01-12-2009, 12:41 AM
|
#1
|
كاتب مميز
رقـم العضويــة: 13104
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مــكان الإقامـة: مملكة الخير
المشـــاركـات: 2,703
|
محاكمة الأحياء -مقال جدير بالقراءة
صحيفة خبر :
لا يمكن تحميل مأساة جدة على أكتاف معالي الأمين لأنه بحكم التنصيب وارث لا فاعل. ولكن معاليه يجب أن يتحلى بالشجاعة الكافية لأن يفضح جذور المأساة وأن يكشف كل عيوب الإرث الثقيل الذي تركه له أسلافه في المكان، فقصة هذه المدينة ليست مع أمطار ما قبل الأمس، بل مع الطبطبة التي حشدت كل هذه الملايين من الناس في علب من السردين دون الحد الأدنى حتى من البنية التحتية. واحترام أرواح الموتى يستلزم أن نوقظ ضمير الأحياء من المسؤولين الذين تعاقبوا تحديداً على جهازي أمانة جدة وهيئة الصرف الصحي ثم تركوهما دون أي إحساس بخطورة الوظيفة. والقصة المأساة تكمن في عقود خلت من الإهمال الذريع الذي لم يترك لهذه المدينة الهائلة الحجم متنفساً ولكم أن تتخيلوا هذا الإرث: مدينة تشحذ حدائقها على فضلات شاردة من الأمتار تحت الجسور والكباري وعلى الأكتاف والجزر ما بين الشوارع. مدينة يهرب أهلها من البيوت فلا يجدون متراً من المساحة الخضراء إلا في الحياة على الرصيف ما بين شارعين بفضل هوامير الأراضي مثلما أشار أخي رئيس التحرير بالأمس ولكن: من هو الذي دمغ الأوراق وأجاز المخططات وختم عليها بالأختام الرسمية. القصة الحقيقية لمأساة هذه المدينة ليست في أرواح الغرقى ولكن في ضمائر الأحياء الذين يجب أن نستدعيهم فوراً من الرف كي يكتشفوا أنهم تركوا هذه المدينة بلا حديقة أو نفق أو تصريف وتركوها أكثر من هذا حتى بلا مقبرة حين كان شعارهم: للحي أن يتدبر أمره وللميت الرحمة. احترام أرواح الغرقى يستلزم محاكمة الأحياء الذين مروا على هذه المدينة وتحديداً في هذين الجهازين، وأن يقفوا أمام سؤالين: من هو الذي سمح لبطون الأودية ومهابط الجبال أن تتحول إلى أحياء .
أي مشروع ذاك هو مشروع الصرف الصحي الذي ينام الليلة عامه العاشر مجرد أنابيب مقفلة تحت الأرض وكأن أهل المدينة مجرد أجسام نورانية تشرب ولا تعرق؟
علي الموسى
|
|
|
|
___________________________
|
|
|