أبو ساطور !
خالد السليمان
أفاق ذات ليلة حالكة السواد من نومه ليفاجأ بلص ملثم يقف في وسط الحجرة ممسكا بساطور يكفي حجمه ليصرع ثورا لا إنسانا، في هذه اللحظة الصادمة كان كل ما فكر فيه هو سلامة أطفاله الذين يتدثرون بأحلامهم الوردية في الغرفة المجاورة !
لكن اللص أشار له بالتزام الهدوء، ثم طلب منه أن يفتح له الخزنة ويفرغ محتوياتها في حقيبته، وبعد أن فرغ من عمل ذلك أمره بأن ينقلها إلى الأسفل، ثم يحملها إلى حيث كانت تنتظر سيارة أعدها اللص للفرار بغنيمته، ثم ودع مضيفه بمثل ما استقبل به من هدوء وسكينة !
ظل الضحية مدة طويلة يشعر بمرارة نفسية عميقة لعدم مبادرته إلى مقاومة اللص فقد شعر بأن اقتحام اللص حجرة نومه قد مس رجولته وانتقص من كرامته، وعبثا حاول أصدقاؤه التخفيف عنه بأن خسارة المال تعوض وخسارة الروح لا تعوض، لكنهم عجزوا عن فهم أن الكرامة قد لا تعوض أيضا !
فطنوا أخيرا إلى حقيقة مشكلته فأشاروا عليه بمراجعة عيادة طبيب نفسي شهير، إلا واحدا نصحه بالابتعاد عن المشاهير فبعضهم يعمل يوما في عيادته ويقضي بقية الأسبوع متنقلا بين استديوهات الفضائيات ومسارح الدورات والمحاضرات، أخذ بالمشورة وترك النصيحة، وبعد بضعة أشهر سئل عن سير العلاج، فقال: كنت أظن أن اللص هو حامل الساطور، فوجدته حامل المعطف الأبيض !
لصوص اليوم تخلوا على الأقنعة والقمصان المقلمة.. وتنكروا بالمعاطف الأنيقة والمشالح المذهبة، ولم يعد هناك فرق بين من يتسلح بالساطور ليسرق في جنح الليل، ومن يتسلح بالجشع لينهب في وضح النهار !
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1130459836.htm