أكتب لكم وقلبي يتمدّد ليس «حبّاً» أو»كرهاً» إنما بسبب حرارة ألمّت بهذا القلب في صيف وهجير وغبار مثير..أتأمل في هذه اللحظات ذلك الرجل الذي سكن بيتاً اشتراه بدينٍ يقصم الظهر من تاجر عقار رفع السعر من أجل أن يستمتع هو وشلته في ربوع أوروبا صيف كل عام ليسافر ويكون سفيراً لنا فوق العادة وليبيّن للعالم الأول أن بئر النفط يصبّ في البيت السعودي صباً وأن انقطاعات الماء بسبب المسابح التي ملأت بيوتنا وانقطاعات الكهرباء بسبب شلالات اصطناعية يلهو بها أبناؤنا..يسافر السيد التاجر وقد ألقى خطبةً عصماء قبل سفره يحث فيها شلته التي سيسافر معها إلى هناك على توظيف الشاب السعودي ويغمز ويلمز لأصدقائه بأن التوظيف هو بداية النهاية..
فحينما يتوظف الشاب نستفيد من حماسه ونقدم له عروضاً بنكيّة يسيل لها اللعاب لنأخذ راتبه فلا يكاد يكفيه لأسبوعين ونجعله يلهث وراء العمل فيعمل ليل نهار وتتعب صحته فنحيله إلى التأمين الطبي لتعم الفائدة على كل التجار.وتنتهي خطبته العصماء بأن توظيف الشباب واجبٌ وطنيٌ وهم مشترك لديه شخصياً وأنه سيسعى لحل هذا الموضوع في الاجتماع القادم أي قبل الصيف المقبل!! فيسافر والحساب قد امتلأ عن آخره فيرسل السيارة إلى شوارع باريس ويجلس في المقاهي وهو يتحدث عن إنجازاته ومساهماته..أما الباخرة البسيطة فترسو في مرسيليا للاستمتاع بالبحر وأجوائه اللطيفة ولا مانع من وجود الطباخ «سعيد» ليطبخ الأكل «البيتوتي»في أرجاء فرنسا فتتغير الأجواء ولا تتغير الأطباع!!أما أنا ومن على شاكلتي فنستمتع بالجو الجميل وانقطاع التيار وغياب الماء وندرته أحياناً..ونطالع نشرات الأخبار الجوية لنختبئ من غبار قادم أو لنبتعد عن أجواء متقلبة أو نقف عند شركة الكهرباء طالبين إرجاع الخدمة الكهربائية فنستمع لتلك الرسالة المُعتقة التي تقول»الكهرباء طاقة لا تسرف في استخدامها» (عجيب) كيف لا نسرف ونحن نتقطّع من حرارة الأجواء وبكاء الأطفال؟!! في الأخير لم أستطع مقاومة الأجواء فوجدت الفكرة وأخذتني الأقدار إلى «التعرف على السعودية» كما تقول هيئة السياحة لدينا فاتصلت بالخطوط السعودية وانتظرت عشرين دقيقة وأكثر واكتشفت بعد الانتظار أن رحلات أبها مغلقة إلى نهاية الصيف وأسعار الفنادق مقاربة لفنادق باريس وجنيف. فعلمت أن المكيف جميل والانقطاع الكهربائي مفيد ليجعلنا أكثر خشونة وأن انقطاع المياه لنعرف قيمتها وارتفاع الأراضي ليستمتع إخواننا في المواطنة من الذين يحرصون على السعودة بأجواء أوروبا الخالية من «غبارنا».أما أنا فلست مستاءة من أحد وأستمتع الآن بأجمل صيف وأتعرف على «السعودية» من مواقع الانترنت وليس بالقرب من فنادقنا