شاطئ: إن السماء لا تمطر وظائف حكومية (غ. القصيبي)
طرطشة:
على إكبارنا للشابين الشهمين سيف الشمري ورشيد الهمزاني اللذين قدما عملا بطوليا عندما أنقذا امرأة جرفت السيول سيارة زوجها في حائل الثلاثاء الفائت، إلا أنه في نهاية الأمر عمل لا يستغرب على النسق السعودي المجبول على الشهامة والنخوة المدفوع لها بجوارح أبناء الصحراء الذين تعلموا من قسوتها الحنان ومن عقوقها البر ومن جفافها الإمطار، فكل الشباب السعوديين رشداء وكلهم سيوف بشهامتهم ونخوتهم وشجاعتهم وحتى ملفاتهم (العلاقية المعلقة) لحين مطر.
شباب الوطن حملة الملفات الخضراء المنتظرون منذ عام الوجع لفرص عمل في وطن يأتيه الوافدون رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق والمتأملون في النهل من معينه بأعداد لا تكاد تحصر في موانئ الوطن الجوية والبحرية والبرية، النظامية وغير النظامية. وكلهم ما كانوا ليأتوا لو لم تمطر السماء لهم وعودا لا يحنث بها الوطن ولا مسؤولوه ولا مواطنوه، حيث يلمسون غيم الوطن بأيديهم وهم على فرشهم في أوطانهم، ويجدون الوطن يمد لهم أيادي السحاب ومطر الوطن يغمرهم ويغمر أوطانهم بالربيع والنماء.
وسماؤنا الحبيبة لا يستطيع شبابها (الراشد/الرشيد) أن يروا إلا الرياح الترابية التي تعمي العيون وتكتم الأنفاس وإن طال انتظارهم.
والحق إن كانت الحكومة ليس من مهامها التوظيف فإن من صميم مهامها تقنين العمل وفرض أنظمته ولوائحه على القطاع الخاص الذي يعبث بشباب الوطن عبث الهوامير بالأسهم رغم أنهم مدينون للحكومة بإقراضهم الملايين دون فوائد (ليتهومروا أكثر) بل وإعانتهم بالملايين (كالحاصل في المدارس الأهلية مثلا) دون أن يفرض عليهم توظيف السعوديين – دون تدخل شفاعات تعفيهم من تبعات تقارير السعودة السلبية والتي يضمنون بها صرف إعانة الدولة ويعفون بذات الوقت من القيام بأي دور تجاه الوطن وشبابه.
رشيد الهمزاني كان قد تقدم لوظيفة في الدفاع المدني، لكن الدفاع المدني لم يملك إجازته للعمل إلا بعد أن رمى بنفسه في معركة مع الموت لإنقاذ المواطنين، مما دعا مسؤول الدفاع المدني يصرح لغير جهة إعلامية بأن رشيدا سيستلم وظيفته حيث أثبت بموقفه صلاحيته للعمل الدفاعي المدني، وكأن القدر شاء أن يجتاز المقابلة الشخصية مع الخطر لترحب به الوظيفة، والحق أن كل من رشيد وسيف أهل للوظيفة ومبارك لهما وعليهما، لكن كم تبلغ وظائف الدفاع المدني وغيره من الدوائر الحكومية التي ينتظرها ذوو الملفات الخضراء (المصفرة) – انتظارا وإحباطا وقلقا - ولا يلزمهم ليحصلوا عليها إلا أن يرمي أحدهم بنفسه في أتون حريق أو خضم فيضان أو حفرة زلزال؟
نجزم بأن ما لا يقل عن 80% على الأقل من شبابنا منتظري الوظائف لو كانوا مكان رشيد وسيف لفعلوا مثل ما فعلا، فما العمل؟
قصة رشيد وسيف تتقاطع بشكل درامي مع مقولة معالي وزير العمل: الذي ينتظر السماء لتمطر وظائف حكومية سينتظر طويلا! لقد أمطرت يا معالي الوزير (وجابها المطر).
مغادرة:
السماء تمطر وظائف حكومية بلا شك، ووطننا الذي نتغنى به لا بد أنه يصنع المستقبل لأبنائه.
لولو الحبيشي
المصدر