«بلح» ... التجارة والتجار
الاربعاء, 06 أبريل 2011
طلال آل الشيخ
لم يكد راتب الشهرين «المرتقب» يداعب أحلام الموظفين الحكوميين والأسر والعوائل الطامحة إلى الاستفادة منه إلا وكان التجار من أصحاب «الكروش» على أهبة الاستعداد، بل ودخلوا حيز التنفيذ مباشرة، لالتهام كعكة «الراتبين» عبر رفع أسعار معظم السلع الاستهلاكيةالإرادة الملكية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كانت تهدف إلى زيادة بحبوحة العيش للمواطنين ومساعدتهم في تجاوز بعض عقبات الحياة المادية وإعانتهم عليها، وهو ما أسعد الكثير من الأسر والعوائل، وعبّر الشباب عنها بأسلوبهم الخاص الذي سلب الألباب ورد سهام «المرتقبين» إلى نحورهم، لأن ثمة علاقة خاصة لا يعرفها إلا السعوديون بين مليكهم المحبوب وبينهم، ولغة متفردة لا يعرفها «الباغون».
ولكن إذا لم يكن هناك تفاعل سريع من مختلف القطاعات والمسؤولين الحكوميين فإن الفوائد المرجوة ستقل وتتقصل، خصوصاً في ظل التصريحات التي نسمعها من وزراء عن استبعاد فئات من بعض القرارات، حتى الزيادة في الراتبين كنا نتمنى أن يواكبها زيادة للمراقبين ومتابعة دقيقة للأسعار والأسواق حتى يتم ضبط «المغالين»، لأن المتابع للأسواق يلمس الزيادة بشكل واضح، حتى أصبحت شرائح المجتمع منقسمة بين شاطر «التجار»، ومشطور «المنتفعين»، الذين وضعوا على كاهلهم مسؤولية الفتك بـ «الراتبين» بأسلوبهم الخاص.
أما شرائح «قليلة الدسم» التي تعمل في القطاع الخاص فلم ينل معظمها مطر «الراتبين»، وفي الوقت ذاته لم يسلموا من زيادة أسعار السلع الاستهلاكية، وهؤلاء أكبر المتضررين، في وقت تُخلي كل الجهات الحكومية مسؤوليتها من زيادة أسعار السلع الاستهلاكية، فلا نسمع صوتاً لوزارة التجارة، ولا وزارة الشؤون البلدية والقروية، ولا حماية المستهلك، إذ يذوبون جميعاً مع حرارة «الزيادة» اللاهبة، ويكتفون بدور المتفرج، إذا أردنا أن نكون لطفاء، أما إذا أردنا أن نكون صرحاء فسنقول إنهم «شاهد مشفش حاجة».
لا أدري ما السبب في تجاهل هذه الجهات لمسؤولياتها، على رغم أنها مرتبطة بهموم المواطن ورفاهيته ومعيشته بشكل مباشر، فحماية المستهلك بدلاً من أن تلعب دورها الرئيس تفرغت لانتخابات ومحاكم ورئاسة، وليتها كانت قد قدمت ما يشفع لها في السابق ليجعل المتابعين يغضون الطرف عن بعض المشكلات التي تمر بها، على أمل أن يكون ما يحدث مخاضاً لعودة قوية، ولكنها لم تكن سابقاً حتى تصبح لاحقاً،
وبصراحة أعتقد أن على الجهات المعنية بهذه الجمعية «الميتة دماغياً» النظر جدياً في إلغائها بدلاً من أن تكون مجرد مسمى كلما تحدثت مع تاجر قال لك وهو يتوسد «الراحة»: «اذهب واشتكينا إلى حماية المستهلك».
المصيبة في وزارة التجارة وحماية المستهلك والجمعيات الشبيهة،
أن التجار هم أصلاً مسيرو هذه الجهات، فلم نسلم منهم في السوق، ولم نسلم منهم في التنظيم، فلا لحقنا حمص الشام ولا بلح اليمن، فكلاهما «البلح والحمص» أغلى من أن نستطيع أن نشتريهما، لأن سعادة التاجر «المشفوح» رفع سعرها إلى أقصى ما يمكن، وسعادة التاجر «المسؤول» غض الطرف عن ذلك، أما حماية المستهلك فلا أستبعد أن تصدر بياناً صحافياً عن «أضرار البلح والحمص وفوائد شرب الماء في الصباح الباكر».
talal@alhayat.com
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/252479