لعلّ من نافلة القول أن الكائن إن لم تكن له فاعلية فلا أثر له، وهذا ينطبق على كل ما هو قائم في المجتمعات الإنسانية.
وقد توالت أحداث أجمعت -في تصوّري- على أن وزارة التجارة بوضعها الحالي لا يفيد المواطن (المستهلك) شيئًا.
مع ما وقع من أمور، وما عاينه كاتب هذه السطور، تدور هذه الرؤى:
* نشرت “عكاظ” وعبر صفحتها الأولى (7 مراقبين على مليون محل تجاري)، وكم كان ذلك مثيرًا للدهشة، وباعثًا على التعجب، ذلك أن مدينة بحجم مدينة جدة باتّساعها الأفقي ومركزها التجاري يفترض أن يكون فيها عشرات أضعاف هذا العدد، ما يوحي بأن الوزارة غائبة عن المشهد.
* وقع في نفس اليوم أن عاين كاتب هذه السطور تلاعب إحدى الشركات الكبرى بعملائها؛ فقد وزّعت دعاية لها تفيد بوجود تخفيضات على منتجاتها، وعند الذهاب إليها (بعد توزيع الدعاية بثلاثة أيام) فوجئ بان الأسعار لم تتغيّر بحجة أنها لم تدخل النظام بعد؟
* بعد الاتصال بأحد كبار المسؤولين في وزارة التجارة وإخباره بالأمر، كانت المفاجأة أكبر؛ فقد ذكر المسؤول أن النظام لا يخوّل الوزارة فعل أي شيء تجاه هذا التلاعب، وعدم الالتزام؟ فقوبل هذا الكلام بسؤال: ومَن ينصف المواطن إذًا؟ فكان الرد العجيب: الله!!
* مثل هذه الحادثة تثبت -دون أدنى شك- الدور الباهت للوزارة في حماية المواطن، وعدم جديتها في القيام بأبسط أدوارها؛ وهو ضبط الأسواق، وإنصاف المواطن والمقيم من العبث القائم، ويبدو أن الشركات والمؤسسات وغيرها قد خلا لها الجو، فباتت تفعل ما تشاء في ظل عدم وجود الرقيب والحسيب.
*
يزعم القائمون على الوزارة أن هناك أنظمة لمكافحة الغش التجاري، وحماية المستهلك، لكنها -فيما يبدو- غير مفعّلة، ما يبرز التساؤل عن قيمة وجود تلك الأنظمة؟
* يبدو أن مسألة الأمن الغذائي لم تدخل في اهتمام الوزارة، وما حدث من زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية يثبت أن المسألة متروكة وبشكل كامل لهوى التجار وأمزجتهم.
* لا يمكن لأحد أن يتصوّر أن عدد المراقبين في المملكة عمومًا هو في حدود 200 مراقب (بحسب مصادر مطلعة)، في حين أن العدد في الكويت (على الرغم من صغر مساحتها) يصل 5000مراقب!
*
لا تملك الوزارة صلاحية إغلاق المحلات مباشرة، بينما مراقبو البلديات يملكون تلك الصلاحية، وهذه مفارقة عجيبة! فالجهة الأولى المعنية بالتجارة تقف مكتوفة الأيدي أمام أي مخالفة في أي موقع تجاري.
* الآلات والكادر البشري للوزارة أقل بكثير ممّا هو مفترض، ولو بالنسب الدنيا، فلا دوريات ولا رقم (ثلاثي) للطوارئ، وهو ما يدفعنا للتساؤل: هل يمكن القيام بأي مهام في ظل الوضع القائم؟
* في تصوّري أن الأسطوانة المشروخة التي نسمعها دائمًا، والتي تقول إن النظام التجاري لدينا يعتمد على مبدأ الاقتصاد الحر، فتحت الباب على مصراعيه للجشعين، وذوي الذمم الضعيفة ليتلاعبوا في الأسعار متى شاءوا، وكيفما أرادوا، ليبقى التساؤل قائمًا: أين دور الوزارة؟
* طالب البعض باستحداث وزارة للتموين، أو إنشاء وزارة مختصة بالتجارة الداخلية، بحيث تلحق الحالية بوزارة الخارجية لتكون مسؤولة فقط عن التجارة الخارجية، وحينها تنضبط الأمور التجارية في مجتمعنا.
إن الطموح هو رؤية أسواق منضبطة تشرف عليها وزارة ذات إمكانيات كبيرة، ونظام حازم يضمن للجميع حقوقهم، ويتصدى لكافة أنواع الغش والتدليس، وحينها يهنأ الجميع في ظلها، فهل يتحقق ذلك؟
http://al-madina.com/node/143822