«انصر نبيك... و خلينا نسترزق»
الأحد, 07 يونيو 2009
بقلم
عبد العزيز السويد
ليس هناك أبشع من استغلال العاطفة الدينية، والمال يتربع دائماً على رأس اهتمامات من يستغل الدين. ميزة المال أنه «يجيب كلش»، وإذا كانت شريحة الذين لا تنطلي عليهم أساليب استغلال العاطفة الدينية في ازدياد، فإن الغالبية من الناس باقية على بساطتها وطيبتها، تصدق ما تسمع أو تقرأ، خصوصاً عندما يأتي الأمر من باب الدين، ونصرة النبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
أساليب استغلال العـــاطفة الدينــــية تجاوزت طراوة اللسان وشكل الهندام، إذ مكّنت تقنيات الاتصال من التخفي، فلم يعد صاحب الاستغلال مضطراً للظهور، منها رســـالة جوال ترســـل من «الباحثين عن الثراء» الذين يطلق عليهم «مشغلون»، تصل الرسالة إلى هاتفك من دون استـــئذان، مطالبة بنصرة نبيك مع ربح ألف ريال، ونص الرسالة كالآتي: «كن سعـــيد الحظ واربح ألف ريال مباشــرة فقط، أرسل كلمة انصر نبيك على...».
ولا تشير الرسالة إلى الجهة المرسلة، وهو ما تستمر شركات الاتصال في حجبه عنا، كما أن الرسالة لا تتطرق إلى كيفية الفوز مع محاذير شرعية معروفة، كل هذا مغفل ومحجوب يضمه إطار من استغلال بشع للعاطفة الدينية، انه نموذج من البثور المتلبسة بالدين التي ابتلينا بها.
وعندما يقرأ المستقبل الرسالة، سيُخيّل إليه أن الربح مضمون، ولا يحتاج سوى رسالة بقيمة خمسة ريالات، في مقابل حصوله على ألف ريال، لكن بعض المهتمين قالوا لي ان عبارة: «كن سعيد الحظ» هي خط رجعة سيستخدمها المحامي، فيقال لك لم تكن سعيد الحظ، والغرض من التغلغل في أعماق النص هو محاولة تشريح وسائل النصب «المسموح بها».
أموال الرسائل تقســم على أطراف بمـــعادلة مــــعروفة، لذلك فإن كل طرف مسؤول عن تلك الرسالة، وأرى أن في ذلك النص التزاماً بدفـــع ألـــف ريال لكل من أرسل العبارة، والعدل أن يلزم كل طرف حصل على جزء من قيمة الرسالة، بدفع ما يخصه من نسبة الألف ريال لكل مرسل، أرى أن هذا من العدل، وفيه رادع نوعي أكثر من غيره من كتابة التعهدات أو الغرامات، التي تذهب لبيت مال جهات لم تقم بواجباتها، من دون استفادة أو تعويض من نصب عليه باســـم «انصر نبيك».
حتى الآن لا توجد رقابة حقيقية على نصوص الرسائل التي تصل من دون استئذان، لهذا وصلنا إلى استغلال «انصر نبيك»، وهو من مسؤوليات الجهة المراقبة (هيئة الاتصالات)، وليس من العدل أن ترسل لك جهة مجهولة لا تعرف عنها شيئاً، اقلها ان تجبر على وضع اسمها تحت كل رسالة، أما أن تمتلك شركات الاتصالات معلوماتنا الخاصة وتبيعها الى من شاءت، ثم تقول إنهم اخلوا بالتعهدات فهي الفوضى بعينها. الجميل في هذه القضية أنها حركت غيورين يعملون عليها، فالشكر والتقدير لهم.
www.asuwayed.com