خلف الحربي
50 ريالا في اليوم
جاءت كلمة (الدخل) من دخول الأموال إلى جيبك ولكن حين يكون راتبك 1500ريال فإن ذلك لا يسمى دخلا لأن الأموال لا تدخل جيبك على الاطلاق بل هي تخرج بشكل تلقائي لذلك فإن التسمية الصحيحة لمثل هذا الراتب هي (خرج) أو (خراج)!.
حين قرأت رسالة شاب يحاول عبثا تقسيم هذا الراتب البائس على مصروفاته الشخصية لمدة عشرة أيام وجدت أن أكبر عباقرة الرياضيات لا يستطيعون ضبط علاقة القسمة بين البسط والمقام فقد تحول البسط إلى (بسطة) ولم يعد لـ(المقام) أي وجود على الاطلاق.
50 ريالا في اليوم كيف لها أن تستوعب بنزين السيارة وطبق الفول الصباحي وفاتورة مغسلة الملابس وإيجار غرفة فوق السطح ومكالمات الجوال وبعض الإطلالات السريعة على عالم الإنترنت، وإذا علمنا أن أنيشتين أبو النظرية النسبية لا يستطيع أن يعثر على ناتج قسمة 50 ريالا على 24 ساعة يعيشها الشاب الأعزب فلا شك أنه سيفضل العودة إلى قبره حين يعرف أن صاحب الرسالة متزوج ولديه طفلة في عامها الأول، ما يعني وجود بنود أساسية للحليب والحفائظ والأدوية!.
لو كنت مكان شركات (دراكولا) التي تمتص دماء الشباب لمنحتهم بدلا من هذا الراتب أكياس أرز وصناديق طماطم وكوبونات بنزين وبطاقات سوا بدلا من أن تنفجر أدمغتهم وهم يفكرون في الوصول إلى النظرية الذهبية التي تجعل هذا الراتب كافيا لمواجهة أعباء الحياة.
يرفض وزير العمل فكرة صرف إعانة للعاطلين فلا يستطيع هؤلاء الشباب ترك وظائفهم التي تمتص دماءهم دون أن تقدم لهم شيئا يذكر، ويرفض الضمان الاجتماعي فكرة مساعدتهم لأنهم موظفون ولديهم (دخل)، ويعجز علماء الرياضيات عن إيجاد ناتج القسمة بين الخمسين ريالا و24 ساعة التي سرعان ما تنتهي ليبدأ يوم جديد.. و: (يادوب مرت علي أربع وعشرين ساعة)!.
عكاظ ( الإثنين 27/07/1430هـ ) 20/ يوليو/2009 العدد : 2955