لصوص يختبئون وراء مخاوفنا
د. هاشم عبده هاشم
@@ هناك الكثير من المستغلين لسلطتهم.. وتحقيق مكاسب ضخمة من ورائها.. سواء على المستوى المادي.. أو الأدبي..
@@ وهناك الكثير من المستفيدين من مواقعهم على اختلاف رتبهم.. ومهامهم.. ومسؤولياتهم.. ممن يمارسون "السطوة".. ويستأثرون بالغنائم.. ويهيمنون على مصادر القرار.. ويسلبون حقوق الغير.. ولا أحد يقول لهم.. لماذا تفعلون ذلك.. إن هم لم يجاملوهم.. ويفتحوا لهم الأبواب.. ويساعدوهم على الاستئثار بما هو اكثر.. من المال.. أو السلطة.. أو الجاه.. بصمتهم الدائم عليهم..
@@
وهناك الكثير من المتنفذين (صغاراً وكباراً) من المسكوت عنهم.. لأسباب متفاوتة.. لعل أبسطها الخوف من العواقب المترتبة على كشف حقيقتهم.. وتحول من يبلغون عنهم إلى (ضحايا).. (ومذنبين) حيث يتيتم أبناؤهم.. ويتشردون.. نتيجة مغامرة آبائهم غير المحسوبة..
@@ تلك هي الحقيقة في كل المجتمعات، وإن كانت بدرجات متفاوتة..
@@ ولولا ذلك.. لما قامت في الدول دواوين للمحاسبة.. وهيئات للرقابة.. وجهات للتحقيق.. في سرقات المال العام.. واستغلال السلطة.. والتعدي على الحقوق والمكتسبات..
@@ ومن أجل ذلك..
@@
فإن علينا أن نمنح الجهات الرقابية في الدولة المزيد من الصلاحيات.. لكي تمارس وظائفها بكل حرية.. وتجرد.. ودون خشية.. وبعيداً عن التحسبات والحسابات غير تغليب اعتبارات المصلحة العامة.
@@ ومن أجل ذلك..
@@
فإن علينا ان نشجع المجتمع على (كشف المستور).. وتعرية حالات التلبس.. وفضح الصور المزرية مهما كانت مكانة من يتسببون فيها..
@@ ومن أجل ذلك..
فإن علينا أن نصدر قانوناً مستقلاً يصنف جرائم الاستلاب ويحدد أوجه الفساد.. وأساليبه وطرقه.. ويضع العقوبات الرادعة له.. كما يشجع كل مواطن فينا على فضح من يتسببون فيه ويوفر للفاضحين ضمانات السلامة.. وعدم الاستهداف.. أو الانتقام ويؤمن سلامتهم.. بل ويكافئهم على ما وفروه من معلومات عن أي عمل يسيء إلى الأمانة الوظيفية أو يجترئ عليها..
@@
لقد تداعت إلى رأسي كل هذه الخواطر.. وأنا أقرأ خبر إلقاء القبض على رجل أمن في منطقة الطائف.. سلب عدداً من الوافدين مبلغاً من المال يعادل ( 16ألف ريال سعودي) وبدء التحقيق معه.. تمهيداً لإنزال العقوبة الملائمة بحقه.. وهي كما ورد في جريدة الحياة يوم السبت الماضي 1429/12/15ه.. "تصل إلى السجن والغرامة المالية وإنهاء الخدمة".
@@
فإذا كان هذا الصغير قد (خان) أمانته.. ولقي (عقابه) فإن هناك العشرات.. بل المئات من (اللصوص) ممن يسرقون بمهارة.. ويتقنون أساليب استغلال السلطة بحرفية.. ودهاء يحسدون عليهما(!!)..
@@
كما أن هناك من يثرون.. أو يصعدون إلى الصدارة.. أو يستغلون مواقعهم على مرأى ومسمع من الآخرين.. دون أن يكشف عن أمرهم أحد.. ربما بسبب تفشي حالة الخوف من الإبلاغ.. والتعرض بعد ذلك لمأساة.. بدل أن يتحول المبلّغ إلى بطل.. حيث أثبت أنه مواطن صالح..
@@ وأنا لا أقلل هنا من خطورة جريمة ذاك الجندي.. ولكنني أقول.. إن علينا أن نتحرك بقوة.. في الاتجاه الذي يحارب كل شكل من أشكال الفساد على أي مستوى كان.. ولاسيما المتصل منه باستغلال السلطهة..
@@ ليس هذا فحسب..
@@
بل إن علينا أن نشدد العقوبة.. وأن نجعلها تصل إلى حد "القتل" أو "السجن المؤبد"..
@@ فليس كافياً أن نحرمه من وظيفته..
@@ أو أن نسجنه بضعة شهور.. أو سنوات..
@@ لأن من يسطو.. أو يسلب.. أو يتعدى.. أو يستغل وظيفته.. لا يستحق الحياة.. ولا تجوز بحقه الرحمة أو الرأفة.
@@ وإن كان علينا أن ندرس الأسباب.. والظروف.. والدوافع الكامنة وراء تصرفه ذاك..
@@ فقد تكون الفاقة.. وبساطة الحال..
@@ وقد تكون الثقة المفرطة..
@@ وقد تكون التربية والسلوك المنحرفين..
@@ وقد تكون غير هذا وذاك.. وإن لم يكن أي منها مبرراً للإقدام على هذه الجريمة.. وإن الواجب علينا معالجة أسباب الخلل حتى لا يقع فيها آخرون..
@@@
ضمير مستتر: