبدالله ، أتمنى أن تكون دقيقاً في اختيار مفرداتك فنحن لسنا سعيدين بوجودهم بل " متشققين " من السعادة وأعرف لك ثلاثة من العيال ماتو من الفرحة وأثنين دخلوهم العناية !! وإن شاء الله إذا جو الدكاتره البنقالية كملوا عليهم ولحقوا الثلاثة الأولين !!
ولكي لا أطيل عليكم أترككم الآن مع الشيخ نور الدين محمد حنيفة ليسرد لكم مذكراته.. الشريفة!!
مذكرات بنقالي مقيم في السعودية
ولدت في أفقر أحياء دكا وتربيت أسوأ تربية كبقية أترابي ، تعلمت منذ الصغر أن آخذ كل ما أستطيع أخذه ، وأن أفعل كل ما أستطيع فعله ، مادامت مصلحتي تقتضي ذلك ، دون النظر لأي اعتبار آخر وللمعلومية كان من المفترض أن يُستبدل مصطلح الميكافيلية بالبنقالية !! المهم أنني أكملت المرحلة الابتدائية ، ثم تركت الدراسة نظراً لعدم قناعتي بفائدتها فراتب الوزير لدينا في سنة أستطيع الحصول عليه في شهر لو ذهبت إلى الخليج !! ولذا كنت أنظر إلى خالي مجيب شفيع الرحمن نظرة إعجاب ممزوجة بغيرة وحسد وذلك لأنه يمتلك الكثير من الأموال والعقار والتي كوّنها بعد أن عمل في بلد يسمى السعودية لمدة عشرين عاماً ، و كنت حينها لا أعرف عن السعودية شيء إلا أنها تضم مقدسات المسلمين الذين أنتمي لهم بالاسم فقط لأني لم أصلي سوى مرة واحده وذلك عندما صلينا على عمي حبيب الرحمن حنيفة ( وكنت حينها بلا وضوء) ، ولا أعرف عن شعبها شيء سوى أنه شعب طيّب ، و عندهم ( فلوس كتير ) ، فعزمت على الرحيل إلى هذه البلدة الحلم وعملت كل ما أستطيع عمله من كذب وتزوير وغش و رشوة حتى تهيأت لي فرصة العمل ، بصفتي مهندس سيارات وأنا لا أفرّق بين ( القير والكرتير ) ولكن المهم أن شهادة الهندسة في حقيبتي !!
وتحقق الحلم
عندما اقترب موعد الرحلة المغادرة من مطار دكا إلى مطار الرياض امتزجت لدي مشاعر الفرح والشوق والخوف والرجاء فلم أعد أعرف شعوري حينها ، الذي أعرفه أنني عندما استقليت الطائرة أحسست بنشوة عارمة وكأنني سأطير إلى الجنة ، وصلت مطار الرياض ووجدت كفيلي بانتظاري ، وذهب بي إلى ورشته ، وبعد يومين من قدومي عرف أنني لا أفقه في السيارات شيء ، فغضب وقال سأذهب بك الآن إلى الترحيل !! فأحسست بخيبة أمل كبيرة وخوف شديد فتذكرت حينها أنهم شعب طيّب فتظاهرت بالبكاء وانكفأت على قدمه أقبلها ورشقته بكل عبارات الاستجداء : ( أنا مسكين ، بابا ماما موت ، بيبي كثير ، أنا مسلم ) ولم أتوقف حتى أوحت لي قسمات وجهه بأنني بت في مأمن ٍ عن الخطر عندها نظر اليّ وقال ( لاحوووول يامن شرى له من حلاله علّه .. وش هالنشبة اللي بلشنا بها ) !!
لا قام حظك باع لك واشترى لك
أتاني كفيلي الطيب في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي وقال وجدت لك عملاً يانور الدين !! وأخذني إلى ( بقالته ) وأصبحت المسؤول عنه وبعد عملي لمدة شهرين تعرّفت على الكثير من أبناء جلدتي واستفدت من خبرتهم وأهم م استفدته أن الجو هنا مهيأ جداً للفساد فالمواطنين ( ساذجين ) و الجوازات متكلة على الشرطة ، والشرطة ما تتـنزّل لنا ومشغولة في مطاردة الارهابيين ولم يدر بخلدها أن البنقالي الواحد ( ألعن ) من عشرة ارهابيين والهيئة منشغلة في مطاردة بعض الشباب السعودي الصايع الذي يتسكع عند الأسواق والعياذ بالله !! المهم إني ارتحت وبديت ( أفلها ) ..
وابتدأ المشوار
لم أجد أية مشقة في البحث عن ( خليلات ) أبادلهن الحب والغرام ، حيث أن بعض الخادمات يترددن على ( البقالة ) والبعض الآخر منهن يفتحن َ لي الباب عندما أوصل الطلبات إلى المنازل ، وكنت أتحرّش بهن باستمرار ، وأول من وقعت في ( حبائل ) غرامي خادمة سيرلانكية تشبه إلى حد كبير كونداليزا رايس ولكني ( لم أوفرها ) تطبيقـاً للمثل السعودي ( تعبّر بأم شوشة الين تجيك المنقوشة ) ، وبعد بضعة أسابيع أتت المنقوشة حيث دخلت علي خادمة اندونيسية طاغية الجمال ، كانت تعمل لدى إمرأة كبيرة في السن تخلى عنها أولادها وتركوها لوحدها في المنزل ولا يأتونها إلا مرة ً في الشهر ، وأصبحت ألاطفها حتى ارتاحت لي ودعتني إلى غرفتها العامرة وصرنا كل ليلة نحيي فيها الأفراح والليالي الملاح ، بعد أن تأخذ العجوز المسكينة مضجعها ، والتي لا نخشى من معرفتها بن فهي عاجزة عن صعود الدرج فركبتاها تؤلمانها كسائر العجائز في السعوديه ، وبعد أن قضيت منها وطري قمت بتصويرها وتهديدها إن لم ترضخ لي وتوافق على أن تضاجع من أحضره لها من الأصدقاء فأصبحت آخذ من بعض أصدقائي المال وأحضرهم إليه كل نهاية أسبوع !! ثم وسعت علاقاتي مع ( صبايا اندونيسيا ) وأصبحت أمتلك شبكة دعارة محترمة تدرّ عليّ عشرة آلاف ريال شهرياً ولكنني لم أقتنع بهذا الدخل التافه وحاولت زيادته بكل ما أوتيت من خسة ودناءة .. وهذا ما حصل !!
نور الدين .. يزبن الدين
لاحظت أن المسجد المجاور لنا لا يقوم أحد على خدمته فصرت أذهب إليه بعد الأذان مباشرة ( بدون وضوء طبعاً ) وأتظاهر أمام المؤذن وبعض المصلين بأنني أنظفه وأعتني به ، حتى أتاني المؤذن ذات يوم وعرض علي القيام بتنظيفه مقابل مبلغ وقدره 500 ريال ووافقت فوراًَ بحجة أن خدمة بيت الله شرَف وكدت أن أقول له أنني ل أريد إلا الأجر من التنظيف ولن آخذ أي مقابل ولكنني خشيت أن يوافق ويقول : جزاك الله خيراً وبارك فيك !
وبعد مدة لاحظت أن بعض الأشخاص قد أوجس في نفسه خيفة مني وأصبح يشك في أخلاقياتي ، فنمت لي فكرة جهنمية ستطرد جميع الشكوك وتزيد من دخلي كذلك !! وقرّرت أن ارتدي الشماغ وأعفي اللحية ، وأطيل مكوثي في المسجد بعد الصلاة !! وبعد أسابيع من هذه الحيلة ازداد احترام الناس لي و تضاعفت ثقتهم بي وتغيّر اسمي كذلك حيث أصبحوا يسمونني الشيخ نور الدين ، وأتى اليوم الموعود حيث جاءني المؤذن وقال إنه ترقى إلى الدمام ويريدني أن أخلفه في ( الأذان ) مؤقتاً على أن يعطيني 1000 ريال شهرياً ، ووافقت على الفور بحجة الأجر العظيم الذي ينتظر المؤذنين يوم القيامة !! فأصبحت أواظب على الأذان كمواظبتي على الذهاب إلى حبيبتي كارتيني و هي خادمة تعمل عند عائلة غنية ولكنها متفككة وكنت أنام عندها في أغلب الليالي حتى أنها كانت توقظني كثيراً بيديها الناعمتين لكي أقوم لأداء أذان الفجر !!
كل ما تطلبه تحت سقف واحد
انتهت إقامتي وتكاثرت رسوم التجديد الـ 600 ريال وسألت أحد أصدقائي ما العمل فدلني على شقة لبعض الإخوة البنقاليين تحتوي على إقامات و جوازات و رخص قيادة وأختام لجميع الشركات والمؤسسات والإدارات الحكومية وذهبت لهم وجددوا الإقامة لي بمئة ريال بكل سرعة ويسر وسهولة ( وآمل أن تستفيد الجوازات من سرعتهم واحترامهم للمراجعين )، وعندما هممت بالانصراف قالوا لي هل تريد جواز أمريكي فأجبت بالنفي فلَم أجنّ بعد لأتخلى عن الجنسية البنقالية التي تحظى بالحصانة هنا فلا يستطيع كائن من كان أن يمسّك بأذى مهما عملت ومهما فعلت ، وإن القي القبض عليك فستخرج في الغد مثل الشعرة من العجينة !! ثم عرضوا علي شهادة البكالوريوس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الملك سعود ، فقلت لهم لست غبياً لآخذه ، أم تريدونني أن أصبح عاطلاً عن العمل مثل الكثير من الشباب السعودي !! ضحكوا ثم قالوا حسنا ً إذا أردتَ أية خدمة فلا تتردد ، وبعدها سألتهم عن أقرب شقة بنقالية لتمرير المكالمات حيث أني مشتاق لوالدتي كثيراً وأريد سماع صوتها !! وصفوا لي إحدى الشقق القريبة وودعتهم وخرجت !
الصحافة .. أكثر الأشياء .. نخافه
في كل صباح أتصفح الصحف السعودية وكانت تقلقني بعض الأخبار عن بني جنسي ففي كل يوم تنشر جريمة أو فضيحة أو كارثة ، وكأن الصحف لاهم لها الا نحن ( القبض على بنقالي مزوّر ، القبض على بنقالي قوّاد ، القبض على بنقالي يصنع خمور ، القبض على بنقالي يبيع سيديات إباحية ) وكنت أغضب والقي بها !! ماهذا ليس لكم شغل إلا نحن !! حقاً الرازق في السماء والحاسد في الأرض !! وكان أكثر من يغيظني صحفي مفلس اسمه ( مناحي الشيباني ) ترك جميع مشاغلة وتفرّغ لنا ، وأكثر مايخيفني الهيئة ، وأنا بالمناسبة من أشد المطالبين بحلها !! أما أكثر خبر أثر علي وأصابني بالرعب فهو مطالبة الشعب السعودي بطرد العمالة البنقالية وعدم استقدامهم ، ولكنني ولله الحمد اطمأننت ، بعد قراءتي لتصريح أمير البنقاليين هن القنصل هارون الرشيد حفظه الله المنشور في جريدة الحياة حيث أنه نفى جميع ما يشاع عن بني بنقال واتهم الصحفيين السعوديين بمحاولة تشويه سمعتنا الطاهرة ، وأكثر ما أراحني قوله بكل ثقة أنه يوجد في المملكة مليون ونصف عامل بنقالي وان هذا العدد سيتضاعف قريباً !!
بني بنقال
بعد هذا الكلام يحق لي أن أدخل شاعر المليون وأفتخر ( بلابتي البنقالية ) والتي أعتقد أنها ستصوت لي من شققها العامرة في البطحاء بطريقة " تمرير الرسائل " وسنكتسح كل الشعراء وجميع القبائل بهذه القصيدة العصماء :
" حنا بني بنقال " في وقت الأهوال
أفعالنا تروي السيوف الصقيله
ياما حلا "الكونياك " مع سيحة البال "
في شقة ٍ للشكشكة والرذيلة !!
هذا شريف احسان وحسين واقبال
نسهر على انغام الخنا كل ليلة
نسرق ولا نهتم .. نرشي ونحتال
لـ امجادنا في العار قصة طويلة
احرص على اللي ( مبنقل ) العم والخال
وابشر بعز ّ ٍ ماتطوله قبيلة
تبي خمر ؟ تبي عرَق ؟ تبغي هبال
آمر .. طلبك يجاب بأيّة وسيلة
الشيخ نور الدين محمد حنيفة
منقوول للاهمية