حاربوا الفساد بالتشهير


د. سعيد السريحي


أجمل ما في حوار البيانات المتبادل بين هيئة مكافحة الفساد وأمانة الحدود الشمالية أنه حوار معلن منحت الجهتان المواطن حق ومتعة الاطلاع على الخلاف بينهما في شأن يخص المواطن في منطقة الحدود الشمالية، كما يعني المواطنين في مختلف مناطق المملكة التي تكاد كل منطقة فيها تعاني مدنها وأحياؤها معاناة شبيهة بمعاناة ذلك الحي الذي تحقق هيئة مكافحة الفساد في سوء الخدمات المقدمة لسكانه.

ويعود الفضل في علنية هذا الحوار ومنح المواطنين الحق في الاطلاع على تفاصيله إلى ما انتهجته هيئة مكافحة الفساد من اعتماد مبدأ الشفافية التي تنطلق من قاعدة راسخة تتمثل في حق المواطنين في معرفة كل ما يعترض المشاريع التي تقيمها الدولة لهم من معوقات وكل ما يمكن أن يقع فيه مقدمو هذه الخدمات من إهمال وتقصير، ولم يكن للمؤسسات الحكومية أن تطلع المواطنين على شيء من ذلك بعد أن اعتادت عبر عقود من الزمن أن تحيط كل شيء بالسرية التامة التي لا يحق بعدها لمواطن أن يعرف شيئا أو يسأل عن شيء.

ولم تكتف هيئة مكافحة الفساد بممارسة هذه الشفافية بل أعلنتها واضحة كنهج لها في عملها حين أكدت في واحد من بياناتها على «أنها سوف تستمر في نشر التجاوزات والمخالفات من منطلق الشفافية الذي انتهجته في أعمالها، وانطلاقا من حق المواطن في الاطلاع على ما يتعلق بتنفيذ الخدمات التي تخصه» متجاوزة بذلك ما يثار من تحفظ على التشهير حتى أوشك عدم التشهير أن يكون ضربا من التستر على من يفرطون في واجبهم تجاه الوطن ومهامهم التي تلزمهم بخدمة المواطنين.

وما من شيء يتطلع إليه المواطنون أكثر من منحهم الحق في معرفة من يفرط في حقوقهم ويتساهل في القيام بواجبه تجاههم وما من رادع لمن يقدم على هذا التفريط والتجاهل كالتشهير به، ولو عرف كل مقصر ومفرط أن تفريطه سوف يكون معلنا وتقصيره سوف يصبح معروفا لكان شديد الحرص على الوفاء بعمله وعدم التفريط فيما هو مؤتمن عليه.

هذه الشفافية ينبغي لها أن تكون نهجا لكافة جهات التحقيق وأسلوبا متبعا في كافة القضايا، وحين تصبح كذلك ندرك أننا نمضي بحثى حثيثة في طريق مكافحة الفساد.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0108562680.htm