وهم ابتزاز الفتيات.. نعم "للمواجهة".. وألف "لا" للمبالغة!
الطائف: ساعد الثبيتي
عندما فتحت "الوطن" ملف "وهم ابتزاز الفتيات" في عددها الصادر الأحد الثالث من مايو الحالي، كنا ندرك أن "تفاعلا سريعا" من قطاعات نسائية عديدة في المجتمع سيحدث مع هذه القضية، لكننا لم نكن نتوقع أن يكون بهذا الحجم، والتنوع، والإجماع أيضا.
أكاديميات وتربويات وسيدات مجتمع أكدن رفضهن الإساءة للفتاة السعودية بترويج ما اعتبرنه "قصصا مختلقة" تصفها بالسلبية، وتتهمها بالسذاجة، وتجعلها مقصدا للاستغلال من بعض الشباب.
وشدّدن على ضرورة مواجهة الأمور بحقائقها دون تضخيم، أو مبالغة، أو تهويل. وطالبن بالتوقف عن الترويج لتلك الحكايات "الغريبة" التي تسيء للمرأة، وتدين الأسرة، وتتهم مناهج التعليم وأساليب الدعوة بالخلل، والعجز عن تحقيق أهدافها في تحصين الشباب، وحماية المجتمع من مظاهر الانحراف.
وأكدن أن الفتاة السعودية ستظل رمزا مشرفا للعفة، والمنعة، وأكثر قدرة على ضبط النفس، واتخاذ الوسائل المشروعة لتحقيق الرغبات والأهداف.
وطالبن بتنظيم حملات توعية بالمدارس والجامعات لتحذير الفتيات وحمايتهن من محاولات الإضرار بهن. وقلن: إن فتياتنا بخير، وواجبنا إبراز النماذج الرائدة للمرأة السعودية على جميع المستويات في مواجهة محاولات الإساءة إليها بقصص مختلقة.
وأشرن إلى أن الفتيات معرضات للابتزاز والاستغلال في كل مجتمع، وحذّرن من أن تعميم الحالات الفردية المحدودة يضر الجميع.
الأكاديميات والتربويات وسيدات المجتمع أطلقن رسالة لكل من يعنيه الأمر قطعن فيها على أنفسهن عهدا: "لن نرضى أبدا بتشويه صورة الفتاة السعودية بمثل هذه القصص المختلقة".
وهمسن في آذان الفتيات: لن يتمكن أحد من تشويه صورة الفتاة السعودية مادامت مدركة لقيم الدين، ومقدرة لذاتها، ومتمسكة بهويتها الدينية والوطنية.
و"الوطن" تعيد فتح الملف، لنتوقف أمام عدد جديد من آراء المرأة السعودية في هذه القضية، واقتراحاتها لمعالجتها. بداية.. تقول الدكتورة سلوى عبد الحميد الخطيب الأكاديمية بقسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود: سمعنا عن ظاهرة ابتزاز الفتيات، وتم عرض عدة حالات عبر "الإنترنت" لتوضيح دور بعض الأجهزة في حماية الفتيات من ابتزاز بعض الشباب. وتضيف أن نقص المعلومات يُعدّ من أكبر المشكلات التي نعاني منها في مجتمعنا، مشيرة إلى أهمية معرفة الحجم الحقيقي للظاهرة لمناقشتها بموضوعية.
وتتساءل: هل أصبحت ظاهرة عامة في المجتمع؟ أم أن البعض يُضخمها لتعزيز دوره؟ وهل يفيد النشر في تحذير الفتيات من الانجراف وراء وعود الشباب؟.
وتجيب عن تساؤلها قائلة: أعتقد أن المشكلة ليست بالشكل الذي تبدو فيه، لافتة إلى أن الحل ليس في المبالغة والتضخيم، فالمطلوب من أي جهاز رسمي هو ذكر الحقائق دون زيادات.
وتُحذّر من أن المبالغة ستجعل الناس يفقدون الثقة في الجهاز من جهة، وستحطم صورة الفتاة في المجتمع ، والتي هي سلبية ومهزوزة في أذهان البعض، من جهة أخرى.
احترام المرأة
توضح الدكتورة سلوى أن ترويج الشائعات يدعم الصورة النمطية السلبية عن الفتاة، فتبدو ضعيفة ساذجة يسهل خداعها وابتزازها.
وتقول: إذا كان ما يذكر حقيقة فهذه مصيبة، ولن تُلام الفتاة وحدها، فنحن جميعا ملامون، لأن ذلك يكشف عن خلل في المؤسسة الأسرية، فنحن كأولياء أمور عجزنا عن أن نربي أبناءنا وبناتنا تربية سليمة.
وتجزم بأن الوالدين لو أحسنوا تنشئة أبنائهم، وغرسوا فيهم مخافة الله، وعلّموهم احترام المرأة لما تجرأ أحد منهم على استغلال الفتاة والتشهير بها، لأنها أمه، وأخته، وعمته، وخالته.. ولو أنهم ربوا ابنتهم على احترام الذات لما عَرَضت نفسها كسلعة رخيصة للشاب لتكسب رضاه.
وتشير إلى أن هناك خللا في المناهج الدراسية، فرغم أن المواد الدينية تشكل 60% من المقررات الدراسية لدينا، إلا أنها لم تردع أبناءنا عن مثل هذه السلوكيات اللاأخلاقية. تضيف أنه لا يجوز أن تركز مناهجنا الدراسية على القشور وتغفل الجوهر، فلا بد أن يعي النشء أن الدين المعاملة، وأن كلاً منا مأمور بأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن التقوى أن تخاف الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وتتساءل: كيف يدرس الطالب والطالبة كل هذه المناهج الدينية منذ الصف الأول الابتدائي حتى الجامعة، ثم يقوم أحدهما أو كلاهما بتلك الممارسات الخاطئة؟.
إعادة نظر
وتقول الدكتورة سلوى: أرجو ألا تُغضب صراحتي أحدا، فرغم المظاهر الدينية السائدة في مجتمعنا من إغلاق المحلات وقت الصلاة، والوجود المكثف لرجال الهيئة في كل مكان إلا أن بعضهم عجز عن أن يأمر الناس بالمعروف كما يجب، وأن ينهى عن المنكر كما هو مطلوب، الأمر الذي يجعلنا ندعوهم إلى إعادة النظر في أسلوبهم، وطريقة تعاملهم مع الناس.
وتوضح أن الأمر بالمعروف لا يكون بالشدة، وإنما بالمعاملة الحسنة، وعلينا أن نتذكر دائما قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ". وتشير إلى أن الإعلام بوسائله المختلفة مسؤول عن وجود مثل هذه الظاهرة، فرغم البرامج الدينية المكثفة إلا أنها عجزت عن توعية أبنائنا وبناتنا بضرورة احترام بعضهم البعض ، فمازالت نظرة البعض للمرأة في مجتمعنا "جنسية" فقط ، ولا ينظر إليها كمخلوق عاقل، أو كمسؤولة، أو كقيادية.
وتقول: إن المرأة في الدول الخليجية المجاورة تعمل في كل المجالات، ولا تتعرض لمثل هذا الابتزاز الذي تعاني منه في مجتمعنا.
قصص مختلقة
أما سوزان اسكندر مدربة التصوير الفوتوغرافي فتحذر من أن إظهار الفتاة السعودية بهذه الصورة يعكس انطباعات سلبية عن الفتيات السعوديات لدى المجتمعات الأخرى.
وتشير إلى أنها بحكم عملها تتعامل مع أطياف شتى من الفتيات والسيدات بمختلف ثقافاتهن، ومستوياتهن العلمية، حيث لمست فيهن قدرا كبيرا من الوعي.
وتجزم بأن الفتاة السعودية ليست بالسلبية التي صورتها بها بعض الجهات، وجعلت منها "ساذجة" يسهل استغلالها.
تضيف أنه لو حدثت حالات ابتزاز محدودة فلا يصح تعميمها على المجتمع كله.
حماية الفتاة
أما آمنة بخاري المشرفة التربوية بمكتب التربية والتعليم بالروابي بالرياض فتؤكد أن نظرة المجتمعات للفتاة السعودية تتأثر بمثل هذه القصص، و لكنها لا تتغير، لأن الفتاة السعودية مثلها مثل سـائر الفتيات في كل المجتمعـات تتأثر وتؤثـر.
وتلفت إلى أهمية الوعي بكيفية حمـاية الفتاة السعودية على وجه الخصوص، والفتاة المسلمة على وجه العموم من الاستغلال والابتزاز. وتشير إلى أن المطلوب هو نشـر الحقائق بصورتهـا الصحيحة، وكيفية علاج المشكلات، ومعرفة طرق الوقاية من المخاطر الاجتماعية.