مازالت أمريكا تسعى وبكل قواها أن تحرر نفسها من قيود الأزمة الإقتصادية التي تعرضت لها، فحشدت كل الوسائل الإعلامية والتوعوية وحتى السياسية لتقوم بتوعية المواطن الأمريكي بما يحدث.
والدليل الأكبر، المتابع لبرامجهم الشعبية مثا أوبرا ود.فيل، وغيرها من البرامج، لاحظ كيف يقوم الغرب بتحصين مواطنيه ضد الأزمة ابتداء من تحسين الحالة النفسية، وإنتهاءً بتعلم طرق لتقنين المصروفات اليومية ومن أهمها الأكل، تخيل حتى الأكل يتعلم الغرب كيف تبدأ نسائهم بالطبخ عوضاً عن الدليفري أو الطعام الجاهز.
ونحن ما زلنا نطمئن شعبنا أننا بخير، وأننا بعيدون عن الأزمة؟!!
وإن كنا كذلك، فقد حان الوقت بالفعل ليتعلم المواطن السعودي كيف يقنن مصروفاته، وكيف يدخر للغد من أجل تعليم أفضل وحياة افضل، لماذا نعتبر شعب مستهلك بالدرجة الأولى، ونصم آذاننا ونغلق اعيننا عن مجرد محاولة أن نكون شعب يستهلك ليعيش وليس يعيش ليستهلك.
نحن بحاجة أن نوعي أطفالنا، ربات البيوت، ونأسس قاعدة صحيحة لأنفسنا، تعلمنا كيف نستطيع أن نتجاوز أي أزمة قد تحدث في أي حين.
الغريب في الأمر، رغم كل ما يحاول البعض أن يقوم به، من حملات توعوية إلا أنها لا تؤثر إلا بنسب قليلة جداً في المجتمع، وحبذا لو أنها شملت الأغلبية العظمى، لأننا على وشك إنفجار اقتصادي مخزي، سيكون الغني فيه ميسور الحال، وأصحاب الطبقات المتوسطة فقراء!!
نحتاج إلى وعي حقيقي، وفهم عميق لما يدور حولنا، نحتاج أن نوعي ربة البيت بأن طبخها سيكون أوفر لها، وأفضل لأولادها وعائلتها، وأن غسيلها سيكون أفضل من المغاسل.
نحتاج لأن نوعي الأب بأن الجودة لا تعني الأغلى، بل تعني الأفضل، وأن التدخين مقبرة لماله وصحته، وأن أطفاله أولى بكل ما يصرفه ، وأن السياحة في بلدنا أفضل، وأهم شيء أن يتعلم كيف لا يكون هدفاً سهلاً للمستغلين من تجار أو حتى وكلاء سياحة وسفر.
نحتاج أن نوعي الطفل بأهمية الإقتصاد، وأن مصروفه حتى لوكان قليلاً فهو افضل من لاشيء، وأن مالديه أفضل مما لدى الناس، وأنه لن ينقصه شيء إذا لم يكن لديه ما لدى زميله بالمدرسة.
نحتاج أن نعلم الإعلامي أن يغلق فمه عن الكلام التافه، وأن يكف عن برامج المسابقات التي تستنزف أحلام الضعفاء والمغفلين، وأن ينفض عنه جهل التلميع الإعلامي، وأن يقدم برامج حقيقية تمس الناس وهمومهم، أن يساعد على تثقيف المواطن بماله وما عليه، وكيف ينقذ نفسه قبل أن تصل الأزمة إليه.
نحتاج أن يصدق السياسي مع بلده، ويكشف العيوب ويصلحها، لا أن يغطيها على عفنها، وفجأة نجدها استشرت في المجتمع وأكلت الخضر واليابس.
بإختصار، نحتاج لأوبرا عربية مسلمة، تحمل على عاتقها هموم الناس الحقيقية، وليس تلميع ما هو ملمع أصلاً، ونحتاج لدكتور فيل عربي مسلم، يضع يده على الجرح ويعالجه بلا خجل ولا تردد.
لست أحابي أحداً، ولكني أستنكر وبكل أسف غيرة الغربي على أهله، ونحن أولى بهذه الغيرة منه، نحن أولى بالتكاتف والتعاضد لأننا بإختصار مسلمين، واتساءل -ليس إعجاباً بأوبرا أو فيل- إنما حسرة لأنهم يملكون إعلامييون يفعلون أكثر مما يتكلمون، أتساءل فعلاً، لماذا وقف التقليد، وعجز عن تقليد برنامج اوبرا، أو دكتور فيل؟
همسة:
ليتنا نكف عن إخفاء عيوبنا ومشاكلنا، ونواجهها بكل ثقة بغد أفضل، وأعلم أن النعامة لا تدفن رأسها خوفاً، بل تدفنه لتبحث عن قوتها، فليتنا لا ندفن رأسنا لأن قوتنا فوق الأرض وليس تحت الأرض.
محبتي للجميع/ كاتبة سعودية