ارتفاع الأسعار واسطوانة الأسباب المشروخة
سعيد السريحي
حين نقرأ خبرا عن ارتفاع أسعار الخضروات كما هو حادث هذه الأيام، فإننا لا نحتاج أن نقرأ الأسباب التي أدت إلى ذلك الارتفاع، ولو طرأ على بالنا أن نقرأها فإنها لن تضيف إلى ما قرأناه وعلمناه شيئا جديدا مهما كانت هذه الأسباب مستمدة من تقارير اقتصاديين متخصصين أو صحفيين مهتمين أو مواطنين متضررين.
ترتفع أسعار الخضروات في الأسواق في هذه المنطقة أو تلك، أو في المناطق جميعها، فيتحدث الجميع، مواطنين واقتصاديين وإعلاميين، عن حزمة من الأسباب تجمع بين تلاعب التجار والموزعين في الأسعار، سيطرة العمالة الوافدة على حلقات الخضار، التصدير للأسواق العربية المجاورة، انعدام الرقابة وغياب دور جمعية المستهلك، عدم وجود شركات كبرى تعنى بحفظ وتوزيع وتسويق المحاصيل الزراعية، شح الماء وارتفاع تكلفة الزراعة،
وغير ذلك من الأسباب التي يدعم بعضها بعضا وينقض بعضها البعض الآخر.
هذه الأسباب التي يعرفها التاجر المستهلِك «بكسر اللام» والمواطن المستهلك «بفتح اللام» كما يعرفها الاقتصاديون والإعلاميون والعاملون والعاطلون ليست أسبابا جديدة أو طارئة، فهي هي، منذ سنوات طويلة لا تكاد الأسواق تشهد ارتفاعا في الأسعار حتى تخرج هذه الأسباب من الصدور أو العقول أو الأدراج لتصبح هي بدورها سلعة يروجها الجميع ويتباهى بمعرفتها من يعرفها أمام من يعرفها كذلك.
وما يمكن أن يقال عن ارتفاع أسعار الخضروات يمكن له أن يقال عن ارتفاع أسعار أي سلع أخرى بدءا بحليب الأطفال وانتهاء بالأسمنت وحديد التسليح،
فلكل سلعة أسباب تؤدي إلى ارتفاعها، غير أنها أسباب معروفة للجميع، أسباب جاهزة، أسباب مبردة حينا ومجمدة حينا آخر وجاهزة للاستهلاك دائما.
جميعهم، أو جميعنا، نعرف الأسباب، وربما جميعهم، وجميعنا كذلك، نعرف الحل، غير أن أحدا لا يريد أو لا يرغب في وضع حد لمعاناة ارتفاع الأسعار التي لا تجد تبريرا منطقيا أو سببا معقولا، لا أحد يرغب أو يريد أن يقدم وينفذ حزمة من الحلول لمواجهة حزمة الأسباب التي بتنا نستهلكها وتستهلكنا حتى أصبحت رأسمال معرفي نحرص عليه ونخشى أن نفقده فيما لو تم وضع حل لهذه الزيادات التي بتنا نعرف متى تحدث ومن يقف وراءها معرفتنا بمن يعاني منها ويكتوي بنارها.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0331585787.htm