آخر نكتة : التجار يخسرون 10 ريالات بسبب الأرز !!!!

**fahad 2006** · 30-08-2007, 05:55 AM

ارتفاع الأسعار والدور المطلوب من وزارة التجارة

طلعت زكي حافظ - مساعد مدير عام البنك الأهلي التجاري ــ مستشار وكاتب اقتصادي 10/08/1428هـ
t_z_hafiz@yahoo.com

تعيش الأسواق السعودية منذ فترة وبالتحديد منذ عام 2004، حالة غير مسبوقة من ارتفاع أسعار عدد كبير من السلع الاستهلاكية والأساسية، التي لها مساس مباشر بحياة المستهلك السعودي اليومية، ما جعل المواطن والمقيم على حد سواء، يضيق ذرعا، ويعاني الأمرين بسبب ما أصاب قوته الشرائية من ضعف شديد، ما أثر تأثيرا واضحا على قدرته الاستهلاكية المرتبطة بشراء السلع التي يحتاج إليها بالقدر والحجم الذي اعتاد عليه في السابق، كما أن ذلك الارتفاع في الأسعار قد أسهم في المضاعفة من حجم أعباء وتكاليف المعيشة، ووضع المواطن والمقيم على حد سواء في وضع حياتي حرج للغاية وضيق في العيش.
من بين أبرز السلع والمواد الاستهلاكية التي شهدت ارتفاعا كبيرا وملحوظا في الأسعار في الآونة الأخيرة، سلعة الأرز وبالذات النوع (البسمتي الهندي)، الذي وصل سعر تكلفة الطن الواحد منه في المتوسط 700 دولار، ما رفع سعر عبوة الـ 45 كيلو منه، التي تباع في الأسواق إلى سعر 170 ريالا، هذا وفي السياق نفسه قد شهدت تكلفة سعر الطن من حليب البودرة ارتفاعا ملحوظا بلغت نسبته 25 في المائة، وأيضاً شهدت تكلفة سعر الطن من المركزات (التي تدخل في صنع العصائر) ارتفاعا كبيرا في سعر الطن بلغت نسبته 58 في المائة.
برر عدد من تجار المواد الغذائية الرئيسيين في المملكة العربية السعودية، أسباب الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، إلى عدد من العوامل الخارجة عن إرادتهم وسيطرتهم، التي من بينها على سبيل بالنسبة لسلعة الأرز بالتحديد، جشع بعض تجار الأرز في الهند، التي تعد أكبر الأسواق المصدرة للأرز على مستوي العالم، برفعهم الأسعار نتيجة للنمو الكبير والمتزايد في حجم الطلب العالمي على الأرز من جهة، وعدم التوسع أو الزيادة في الإنتاج من جهة أخرى، ما جعل التجار المحليين يدفعون ثمن جشع بعض تجار الهند، الأمر الذي أكد عليه محمد الشعلان مدير عام شركة الشعلان، إحدى كبريات شركات تجارة الأرز في المملكة، في حديث صحافي له في جريدة "الوطن" في العدد 2501، قائلاً إن عبوة الأرز سعة 45 كيلو تبلغ تكلفتها على التاجر المحلي 180 ريالاً فيما تباع في الأسواق المحلية بمبلغ 170 ريالاً أي بخسارة عشرة ريالات يتكبدها التجار.
نتيجة للارتفاع غير المبرر في أسعار السلع والمواد في الأسواق، وذلك طبقاً لوجهة نظر عدد كبير جدا من المستهلكين المحليين، توجهت جميع الأنظار والتلويح بأصابع الاتهام لوزارة التجارة والصناعة، والعاملين فيها، محملين الوزارة ومسؤوليها، مسؤولية انفلات الأسعار، ولا سيما أن من بين أبرز أهداف ومهام ومسؤوليات الوزارة، تحسين كفاءة أداء قطاع التجارة، فيما يتعلق بتوفير احتياجات الأسواق المحلية من السلع والخدمات وفقاً للمواصفات السعودية والدولية، وكذلك ضمان حصول المستهلك على السلع بالكمية المناسبة والسعر المناسب.
الدكتور هاشم عبد الله يماني وزير التجارة والصناعة خلال مقابلة تلفزيونية في القناة السعودية الأولى ببرنامج بلا تحفظ بتاريخ 16 آب (أغسطس) 2007، عزا وبرر ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية في الأسواق المحلية، إلى الارتفاع العام في مستوى أسعار السلع والمواد في الأسواق العالمية، إضافة إلى ارتفاع قيمة أسعار الصرف لعدد من العملات مقابل الريال السعودي، وبالذات مقابل عملة اليورو، ما تسبب في ارتفاع تكلفة فاتورة الاستيراد السعودية، ودفع بالتجار المحليين لزيادة أسعار بيع السلع في الأسواق، مؤكدا في هذا الخصوص أن الوزارة تراقب عن كثب تحرك الأسعار في الأسواق، وتأخذ التدابير اللازمة للحيلولة دون ارتفاعها بشكل غير مبرر أو بالشكل الذي يضر مصالح المستهلكين، ويحد من قدرتهم الشرائية للسلع الضرورية، هذا وقد عزا الوزير اليماني أيضاً ارتفاع أسعار السلع في الأسواق إلى الارتفاع الحاصل أساساً في تكلفتها من بلد المنشأ، وكما هو واقع الحال بالنسبة لسلعة الأرز.
تبرير وزير التجارة والصناعة للارتفاع الحاصل في الأسعار وفق عدد من الآراء التي وردتني بعد المقابلة، لم يكن بالمقنع أو بالأحرى الشافي، ولاسيما أن الوزير لم يخرج بجديد أو يأت بحلول شافية للمستهلك المحلي، ولاسيما أن ارتفاع الأسعار قد تزامن مع وجود كمية كبيرة من المكسرات والفستق المتداول داخل الأسواق المحلية تحمل مادة مسرطنة للكبد، ما جعل المستهلكين يجمعون على ضعف آليات الرقابة على الأسواق، ولا سيما في ظل العدد المحدود جدا من المراقبين لدى الوزارة الذين لا يتجاوز عددهم على مستوى المملكة في أحسن الحالات الـ 200 مراقب.
في رأيي أن خروج وزارة التجارة من مأزق ارتفاع الأسعار في الأسواق، والقضاء على تفشي ظاهرة الغش التجاري بالأسواق المحلية، التي تقدر قيمتها بنحو 11 مليار ريال سنوياً، يتطلب توحيد جهات الرقابة على الأسواق وحصرها في جهة رقابية واحدة، ما سيساعد على تكثيف الجهود المتعلقة بالرقابة على الأسواق، وحصر المسؤولية في جهة واحدة بدلا من التشتت الحاصل في الوقت الحاضر في المسؤوليات وضياعها بين أكثر من جهة حكومية، كما أن الأمر يتطلب ضرورة تعزيز قدرات جهاز الرقابة على الأسواق في وزارة التجارة والصناعة، بالعدد الذي يكفي لتغطية احتياج الأسواق، ولاسيما في ظل التوسع والتنامي الهائل والكبير في عدد الأسواق المحلية، كما أن الأمر يتطلب التنسيق اليومي الحثيث مع التجار المحليين للتعرف على حقيقة ارتفاع الأسعار واتخاذ الحلول والتدابير السريعة، بما في ذلك حث التجار على البحث والتوجه لفتح أسواق عالمية جديدة، بما في ذلك البحث عن سلع بديلة تكون أقل تكلفة من حيث الاستيراد، مقارنة بالوضع الحالي، وبالذات بالنسبة للسلع الأساسية التي ارتفعت أسعارها أخيرا، كما أن الأمر يتطلب التشجيع على فتح باب الاستثمار الصناعي المحلي لعدد من السلع الاستهلاكية، وبالذات السلع الضرورية، التي لها مساس مباشر بحياة وقوت الإنسان اليومي، حيث إن ذلك سيقلل وبشكل كبير من قيمة فاتورة الاستيراد، وسيمكن التجار من عرض سلعهم في الأسواق بأسعار مقبولة لدى المستهلك المحلي. آخرا وليس أخيرا فإن وزارة التجارة والصناعة مطالبة بإحكام الرقابة على الأسواق والضرب بيد من حديد على التجار المستغلين، بما في ذلك تغليظ العقوبة على المخالفين، والتسريع في تفعيل عمل وكالة حماية المستهلك في الوزارة، وكذلك الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، اللتين تمت الموافقة على استحداثهما أخيرا، وتوعية المستهلكين بشكل يومي بالأسعار المقبولة والمعقولة للسلع الأساسية التي تباع في الأسواق، إضافة إلى الاستماع إلى مشاكلهم وتقبل شكاواهم والتعامل معها بالسرعة المطلوبة، حيث إن ذلك سيساعد في نهاية المطاف على ضبط إيقاع الأسعار في الأسواق، وسيجنب المستهلك من أن يكون عرضة لا قدر الله للغش أو للخداع أو للاستغلال من قبل ضعاف النفوس من التجار، والله من وراء القصد.

أدوات الموضوع	إبحث في الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق	إبحث في الموضوع: البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع
الانتقال إلى العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور العرض الشجري