محمد النوفل
من بين جميع بنوك العالم يتميز البنك المصرفي لدينا بظاهرة فريدة ربما يندر تكرارها في أي موقع آخر من دول العالم، حتى غدا تميزها حظاً تنشده معظم المصارف العالمية نتيجة للمساحة الحرة التي تتحرك بها بنوكنا وتكتب ما تشاء من ربح وطريقة تعامل مع العملاء دون حسيب يحدد سقف مرابحتها المطلقة من حسابات عملائنا الحائرين .. أو يعدل عقم أدائها في التعامل مع زبائنها المضطرين لها تحت قانون "الجود من الماجود"..
قانون "الجود من الماجود" ـ إن جاءت استعارته متوافقة وحال تلك البنوك ـ حصر تعامل قرابة 20مليون مواطن ومقيم مع عشرة بنوك فقط.. وجاء هذا الحصر ملغياً لكل فرص المنافسة التي عهدها عملاء المصارف في كل دول العالم.. لهذا طغت على عقلية بنوكنا هواجس التاجر الكاسب تحت أي ظرف وفي أي وقت وأمام أي عميل.. هاجس التاجر الكاسب الذي لا رقم عنده لأي افتراض آخر سوى افتراس المتعاملين معه وبأنياب اللارحمة.. يقابل عملاءه بتعالٍ ومنة يُلغيان كل المكاسب المعرفية والحقوق المصرفية التي يدركها أصغر المتعاملين في الخدمة البنكية.
هذا التعالي غير العادي والمنة المقيتة قد يكون سببهما ضعف التنافس والحكرية المصرفية على عدد لا يتجاوز 10بنوك .. أمام حاجة 20مليون إنسان، هذه الحكرية وهذا التفرد.. إلى جانب غياب السلطة المصرفية المستقلة التي يمكن أن تعيد لكل متعامل مع البنوك حقه واعتباره.. وتلغي أسلوب البنك السيد .. والعميل المحتاج.
فك عقدة الحكرية الـ (10) وإيجاد سلطة مستقلة يشتكي إليها المواطن العميل ستحل الكثير وتخفف الأكثر من العناءات البنكية التي تجعل البنوك تعتمد في تعاملاتها المصرفية على أسلوب المنتصر الدائم على العميل المهزوم في كل حين..
صور الغبن المرير الذي يستطعمه كل المتعاملين مع بنوكنا الكاسبة في أي خطوة تخطوها صور عديدة، لا تقتصر على سوء التعامل والخدمة المباشرة ولا على استغلال الودائع التي تقدر أرباحها بالمليارات ولا .. ولا .. ولا في المبالغة في الفوائد .. وهذه الأخيرة هي مربط فرس الحديث هذه الأيام حيث يرتفع صوت الشاكين، وإن كان صوتاً مبحوحاً متأخراً من جراء المغالاة في أسعار الفوائد التي تصل في أحيان كثيرة إلى 12% كأعلى نسبة في العالم يحققها بنك.. رغم أن المخاطر الربحية وسداد القروض هي الأقل قياساً بالدول المجاورة.. هذا فضلاً عن استغلال النزعة الدينية التي تبعد الكثير إن لم يكن معظم المتعاملين من المطالبة بعوائد وفوائد من حساباتهم المجمدة التي تصل إلى أرقام.. يسيل لها لعاب أعتى البنوك العالمية.
دون مراعاة لمشاعر وحقوق الآخرين يقول أحد المسؤولين في أحد تلك البنوك "البنك لا بد أن يحقق عائداً (مجزياً) لمساهميه"!! العائد وفقاً لقول المسؤول آنف الذكر لا بد أن يكون مجزياً .. أم نسبة جزالته فتلك لا تحددها سوى عقلية بنك بخيل يتاجر بحقوق الآخرين إذا غابت المنافسة المتحضرة .. وغابت المناهج المصرفية المتبعة في أنحاء العالم .. وحضرت روح الشح ونزعة الأنانية التي لا تفكر إلا في الكسب المحرم من جيوب المساكين.