كلمة الرياض
المتقاعدون الجوعى!!
يوسف الكويليت
الرياض
كأي مجتمع عربي نواته الأسرة المركبة فمجتمعنا بالمملكة يتصف بنفس الحياة، إذ ظل الأب هوالعائل الوحيد عندما كانت وفرة الوظائف الحكومية كبيرة، وشاغلها يستطيع الترفيع من وظيفة لأخرى وفق تنظيم افترض الكفاءة والخدمة، وأحياناً حاجة الوظيفة، ومع تطور المجتمع وصعود ثقافته وانتهاجه حياة أكثر تنظيماً، تحولت الأسرة إلى فروع أي صارت لها ذريّة بالمعنى الاجتماعي وهي مسألة فرضتها استقلالية الزوجين ورؤيتهما لعائلة مختلفة بالتربية والتطلع لحياة أكثر رفاهاً، فكان تقاسم المسؤولية بينهما مهمة أساسية جعلت تشكيل هذه الوحدة الصغيرة نواة لأسرة أكثر تطوراً وفهماً لطبيعة العصر..
الذين كانوا في وظائف عليا من وكلاء وزارات ومديرين عامين وما دونهم بالوظائف المتوسطة كانوا على رضا تام عندما تقاعدوا بحكم السن أو التقاعد المبكر، لأن التناسب بين الدخل، والمصروفات، لم يفرض ضغطاً على الراتب، لكن إذا كان أفضل دخل لا يتجاوز الخمسة آلاف لكبار الموظفين، والألفي ريال لمتوسطي الوظائف وأقل من ذلك، أصحاب الرتب الصغيرة، فإن أعباء اليوم تحولت إلى كوابيس على من قصمت حياتهم الوظيفة وأفنوا فيها أجمل أيام عمرهم..
الموضوع ليس سد الحاجة فقط لعناصر كانت على قائمة الطليعة الاجتماعية، وإنما مادية ومعنوية، لأن من غير المنطقي، أن يتحول الشعور بالزهو في ذكريات الماضي، إلى كآبة بحكم سطوة الظروف القاهرة، ولعل الذين وقعوا في دائرة الفقر بسبب هذه الدخول أورثوها لعائلات لا تستطيع أن تعيش بنفس التكافؤ مع الماضي، ولا تستحق معونات الضمان الاجتماعي بسبب كبريائها الخاصة، فإنه من غير المنطقي أن تظل شريحة اجتماعية كبيرة تعيش حالة الكفاف، سواء كانوا ذكوراً أو نساءً..
مسألة راتب التقاعد، وحتى التأمينات الاجتماعية، والتي أصبحت صناديقها من الوفرة بحيث بدأت تخرج للاستثمارات الكبرى، لا يجوزأن تهمل طبقة فاعلة في تاريخ مسيرتنا الاجتماعية، لتذهب بها رياح النسيان مع التقاعد وقلة الراتب.. قسء على ذلك الضباط، ومديري وأساتذة الجامعات والمدرسين وصف الضباط وما دونهم في الجيش، والأمن العام والحرس الوطني والتعليم، وضعء بجانب رقم الراتب الضئيل جدول المصاريف إذا كانوا بالفعل يحتاجون لرعاية الخادمة والسائق بحكم سنهم، وتوفير مستلزمات الحياة من سكن ومصروفات الفواتير والمستشفيات ورواتب العاملين، فهل يمكن دراسة أحوال تلك الفئة ليس على مبدأ الحسنات وإنما صيانة لكرامتهم وحفظاً لتاريخهم عندما كانوا المؤسسين للإدارة في كل اختصاصاتها والمساعدين على توالد أجيال جاءت بكفاءة أكبر وتطلعات أعلى وأهم؟