05-01-2009, 08:42 AM
|
#1
|
مقاطع
رقـم العضويــة: 10001
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشـــاركـات: 165
|
مقال أعجبني
(خلوها تصدي) حينما يتضامن الشعب
دعونا نورد حقيقة تواترتها الأجيال وأثبتتها الأيام، ألا وهي أن الأزمات والمواقف، والشدة، والابتلاءات والظروف الاستثنائية هي التي تصنع الإرادة، وتجمع الكلمة وتوحد الآراء، وتجعل أصحاب الهدف الواحد والمصلحة المشتركة يصطفون في صف واحد، ويقفون على صعيد يضمهم جميعاً، وتحت مظلة تظلل رؤوسهم جميعاً.
والأمة - كما جاء في الحديث «لا تجتمع على باطل».. وكما هو معروف المواطنون ليسوا متفرغين ليضيعوا وقتاً ثميناً في الكتابة في المنتديات فقط من أجل المشاركة وتسجيل حضور في المنتدى.. لكن حينما يقتطع أي مواطن أو مواطنة صغيراً أو كبيراً مثقفاً أو عادياً جزءاً من وقته في هذا العصر، ويجلس لكي يعبر عن رأيه وبالكثافة التي يلاحظها الناس هذه الأيام.. فهذا يعني - دون أدنى شك- أن هناك شيئاً داخلياً قوياً.. يحرك هذا الشخص.. وحينما تتفق آراء كل الناس أو غالبيتهم، فهذا يعني أن الحدث وحّد هذه المشاعر وأوصلها إلى مرحلة الاستنطاق ففاضت المشاعر عبر المنتدى الإلكتروني!!
ما يطرحه أصحاب الأقلام والآراء والأفكار من خلال صحيفة «سبق الإلكترونية» هو في الواقع أسلوب حضاري رفيع يسمو بالرأي، ويرتقي به ويترفع به عن الفهم التقليدي، وعن المماحكات والمكابرات، وأسلوب التخريب، وينأى به عن الغوغائية والعنتريات، وهو أسلوب يعكس الوعي الاجتماعي والتوفيق في اختيار أفضل الأساليب لمناقشة الموضوعات التي تهم قطاعات واسعة من الجمهور..
ولا يخفى على أحد أن ما يدور في عدد من المنتديات أمر تلقائي لم يسبقه اتفاق أو موعد أو تحديد ساعة صفر لبدء تلك الحملات.. لكنها المشاعر المشتركة ووجدان المجتمع الذي يحتضن القضايا المشابهة، وضمير المجتمع النابض بالإحساس الجمعي.
نعم هذا الأسلوب يمكن أن يوحد آراء السعوديين ويجمع كلمتهم في الملمات، فالمواقف هي التي تصنع ذلك الشعور الجماعي.. وما حدث من تداعيات الأزمة العالمية وإفرازاتها على الصعيد المحلي لم يكن محتملاً لدى القلة؛ رغم أنه مقبول لدى غالبية المواطنين.. مع العلم أن ما كان يجري قبل الأزمة كانت رياحه تأتي بما تشتهي القلة، ولم يكن للأكثرية خيار أمام الأمر الواقع.. وأعني بذلك موجة ارتفاع الأسعار التي كانت كالجمرة الحارقة لمحدودي الدخل من المواطنين والمقيمين في أرض الحرمين الشريفين المضيافة.. قال عنه رجال الأعمال حينها إن ذلك نتاج موجة ارتفاع أسعار على مستوى العالم؛ ولكن عندما انخفضت الأسعار عالمياً، ظلت الأسعار هنا عالقة في ارتفاعها؛ وذلك بفعل تثبيت التجار لها في ذلك المستوى.. هذا السلوك الذي يستهدف البسطاء وذوي الدخل المحدود أفرز أسلوباً جديداً في واقعنا؛ لكنه فاعل بكل المقاييس.. هذا الأسلوب هو المقاطعة للبضاعة.. وقد اختار المواطن أن يجرب مقاطعة السيارات، ومن هنا جاءت حملة «خلوها تصدي» وحتى الآن حققت هذه الحملة ما لم يحققه أي أسلوب آخر للدفاع عن حقوق المستهلك، وهي ذاتها سياسة «عض الأصابع» فالمواطن يريد شراء سيارة لكنه ملتزم بحملة المقاطعة ومتضامن مع الوعي الجمعي الذي يصلح أن يكون مظلة دائمة لحقوقه ومطالبه المشروعه؛ خاصة في السوق.. لكن - فيما يبدو- أن بعض أصحاب شركات السيارات صرخوا من عض المواطن لأصابعهم؛ وقد تمثل ذلك من خلال الخطابات التي تتداولها المواقع والتي تستعدي وزارة التجارة على المواقع التي يزعم أنها تخرب الاقتصاد الوطني في حين أن نشاط المشاركين في تلك المنتديات يعزز جهود وزارة التجارة في محاربة كل ما يستهدف مصالح المستهلك ومصادر دخله.. ومظاهر الاحتكار والغلاء والندرة، فالاحتكار الذي يعزز الجشع والطمع والغلاء هو سبب قيام حملة «خلوها تصدي» وما سيتلوها من حملات لاحقة على ذات المنوال.
فالاحتكار يقود إلى مزاجية الأسعار وانطلاق الأرباح بلا حدود واستغلال المواطن، واستغفاله، بل والاستخفاف بعقول العملاء.. بل والاستكبار والتحدي بعدم خفض الأسعار حتى لو انخفضت عالمياً.. والتعالي على حقائق الواقع وعدم الاعتراف بها، والاحتكام إلى موازينها، وكذلك عدم الانصياع لموازين السوق الحر؛ وهم الذين يدركون أننا في عصر اقتصاد السوق.
فالمواطن لا يملك غير رأيه وحرصه على مصدر دخله وحماية نفسه من الابتزاز والغش التجاري والجشع والغلاء، وهذا يصب ضمن أولويات الدولة في تحقيق الرخاء والوفرة.. فحينما يرى رجال الأعمال الذين يتبجح بعضهم بتبنيه مشاريع المسؤولية الاجتماعية- كدعاية تجارية- يقذف من خلالها بالقشور للمواطن، ويبتلع اللب واللحم ويرمي بالعظم ويمن علينا به.. هذا المواطن يرى رجال الأعمال يكابرون ويصرون على عدم السماح بحدوث الرخاء الذي عم الكرة الأرضية بصورة تلقائية.. فماذا عساه أن يفعل غير ما سلك من سبيل يعبر عن الوعي والمنهج الحضاري في المطالبة بالحقوق؟ أما آن لهؤلاء التجار أن يتوقفوا عن جلد المواطن في حال الغلاء والرخاء؟ أما كان الأجدى أن يحمدوا الله الذي أنجاهم بجلودهم من الأزمة العالمية التي قضت على الأخضر واليابس في الكثير من بلاد العالم؟ فبدل أن يفعلوا ذلك، فإذا هم يصرون على أن تنال بلادنا الغلاء؛ وذلك بتحكمهم في الأسعار والحرص على إبقائها على ما كانت عليه قبل الأزمة، فسوق العالم انخفضت أسعاره، والنفط انخفض سعره، والذهب تذبذب سعره وكذلك الدولار.. أما الأسعار لدينا فكما هي «خصوصاً السيارات».
لكن هذا الصنف من التجار نسي أو تناسى أنه في عالم اقتصاد اليوم.. وحسب لغة العصر لم يعد هناك ما يخفى على المواطن من أسعار السيارات.. بل صار المواطن العادي يدرك قيمة المنتج وتكلفته بالتفاصيل ولا يستطيع كائناً من كان أن يزايد عليه بنوع من الفهلوة أو خلط الأوراق؛ والحقيقة الأخرى الدامغة والأكثر وضوحاً هي أن للصبر حدوداً لابد أن يبلغها، وأن المستهلك يمل الأساليب الرتيبة.. وأصحاب المصانع وبعض وكلاء السيارات يذبحونه من الوريد إلى الوريد بسكين غير حاد هي.. الأسعار.. الأقساط، البيروقراطية، تأخير الاستلام، وغير ذلك من الأساليب.. فلا أظن أن رجل أعمال فطناً ذكياً ينتظر من المواطن أن يكتب في المواقع والمنتديات ويشيد بإخلاص رجال الأعمال ووطنيتهم وإسهامهم في تحقيق الوفرة والرخاء والاستقرار الاقتصادي، فكان من الطبيعي أن يلجأ المواطن إلى قلمه.. ويدافع عن مصالحه وينافح عن حماه وحقوقه التي صبر على العبث بها كثيراً، من خلال أسلوب مشروع وحضاري وعبر وسيلة جماهيرية واسعة الانتشار.. وهذا الذي حدث.. فالحملة كانت منظمة ودقيقة أو جاءت في وقتها المناسب، وأدت دوراً مهماً، وحققت تضامناً منقطع النظير.
وهذا يؤكد أن ما وصل إليه المواطن من وعي، وما توافر له من وسائل تقنية، يصلح لإدارة المواجهة مع بعض رجال الأعمال على أرفع المستويات.. .
وما يحدث اليوم من خلال بعض المنتديات والمواقع الإخبارية التي أفرزها الواقع، لهو نوع من التوحد الفكري الثقافي والاجتماعي.. وهو نهج حديث بدأ يتنامى لصالح المواطن، وقابل للاستخدام في منحنى شبيه بما نعيشه الآن من أزمة مع بعض التجار، والوكلاء.. فهو لن يكشف حقيقة جديدة أكثر من سهولة تشكيل وحدة اجتماعية بسبب سلوكيات بعض التجار وإمكانية أن يتحد الناس حينما تكون القضية عامة شاملة.. أما حينما تكون خاصة بفئة أو شريحة بعينها.. فتتباين الآراء وتختلف المواقف.. لكن الهدف المشترك يوحدها.. وبنفس القدر الذي يفلح فيه هذا الأسلوب للضغط على التجار والوكلاء.. فإنه يسهم في صناعة واقع جديد في مواجهة الصلف والتكبر والجشع والنفوس التي لا تشبع، وحماية الحقوق والمكتسبات الواضحة المستحقة!!
|
|
|
|
|
|
|