حسين بالحارث * - « صوت الأخدود » - 20 / 12 / 2008م - 1:37 ص

نجح لوبي وكلاء السيارات في استصدار نظام جديد «من الجمارك» يمنع توريد سيارات تزيد أعمارها عن خمس سنوات او شاحنات تتجاوز العشر سنوات.
ولسان حال المواطن يتساءل: ماهي مبررات هذا القرار؟ هل عدنا لما كنا نستنكره على الانظمة الاشتراكية؟ وهل مثل هذا القرار يساعد على قبولنا عضوا رسميا في اتفاقية التجارة العالمية وهو يخالف ابسط قوانينها؟ هل تتفق مثل هذه القرارات مع مبادئ حرية السوق او تنسجم مع لائحة المنافسة التي أقرت مؤخرا؟ كم عدد المتضررين من تجار توريد السيارات المستعملة؟ وكم عدد الأفواه التي كانت تقتاد من نشاط عائلها الذي "ذبحته" البطالة فلجأ إلى شراء سيارة او سيارتين من دبي ليبيعها في الدمام او الرياض ويكرر هذه الطريقة ليوفر حياة كريمة لأسرته ؟ وكم من مواطن قادر على شراء السيارة الحديثة؟ وهل بلدنا تعاني من ظاهرة "القرنبعات" لدرجة الخوف على البيئة؟ أم ان قصدنا"الفزعة" لدعم شركات السيارات الأمريكية للتخفيف من ضائقتها؟! وهل اصابع لوبي وكلاء السيارات بعيده عن هذا القرار؟ ولماذا يصدر القرار عن الجمارك وليس التجارة مثلا؟.. أسئلة كثيرة ولكن يبقى السؤال الأهم والذي ينطبق عليه القول بان السؤال ابلغ من الجواب: لمصلحة من صدر هذا القرار؟!!
لقد قوبل النظام بالرفض التام من المواطن الذي يُفترض ان تراعى مصالحه باعتبار مصلحته تأتي فوق كل اعتبار ولكن من يمثل هذا المواطن ومصالحه؟!
قبل عدة سنوات أصدر مدير عام الجمارك قرارا فجائيا لازلت أتعجب منه فقد قرر وبجرة قلم إيقاف ناشط تجاري كامل تعد مداخيله بالمليارات ألا وهو نشاط استيراد قطع الغيار المستعملة. وقد عرفت عن ذلك بالصدفة حيث كنت في أحد محال بيع هذه القطع لاشترى لسيارتي "قير" او ناقل حركة مستعمل وجدته بـ 2000 ريال لان سعره في الوكالة يبلغ 27 الف ريال وقد نصحني العامل ان اشتري بلا تردد لأنني لن أجده بهذا السعر بعد أيام ولما عرفت الأسباب قررت ان اجري تحقيقا صحفيا عن الموضوع وأغوص فيه لمعرفة حقيقة ما يجري وبعد لقاء عدد من تجار النشاط والحصول على نسخه من قرار مدير عام الجمارك اقتنعت بما لا يدع مجالا للشك ان "هوامير" وكالات السيارات هم من اقنع هذا المسئول لاستصدار قراره الذي يتضمن تبريرين الأول يقول بعدم جدوى هذا النشاط اقتصاديا، وهذا كلام خطير لان القرار في هذا الشأن ليس من اختصاص الجمارك أصلا بل ليس من اختصاص حتى وزير التجارة ولا وزير الاقتصاد إنما هو قرار مرتبط بالإستراتيجية الاقتصادية للدولة التي يقررها مجلس الوزراء ناهيك عن ان هذا النشاط الاقتصادي مزدهر عالميا وأمريكا لوحدها تشتري أكثر من 32% من إنتاج اليابان من قطع غيار السيارات المستعملة سنويا فكيف تنعدم جدواه لدينا، اما التبرير الثاني فيشير إلى خطورة هذه القطع في تهريب المخدرات بين بقايا زيوت هذه القطع وهذا مردود عليه لأنه بالإمكان اشتراط تنظيف هذه القطع من بقايا الزيوت بحيث تبدو كالقطع الجديدة.
اما تجار قطع الغيار المستعملة فكانوا يعيشون حالة إحباط شديدة والقرار كان يعرضهم إلى خسائر فادحة إلى درجة ان أحدهم كان لديه قطع بقيمة 5 ملايين ريال في ميناء الدمام منع دخولها لان القرار صدر حتى بلا مهلة لهؤلاء التجار لتصريف عقودهم مع الشركات في الخارج.
وعرفت على سبيل المثال انه سمح بمزالة تجارة استيراد قطع غيار السيارات المستعملة في العام 1992 تقريبا وعندها كان سعر "دينمو" السيارة الكوريلا من تويوتا يبلغ 4500 ريال ولما جاء المستعمل انخفض سعره إلى 700 ريال أي ان السعر السابق كان سعرا احتكاريا ولم يكن سعرا تنافسيا كما حصل بعد السماح بالمستعمل.
وبعد نشر التحقيق الصحفي بعدة أيام فوجئنا بقرار جديد من مدير عام الجمارك يلغي قراره السابق، طبعا لا أستطيع الجزم ان كان تحقيقنا هو السبب ام ان توجيهات من الأعلى أعادت الأمور إلى نصابها بسبب شكوى او أمر آخر.
ولكن سقت هذا المثال لكي نبين ان لدينا تجار جشعين ومسئولين يجاملونهم على حساب المواطن تحت تبريرات لاتحترم ابسط حقوق الانسان!
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة
» التعليقات «7»
مشكور
[1]
20 / 12 / 2008م - 6:34 ص
أستاذ/حسين هذا يدل على الفساد الواضح والقرارات والفزعات بدون دراسة اومراجعة اواستفتاء وكلن يصدر ويقرروالمواطن يتضور جوعأً مما يعانيه بدون مراقبه ولا محاسبه اومسألة عن اسباب هذة القرارات اومصلحة الوطن والمواطن منها...منهو الذي يعلق الجرس ويسأل من الصدر هذة القرارات ومن هو المستفيد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
11
[2]
20 / 12 / 2008م - 3:09 م
أشــكرك ياحســين...

كم تمنيت لو كان في كل صحيفة يوميه نسـخةً من مقالك هذا ...
سعد ال سالم
[3]
[ جده - جده ]: 20 / 12 / 2008م - 6:04 م
موضوع هام تطرق له قلمك استاذ حسين هنا لكشف الجشع والفساد لدى من اسميتهم لوبي وكلاء السيارات ..
عزيز المالكي
[4]
[ السعودية - الدمام ]: 21 / 12 / 2008م - 12:45 ص
من الواضح حقا ان القرار اتخذ من وراء ظهر الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء والمجلس الاقتصادي الاعلى ومن الواصح ان القرار هو ضد مصلحة المواطن بكل المقاييس، والغريب فعلا ان يعلن القرار عن طريق الجمارك وليس عن طريق وزارة التجارة يعني الـ (إن) واضحة جدا.

شكرا حسين بالحارث
سالم بن جلعان
[5]
22 / 12 / 2008م - 7:49 ص
مقال رائع وتلمس لهموم الناس بعين المواطن الغيور ....
شكراً لفكرك وقلمك سيدي الفاضل ..
منصور آل عباس
[6]
[ السعودية - رأس تنورة ]: 22 / 12 / 2008م - 10:49 ص
تحية لقلمك يا استاذ حسين ..
حقيقة وجب من الصدق الكشف عنها .. قلم الصحافة هو صوت المواطن المسموع .. تلامس الاقلام الجميلة كهذا المقال نفوس الكثير وتسعدها وتزعج الكثير .. الا انها في الختم ان لم تزهر بورود جميلة فقد زرعت في التربة ما ينخلها لتغدو صالحة لزراعة الورد ..

ومع هذا الكشف .. والتنوير الاعلامي الخارجي .. ما زال المسئول يدهشنا بقرارته .. وتهميش عقولنا .. مشكلة حينما تكون المطرقة من جذع السندان ..


المصدر هنا