سيّارة .. سوبرمان أو فان تحمل كافة أفراد الأسرة دُفعـة واحــدة بدون ذهاب وعودة اعتادها الوالد حين يكون هناك طعام وليمة أو مناسبة ترغم ظروفها ومغبّتها أن يصحبنا معه جميعا ... فكم هومحزن أو مخجل (لاأدري)! حين َ تعبر أنت وبعض أفراد أسرتك من أمام مجموعة من أصدقاءك في الشارع والحارة ويرمقونك وأنت وسط الزحام وفي سيارة الأهل الرئيسة ـ ذات الغمارتين ـ وتدفع رقبتك وتميل برأسك من بين تلك الأكتاف وتبتسم لهم ابتسامة صفراء .. يعني وكأن لاشيء تخجل منه أو تتمنى ألا تُبديه وعنهم تخفيه .. ...
ملابس .. كما يلبس ويُبادل بين ملابسه من هـُم في مثل سـِنـنـا ، الثوب حـُلمي أن أفصـّل وأخيّط حسب رغبتي وبمزاجي كما يصنع زملائي في المدرسة .. يتبادلون الخبرات ولربّما السُخريات! أنت يافلان الثوب السعودي لايُناسبك والسـّادة أليق ُ بك ، والأزار والرقبة القلاّب حلو عليك وأنا لو كنت في أحسن حالاتي الدفــّة أو ثوب السفيــر ! وكذا الحال مع ملابسي الرياضيّة البالية والتي تمزق منها موضع ُ الركبتين والمرفقين إثر السقوط والركض خلف الكُرة .. زملائي يلعبون ويقفزون ولايحسبون لأي شيء .. وأنا الوحيد الذي أمتنع عـن الأداء في حالات ٍ كثيرة لالشيء إلا لأنني لاأملك سِـوى ما أرتديه .. ولأن السماء لو أطبقت على الأرض فلن أتحصّل على غيرها إلا في نهاية ِ عام وبداية ِ عام ٍ جديد وقد لايكون في ذات المستوى أما الطموح فلم يخلق لأجلي !
الطعام والزاد .. كثيرا ماكنت ُ أسمع الوالدة تهمس للوالد على مسمع ٍ منّي وأورّي وأشغل ُ نفسي وكأني لم أسمع شيء ! أن الرُز أو طعام البُر قد خلّص وانتهى .. ثم يَفتح الوالد باب أمل .. وهل تأكدتي من الكيس ذا اللون الفلاني في المكان الفلاني؟ ثم يأتي جواب والدتي علي ّ كالصاعقة فماذا عن أبي !؟ ، نعم نعم .. وبإجابتها القاطعـة تُجهز على بواقي ماء وجهه وأعرف ُ هذا منه ..... بجوارنا صاحب مخبز تميس ـ ملاصق لمنزلنا ومع هذا كان الوالد يأخذ منه 9 أرغفة يقترضها ويجعلها فوق خزانة غرفته وإذا جاء وقت الافطار يُنزل منها 3 أرغفة نجتمع عليها ويبقى ستة مثلها للغداء والعشاء ........ عرفت حينها فقط أن والدي كان يخجل من التردد على صاحب المخبز والجوع ُ كافر !
الكهرباء والغاز .. أسأل الله العلي ّ العظيم ألا يُعيدها من أيّام ! كان والدي يتصنّع الشدّة والغلظة! مع أنه عكس هذا تماما ً ولم تكن راكبة عليه! يجمع الأولاد في غرفة واحدة وكان عددُنا ( 10 ) شباب في غرفة4X4 من أجل فاتورة الكهرباء والمكيف واحد فقط .. ! أمّا الأخوات فكان بهـِن أرحم وهـُن أغلب إلا أنهـُن أرق ُ وأشفق!
فكان يستقبلهـُن في غرفته الخاصّة مع الوالدة ! والحـَر ُ شديد والفقر مُدقع !
أمّا الغاز .. فالحق يجب أن يُقال ! كان من أسهل مايواجهنا عند نفاده ، لا لأنه هيـّن يُمكن ُ الاستغناء عنه ! ولكن كان البديل جاهز وهو جمع مايُمكن جمعه من الأخشاب والكراتين وما أكثرها في الشارع والحارة !! نضرم النار في فناء المنزل وكانت براءة الاطفال توحي لنا أن هذا شيء جميل وضرب ٌ من التجديد وكأننا في نُزهه وكانت الوالدة تحفر لتضع قدورها وصاجها الذي تخبز عليه ، وعيني في عينها وإذ بها تبكي بدون صوت ........يالبّى قلبك يا أمّي !!
ياأخي .. مع هذا وهذا نحن ُ أفضل ُ حال من الكثير .. لأننا في خضم تلك الظروف شاهدنا وسمعننا من أبناء الجيران
مـَن يتردّى حاله بسبب الجوع والبرد فإن لم تتخظفه المنون وإلا صار مجنون ! إثر الحُمّى والأوباء .
وتناقل الناس وشباب الحارة وما أدراك عن مجالس الحارة !؟ أن فلانه بنت َ فلان
آل فلاني فجـَرت من أجل حِفـنة من الريالات أو دفع أجارات أو تسديد مديونات !
وفي جميع الحالات .. الجوع ُ كافر ياعباد َ الله !
لاحظنا تحسّن حال بعض الأسر والبيوت ! وشاهدنا (بوتات وترنقات) رياضيّة على أبناءهم ! وعند السؤال
والاحتكاك بالعَسس وجدناها إثر سرقات قاموا بها في ظلمة ِ الليل والنفس ُ داعية ٌ إلى العصيان ِ ... !!
أيّها السّادة والسيّدات !
أبعـد َ هذا تنقـِمون َ وتسخـرون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون !؟ أن بزغ لإخوانكم نجم المكائن وقبلها وقبلها !
وفي كل حين ٍ وحين ْ سيأتي مايشيب ُ منه ُ
مفرق الشاب أو يبلغ فيه الدّم الرُكب فالدم ُ الدم ْ والهدم ُ الهدم ْ ...
فإمّا حياة ٌ تسر ُ الصديق .......................
.......................... وإمّا ممات ٌ يغيظ العـِدى
الله الله ، بأقل الخسائر ! لا أرانا الله وإيّاكم مانكره .!؟