إني لأعجب من هؤلاء العميان والعوران والحولان الذين يتخبطون في طريقهم , لا هم ساروا خلف المبصرين , ولا هم عالجوا أعينهم ليدرؤوا الوقوع في الحفر. فسبحان الله ! العالم يئن من كثرة السيارات وازدحامها ودراسة البديل عنها من قطارات وحافلات ليقل الزحام وتخف الحوادث . ونحن ننادي بزيادة أعدادها . فما دام الرجل ذو القوة المكشوف الوجه أراق الدماء فكيف بالمحجبة ؟ أو أن من شروط القيادة نزع الحجاب ؟! سجلت الإحصائيات أن أعلى معدل لحوادث السير في العالم هي في المملكة حيث يموت سبعة أشخاص يومياً . بل اسمع هذا الخبر العجيب : أكدت دراسة بريطانية على مجموعة من النساء السائقات البريطانيات أن 58% يتوفين قبل الأربعين . و 60% منهن يصبن بأمراض نفسية . ولا عجب أن أول من تجرأن على قيادة السيارة في المملكة هلكن في أول أيام قيادتهن كما حدث في الرياض وحائل والجنوب . فهذا أيها القارئ الكريم جانب من جوانب الأسباب التي تدعونا إلى حسن التأمل في العواقب . فكيف بالجوانب الأخرى التي ذكرها أهل العلم والتي على ضوئها أفتى أكابر العلماء بحرمتها . فأنا في هذا المقال لا أناقش مسألة حكم قيادة المرأة للسيارات من ناحية شرعية وواقعية فهذا الأمر قد حسمه العلماء وأصدروا حكمهم بتحريمها .

وإنما أتعجب من هؤلاء الجهلة والمتعالمين المتخبطين بآرائهم وأفكارهم ! هل هان عليهم القول على الله بغير علم ؟ إن كانوا كذلك فليقرؤوا كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين . وإن كانوا يحبون الظهور فلا يجعلوا الدين مطية لهم . وإن كانوا أهل أهواء ومقلدين فليقرؤوا الآية السابعة والستين وما قبلها وما بعدها من سورة الأحزاب , وإن كانوا باحثين عن الحق فليقرؤوا فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رقم 2923 وبيان مفتي عام المملكة سابقاً العلامة ابن باز في فتاواه [ ج3/351 ] وفتوى العلامة محمد بن عثيمين كما في فتاوى علماء البلد الحرام ص556 وفتوى العلامة صالح الفوزان كما في فتواه [ ج3/366 ]. الدالة على تحريم قيادة المرأة للسيارة . وليقرؤوا كتاب حكم قيادة المرأة للسيارة للشيخ عبد الرحمن الشثري . ففي ما ذكرنا من الأدلة الشرعية والعقلية ما يقنع اللبيب . وباجتماع رأي العلماء الراسخين والساسة المحنكين صدر بيان وزارة الداخلية ونصه : فإن وزارة الداخلية توضح للعموم تأكيد منع جميع النساء من قيادة السيارات في المملكة العربية السعودية منعاً باتاً , ومن يخالف هذا المنع سوف يطبق بحقه العقاب الرادع والله الهادي إلى سواء السبيل ( جريدة الجزيرة عدد 6621 ) فما دام هؤلاء الكتاب والصحفيون والإعلاميون وطلاب العلم والمتعالمون لم يبلغوا من العلم الشرعي مبلغ علم العلماء الراسخين المجتهدين , ولم يفهموا أمور الحياة وأبعاد القضايا ما يفهمه الساسة المختصون فلماذا يشغلون أنفسهم ويشغلون غيرهم فيما هم ليسوا أصلاً لمناقشته ولم يكلفوا بدراسته ؟ فخير لهم الأخذ بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه . وليسخروا أقلامهم وأوقاتهم فيما ينفعهم وينفع مجتمعهم مما يحسنون طرقه وطرحه .

إذا لم تستطع شيئاً فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيع



0 وقفة قبل الوداع : قد يتعقبني جاهل ويقول أنت تسخر بمن ابتلاهم الله بالعمى والعور والحول . فأختصر عليه الطريق وأقول : أقصد عمى وعور وحول القلب أما الشيء الخلقي فمعاذ الله أن نسخر بخلق الله . بل هم مأجورون إن صبروا واحتسبوا . يقول صلى الله عليه وسلم : إن الله عزوجل يقول : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ( عينيه ) فصبر عوضته منهما الجنة . قال تعالى : فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

=======================================