ساندوتش في الرياض!
هاقد جاء زمان ياولدي أصبح فيه العثور على ساندوتش جبنة بعد منتصف الليل أصعب من العثور على الزئبق الأحمر وشراء علبة عصير برتقال أخطر من شراء اليورانيوم المخصب، لم يعد في الرياض مكان بعد الثانية عشرة ليلا يسد رمق الجائع ويسكت عصافير البطن التي تحولت إلى نسور حائمة تفترس الأمعاء الخاوية.
ليس أمام الموظفين العائدين من وردياتهم الليلية أو العاطلين الذين يتساوى عندهم الليل بالنهار أو الطلبة الذين يسهرون في فترة الامتحانات سوى شد الرحال إلى طريق القصيم شمالا أو طريق الدمام شرقا أو طريق الحجاز غربا بحثا عن فطيرة بائسة أو كبسة باردة وهم يعلمون أن ثمن الوقود الذي أستهلكوه في رحلة الذهاب والإياب أغلى من ثمن الوجبة التي تناولوها على عجالة قبل أن يدخلوا في حلبة السباق المجنونة التي تشارك فيها جميع السيارات العائدة إلى العاصمة.
قد يكون أعضاء مجلس الشورى الذين أوصوا بإغلاق المطاعم والبقالات ينامون باكرا ولكن ليس جميع الناس أعضاء في مجلس الشورى فالبحث في منتصف الليل عن بقالة أو مطعم في مدينة عملاقة يتجاوز عدد سكانها الخمسة ملايين هو أمر مضحك،
كما أن مجلس الشورى سوف يكون مضطرا لمناقشة تزايد حالات الطلاق بعد الواحدة صباحا بسبب رفض الزوجات الطبخ في الثانية صباحا، ولن يجد أصحاب هذا القرار فائدة حقيقية له سوى عودة العلاقات الأخوية بين الجيران لأن الجار سوف يكون مضطرا لمداهنة جاره والتودد إليه تحسبا ليوم يطرق فيه بابه بعد الثانية عشرة ليلا وهو يقول له: (بالله ياجار ماعندكم علبة جبن مثلث ونرجعها لكم بكرة الصباح؟!).
كان من المفترض أن يساهم هذا القرار في تخفيف الحمل على دوريات الأمن العاملة ليلا كي تتفرغ لمتابعة أحوال المدينة ولكن الذي حدث هو العكس حيث انشغلت الدوريات بالبحث عن بقالة لم تغلق أبوابها في الوقت المحدد آو محل فطائر لايزال مفتوحا أو مطعم كبسة يمرر الوجبات لزبائنه من الباب الخلفي!.
لقد ذهب أحد الأشخاص إلى محل فطائر لحظة إغلاقه وتوسل إلى العامل التركي كي يعطيه طلبه لأن لديه ضيوفا جائعين في البيت فطلب منه أن يطفئ أنوار سيارته ثم (يكبس) بالنور بعد خمس دقائق وحين قام بهذه الخطوات العجيبة حضر له العامل التركي وقدم له الفطائر واختفى بسرعة البرق، وحين عاد إلى البيت قال له ضيوفه: (جبت البضاعة)!
الكاتب : خلف الحربي .. المصدر الايميل