السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني السعوديين الأعزاء ...أرجو أن يتسع صدركم الرحب لاستقبال مشاركتي دون غضب أو شتم أو إهانة، كما أرجو أن تأخذوا بعين الاعتبار ما سيرد من نقاط بعقلانية وهدوء عرف عنكم:

- أنا لست مقيماً في السعودية، والحقيقة أنني كنت أتمنى أن أقيم بها فقط لأكون قريباً من الحرم النبوي الشريف أو الحرم المكي الشريف، وأنا مقيم في بلد خليجي، لديه نفس توجهكم في توطين أبناء البلد في الوظائف. وبالطبع فأنا احمد الله أنني غير مقيم بالسعودية لأسباب كثيرة جداً انتم تعرفونها، وأظن هذا يرضي الجميع

- على العكس مما يظن البعض، أنا سعيد جداً باتخاذ قرارات السعودة أو توطين أبناء الخليج في وظائف يستحقونها، وعودة المقيمين إلى بلادهم، لأن ذلك يعود بكثير من الفوائد على الجميع، والحقيقة أن هذه فكرة تراود كثير من المقيمين، لماذا؟؟؟

- لأن حياة الغربة ليست سهلة كما تظنون، نعم، أمثالنا اضطروا ليتركوا آباءهم وأمهاتهم، إخوانهم، وأحياناً زوجاتهم وأبنائهم، هل تظنون السبب في ذلك مجرد الطمع؟؟ السياحة والنزهة؟؟ التخريب على السعوديين؟؟ طبعاً لأ؟ أخرجهم الجوع والحاجة لمسكن أو شقة بسيطة في بلدانهم، أو مصروف شهري يكفي لسد حاجات أسرة يزيد عدد أفرادها عن عشرة في بعض الأحيان، مشروع متواضع يدر ربحاً بسيطاً يضمن لهذا المقيم كرامة امتهنت في بلده كما امتهنت في بلدكم الكريم. كيف؟

- لأن في بلدي الأصلي مقيمين عرب وأجانب، فانا أعرف تماماً كيف ينظر المواطنون إلى المقيمين (العرب بالذات)، إخواني بالله كونوا صريحين مع أنفسكم وليس معي: هل يضيع حق المقيم في مخافر الشرطة أم لا؟ هل يستطيع المقيم رد الشتيمة على بلدك عندما تغضب منه وتقول له: أبوك على أبو بلدك؟ في حين يحظر على المقيم الزواج من سعودية هل يمنع السعودي من الزواج بأي امرأة اشتهتها عيناه؟

- المقيم مثلك تماماً أخي السعودي، يقف في طوابير طويلة لكل شيء يريده، ينازع منازعة شديدة لإنهاء أوراقه الرسمية، يبقى جسده الميت في الثلاجة 5 أسابيع حتى يتم الانتهاء من أوراق إثبات حالة الوفاة، قبل أن يأتي أحد الأقارب لدفنه، ليس كل مقيم في بلدك يعيش في فيلا وله بدل سكن وبدل طيران وغيره، بل هناك عشرات يعيشون في بيت واحد، وهناك من لا يجد ما يبعثه لأهله بعد أن أصبحت تكاليف الحياة تلتهم كل الراتب، ووجد نفسه عالقاً في بلد ليس له فيها إلا الله، أما إذا كنت تظن أن المدير أو الشركة التي يعمل بها تتبناه وتعامله كابن لها فتأكد أن تلك هي نكتة العام، والله إن الشركة تخلع الموظفين (وبالذات من لا ظهر له كما يخلع النعل وأنتم بكرامة)

- المقيمون عاشوا في بلادكم على غير راحة كما تظنون، لم يكونوا يأكلوا ويشربوا ويتغوطون في الطرقات في حين كانت البلاد تبنى على أيدي السحرة والجان، على العكس كانوا يشتغلون في الحر الشديد، وفي ساعات عمل طويلة، وظروف عمل مزعجة ومقيتة، هم وضعوا أسس عمل، وعمروا أشياء كثيرة، هم كنسوا الشوراع، وأرضعوا الأطفال، هم استوردوا، وهم أسسوا مصانع وأداروها، وهم كانوا أول من انتج للخارج منتجات غير النفط، كل هذا حدث في فترة السبيعينيات والثمانينيات، ولم يشتك أي شخص من الأخوة السعوديين؟ لماذا؟

- لأن الحال كان عال، والمال ينشال بالشوال، والوضع الاقتصادي مزدهر ولله الحمد، ولم تكن هناك حاجة للعمل أو بذل أدنى جهد، ووالله هذا ليس حسداً، وأعوذ بالله من الحسد، ولكن حقيقة يجب أن تأخذ مكانها، فعندما كانت الوظائف متوافرة والرواتب مجزية، عزف كثير من الأخوة السعوديين عن العمل بها، وفضلوا التجارة أو امتهان السفر أو سباقات السيارات أوغير ذلك. هل كان يقبل أي أخ سعودي أن يعمل بائعاً في وكالة سيارات في فترة الثمانينات؟ مندوب مبيعات على سيارة؟ محاسب في شركة متواضعة؟ مراقب عمال؟ طبعاً لأ، لأن البدائل الوحيدة يجب أن يكون قبلها كلمة (مدير) بخط رقعة كبير، وكرسي يدور كالسرير.

- هل المقيمين هم السبب في أزمة العمل التي تواجهونها الآن؟ إن كانوا هم فها هم دونكم اطردوهم، وإن كانوا كبراءكم فلا داعي لتمزيق هؤلاء المساكين بكلمات كالسكاكين. المشكلة التي نواجهها نحن كعرب أننا إذا لم نستطع قتل الخيال قتلنا خيله، ونسينا ان الخيل تسير بما يأمرها الخيال.

- لطالما كان العلم آخر ما يبحث عنه في دول الخليج، ولنكن صريحين مرة أخرى: في بلدان كبلاد الشام ومصر وغيرها، كلمة غير متعلم توازي كلمة جاهل، وهو إنسان منبوذ لا ينظر له باحترام، ولا يزوج حتى في بعض الدول، أما في الخليج فتنخفض أهمية العلم عندما نعرف ان غير المتعلم قد يكون محترماً ومقدراً من قبل الجميع بل وتفتح له البيوت والمجالس ويقود النقاشات والأحاديث لأنه استطاع أن يقود سيارته بالاتجاه المعاكس للطريق العام بسرعة 280 كم دون أن يقتل أكثر من 3

- أخيراً إخوتي - وأعتذر عن الإطالة - الأولى أن يبدأ الأخوة السعوديون بخطوات جادة تبدأ بالتعليم والحصول على شهادات حقيقية ( فبعض الأخوة السعوديون حاصلون على شهادة هندسة من جامعات مصرية وخلال 3 سنوات فقط!! كيف؟ الكل يعلم)، أقول الأولى أن تكون هناك خطوات جادة كالتالي:

1. احترام العلم والتعليم لأبعد الحدود - ورحم الله أمة اقرأ.
2. البدء بعمل مؤسسات وشركات عائلية صغيرة أو شبابية تجمعية، حيث المستقبل للشركات الخاصة وليس للدوائر الحكومية (وبعون الله تكبر تلك الشركات وتصبح عملاقة، وهكذا بدأت كل عمالقة الشركات)
3. التطوير المهني الحقيقي، والاعتماد الكامل على الذات دون انتظار المساعدة من أي جهة معنية أو غير معنية
4. التركيز على تعيين السعوديين وتدريبهم داخل تلك الشركات الصغرى (مؤقتاً)، وإشعال روح التنافس الحر الشريف - وتعيين السعوديين سيكون سهلاً لأنكم أنتم أنفسكم ستكونون أصحاب تلك الشركات
5. خلال هذا سيتم شيئاً فشيئاً تراجع استقدام المقيمين الذين يقعون بين مطرقة من يستقدمهم وسندان من يستقبلهم.

بارك الله فيكم إخواني، ومرة أخرى أعتذر عن الإطالة، ولكن رأيت أن المنتدى تحول لمنبر إهانة للمقيمين وشتمهم والاستخفاف بهم وببلدانهم، وهذا غير ما قاله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة.
الخير باق في امة محمد صلى الله عليه وسلم، وبارك الله لكم في بلد المسلمين جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته