«زعلانين ليه؟»
اتضح لي ان أهالي مدينة جدة «مدللون» أكثر من غيرهم. السبب علو الأصوات وارتفاعها لمجرد ان لجنة مكافحة الغش التجاري اكتشفت - ربما بالصدفة - ثمانية عشر طناً من اللحوم والأجبان الفاسدة أُعدت للتسويق.
أولاً، الكمية قليلة «ولو كانت ذبيحة ما عشتكم». الثاني، انها ربما كانت تحت التجهيز للبيع في «الليث أو القنفذة»! التي يذهب البعض إليها لأكل السمك الطازج، وسبب إحساسي بأن «الجداوية» فيهم شيء من الدلال، كثرة من كتب وعلق ورفع صوته على هذا الموضوع الذي أراه عادياً، وكأن «العروس» فازت العام السابق بالجائزة العالمية لمدينة اللحوم والأجبان النظيفة! أو كأنها في أمور ايجابية حققت أرقاماً قياسية.
في الرياض اكتشف العام الماضي مئات، أقول مئات الأطنان من اللحوم الفاسدة كانت تجهّز للتصنيع في شركة رائدة ممتازة لتصنيع الأغذية، ولا يعرف كميات ما تم تسويقه. لم ترتفع الأصوات بهذا الشكل، بل لم أر تعليقات بهذه الكثافة، خصوصاً من زملاء. كتبت ثم كتبت، و»ما احد جاب خبر». وجهت مقالاً لهيئة الرقابة والتحقيق، واتضح أنها خارج الخدمة، على رغم انه نشر عن اللحوم من ضخامتها في صحف مصرية! ولا يعرف حتى الآن هل اتخذت قرارات، وما هي؟ ربما تكون العمالة «شالت» كالعادة. ضاعت القضية أو تاهت بين أمانة مدينة الرياض ووزارة التجارة وهيئة الرقابة والتحقيق، وما زال اسم الشركة في الحفظ والصون، ومع أسماء أصحابها الميامين الذين ادعوهم لمشاهدة إعلان «أكلك حلال!»، ولعلهم يتحسسون لحظة المشاهدة على اكتفاء أبنائهم وبناتهم.
الذي يظهر لي ان لجان مكافحة الغش التجاري تنشر أخباراً من هذا النوع، لغرض وحيد هو إشعار الناس بأنها موجودة، حتى لا تصرف وزارة الخدمة المدنية أعضاءها من الخدمة، والدليل ان لجان الفصل - فصل القضايا عن الأسماء - لم تصدر قراراً واحداً معلناً بوضوح، بل ان أسماء أعضائها غير معلنة هي الأخرى، ومثلما يذكر في «العمليات الإعلامية» أنها أجبان ولحوم لا تذكر أسماء التجار، ومثلما تنشر صور اللحوم المضبوطة، لا تنشر صور المفسدين في الأكل… لماذا؟ لأن الغرض هو غسيل الدماغ.
لا مقارنة بين اقل من عشرين طناً ومئات الأطنان، وهو ما اكتشف. أما ما تم تسويقه فلا يعلمه إلا الله تعالى، والحسابات الجارية، ومن المضحك ان تشتكي وزارة التجارة من قلة عدد المراقبين، ثم تعلن عن السماح بتصدير الحديد والإسمنت، وتذيّل القرار بقدرتها على المراقبة. هذه حالنا… «زعلانين ليه»؟ وأكتب عن قضية أصبحت قديمة ومصت عظامها الإعلامية، لأن اللجنة التي فرح بتشكيلها البعض لم تصدر بياناً عن نتائج تحقيقاتها حتى الآن.