مبالغات الغش والحِمَى المستباح


عثمان الصيني
٢٠١٢/٧/٢٩



مهما تحاول أن تكون هادئا ومتفائلا وبعيدا عن ثقافة الإحباط تطل عليك أخبار وأحداث تستفزك وتشعرك أن الدنيا ليست بخير والحياة صعبة، فمهما ابتعدت عن القنوات الإخبارية فإن الأحداث تلاحقك وصوت جميل عازر الكارثي يملأ الفضاء حتى لو أغمضت عينيك وسددت أذنيك، وصور الضحايا في سوريا وعمليات التطهير العربي ضد شعب أراكان في ميانمار لن تفارقك في النوم أو اليقظة وستظل جرحا غائرا في وجدانك يضاف إلى جراح سابقة وأخرى لاحقة.

فإذا رددت الطرف إلى الواقع المحلي تجد «الشرق» تصافحك بخبر عن شركة بريطانية متهربة من الضرائب وعليها مخالفات دولية تعتزم دخول السوق السعودية للمنافسة على إحدى الرخص الثلاث التي ستطرحها هيئة الاتصالات.

ويصافحنا الرئيس السابق للجنة الغش التجاري التابعة لغرفة جدة بتصريح في «عكاظ» أن البضائع المقلدة والمغشوشة وصلت بحسب عدد من الإحصاءات إلى أكثر من 80 % من الموجود في الأسواق، أي أن جهود لجان حماية المستهلك وهيئة المواصفات والمقاييس وهيئة الغذاء والدواء والأمانات وكل الجهات المختصة في الصحة والتجارة والصناعة والزراعة بالآلاف المؤلفة من المراقبين لم تسفر إلا عن ضمان 20% من البضائع التي نستهلكها في جميع مناحي حياتنا، ولولا ذلك لأصبحت حياتنا كلها مغشوشة.

وبين فترة وأخرى نسمع عن متعاقدين في الجامعات والمستشفيات والمصانع والإدارات المختلفة يعملون بشهادات مزورة في أدق الأعمال وأخطرها وأبسط الأعمال وأدناها، ومصانع الألبان الوطنية تسكب في بطوننا لبنا وحليبا وجبنا وقشدة بتواريخ مزيفة وتسعى بعد أن كشف أمرها إلى الحصول على تصريح بإلغاء تاريخ الإنتاج ولولا بقية من حياء لطالبوا بإلغاء تاريخ انتهاء الصلاحية.

وأتساءل بعد كل هذا: هل أصبحنا حمى مستباحا لكل طامع بالكسب على حساب صحتنا وأعمارنا ومدخراتنا أم سيخرج علينا أحد المسؤولين بعبارة هذه مبالغة وتفتقر إلى الدقة؟

http://www.alsharq.net.sa/2012/07/29/415383