" ذعبلو تن ؟!"
بسمة عدنان السيوفي
تم إنجاز تعيين 28500 معلمة بعد تطبيق وزارة التربية والتعليم آلية من ثماني مراحل رئيسة لتوزيع المعينات على محافظات المملكة ومناطقها كافة (وهذا الكلام على عهدة الراوي). ووفق الخبر فأن إدارات شؤون المعلمات في إدارات التربية والتعليم في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها تولت تكوين لجان متعددة لتوزيع المعلمات المشمولات في أكبر حركة نقل نفذتها وزارة التربية والتعليم وفق معايير دقيقة مع مراعاة الأحقية وشروط المفاضلة المعتمدة. وبذلك سيتم تسديد المتبقي من العجز في المدارس داخل كل مدينة، ودعم المشاريع الوزارية بطاقات بشرية والعمل على الاستقرار في المدارس الطاردة. (وطاردة بالذات لي تعليق لاحق عليها). ويعتبر ذلك مجهوداً كبيراً يٌحمد لوزارة التربية والتعليم وللإدارات المعنية لترتيب تعيين هذا العدد المهول في كافة مناطق المملكة دفعةً واحدة بالتعاون مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية . وتظل الجهود الموجهة من ولي الأمر (حفظه الله) محل تقدير وامتنان كافة المواطنين الصابرين والمنتظرين للتعيين في قطاع التعليم بعد أن جفّت حلوقهم وتعبت أقدامهم بانتظار الفرج من الله. ولأن كل تطبيق لتجربة جديدة يخضع لعين الرقيب ويحاول المستهدفين منه الموائمة بين تحقيق احتياجاتهم (ما أمكن) وتسديد الشاغر في المؤسسات الحكومية ، عليه فلا بد من مراجعة آليات الترشيح والاختيار والتوجيه حرصاً على تحقق العدالة ونيل المطلوب.
نعلم أن التسديد والمقاربة في التوزيع من المباديء التي يطبقها المسؤولون بجدارة
(بأمزح طبعاً) ، ولكني أتشكك في عدم وجود محسوبية ومعارف وأهل وأصحاب في الموضوع !! مادامت الآلية غير معلنة ولا يعرفها المستهدفون إلا أن يخوضوا فيها وتطبق عليهم، فسيظل هذا التشكك (يسرح ويمرح) في خاطر الجميع ! من طلبت التعيين في جدّة مثلاً وٌجهّت إلى ضواحي الطائف وفي منطقة تبعد عنها بـ70 كيلو، ومن طلبت القصيم وجهّت إلى عقلة الصقور ، وإن لم تباشر (راح عليها التعيين) !! ومن طلبت في رغبتها الأولى والثانية والثالثة أحياءً في شمال جدة وضعوها في أقصى الجنوب ! وأبلغوها بأن هذا هو الموجود (وذنبك على جنبك!) أكتبي إعتراضاً وأنتظري، أو إذهبي وأحضري البديل عنك لنقايض بك ، فترضى على مضض بقضاء الله وقدره، المهم أن تتعين في الحكومي وتباشر وبعدها (سيحلّها الحلاّل)؟
تتبعثر أٌسرّ وترتحل عوائل أملاً في نعيم الوظيفة الحكومية وتعيّن إحداهن في هجرة شرق الدمام يتكلم أهلها العربية بصعوبة لأن لغتهم الأصل هي "المهرية" ، اسمها (ذعبلوتن) على الشريط الحدودي مع سلطنة عُمان قرب الربع الخالي، لا تتجاوز بيوتها 20 منزلاً ووسيلة الانتقال إليها طائرات حرس الحدود أو السير في (الطعوس) طويلاً !! نقول (ماشي) نظام حاسوبي وليس للبشر فيه تدخل وتسديد ومقاربة والذي منه !! لكن أن يكون الذهاب إلى المدرسة في (الذعبلوتن) عن طريق عٌمان أفضل من أقرب مدينة سعودية فتلك مهزلة !؟ هناك خلل وإجراءات عشوائية في قرارات التوجيه والتعيين لا تحقق مصلحة العملية التعليمية البتّة ! فعندما يعيّن معلمات في قرى ومدن نائية دون أن تتوفر فيها وسيلة الانتقال وأبسط مقومات المعيشة فأين المصلحة في ذلك ؟ فلماذا يا بنات (ذعبلوتن) لا تطلبن العلم ولو في الصين ؟! ولماذا تمتد أيادي الوزارة البيضاء إلى أقصى أقاصي الربع الخالي من شدّة الحرص؟ ولماذا حوادث النقل للمعلمات ؟ ولماذا ارتفاع معدلات الطلاق ؟
لابد أن يتحسن (عاجلاً) مستوى أداء الإدارات التعليمية في المناطق سواءً على مستوى اتخاذ القرارات أو تفويض الصلاحيات والخفض من البيروقراطية والحد من الازدواج الوظيفي داخل الوزارة ومع الوزارات الأخرى .
مانطرحه من حلول يبدأ بتولي القوي الأمين كخطوة أولى، ثم وجود نظام معلوماتي فاعل يعمل على جمع ومعالجة وتخزين المعلومات وتوفيرها لصناع القرار عند الحاجة بالسرعة والكمية والشكل المطلوب، بما يحقق أقصى درجات الدقة في القرارات وبما يجنب الوزارة (حدف البنات في ذعبلوتن) ! وأقترح أن يتم تخصيص مسؤولات كالمرشدات (على مستوى الوزارة) لمن هنّ جديدات في مهنة التعليم (كما في الجامعات) مهمتهن متابعة مسار الموظفة المستجدّة وإرشادها وتزويدها بالمشورة اللازمة إلى أن تٌمكّن من ممارسة عملها بالشكل والطريقة المطلوبة وبما يحقق لها الرضا والأمان الوظيفي. تقوم المستشارة أو المرشدة بتتبع النمو الوظيفي وتقصي مستويات الرضا وتقييم أداء الموظفة لمدة 3 سنوات (عبر استقصاءات أو استبيانات سنوية تُرفع للإدارة العامة لشؤون الموظفات بالوزارة) . لأن ما ينقص آلية التعيين والتوجيه والاختيار والتوزيع الانسجام بين أجزاء النظام ككل، وكذا التكامل في أداء المهام بين الإدارات داخل الوزارة ، لابد من وجود نظام واضح ومتكامل (ومعلن للجمهور) للتغذية العكسية (نظام تعقب Tracking System) يمكن من خلاله تتبع حال (المعاملات ومسارها والأفراد المسؤولين عنها ومواقعهم وعناوينهم)، ولابد من قياس مدى جودة الخدمة المقدمة (لهم ولهنّ) حتى يسهل التواصل ورفع مستويات الرضا عن خدمات الوزارة ، وحتى لا نقع في هذه الأزمة مع بداية كل عام.
الآمال مازالت معقودة (أيها المسؤولون والمسؤولات) لتطوير التعليم وتجويد مخرجاته ولكن بعيداً عن المناخ الطارد للكفاءات ودون النفي إلى (ذعبلوتن) !
لكم الله يا معلمي ذعبلوتن !
http://www.aleqt.com/2012/09/04/article_689522.html