"المراعي" .. الزمن اختلَف!
عبدالعزيز الحبيل
في بداية هذا الشهر الميلادي أطلت علينا الصحف بخبر زيادة شركة "المراعي" لـ "عبواتها " ذات اللترين من الحليب واللبن ريالاً واحداً.
كانَ هذا القرار قراراً "أحادياً" من المراعي حتى أرادت "الصافي" أن تظهرَ بمظهرِ الحليف , وأن تلتحقَ بموجةَ رفعِ الأسعار لتحقيق أقصى هامش ربحي ممكن ولو على حساب جيوب "صغار" المستهلكين.
"المراعي" الشركة الأكبر المصنعة للألبان سعودياً حققت في الربع الأول من عام 2011 في قطاع "الألبان" فقط أرباحاً تعدَّت 99 مليون ريال وبهامش ربح قارب 14% , في حين أن نادك مثلاً التي حققت 16.7 مليون ريال كـ صافي أرباح وبهامش ربح قاربَ 5.9% لم تتبع الشقيقة الكبيرة في رفعِ الأسعار.
المراعي تُعللُ رفعَ أسعارها بارتفاع أسعار المواد الأوليَّـة في حين يرفض المحلل المالي السعودي أ.تركي فدعق ذلكَ التعليل مشيراً إلى الدعم الحكومي المستمرّ لـ شركات الألبان في 3 مكونات أساسية من مكونات الإنتاج,إضافةً إلى أنَّ أسعار السلع العالمية لم تسجل أي زيادة خلال الأشهر الأخيرة.
كانَ السيناريو المعتاد في مثلِ هذه الحالات التي تفرضُ فيها "الشركات الكبيرة" املاءاتها على جيوب صغار المستهلكين , أن يستجيبَ هؤلاء "المساكين" للشروط الجديدة كما هيَ العادة وكما هوَ متَّبـعٌ دوماًَ.
في الحالة الأخيرة تفاجئت الشركة الكبيرة بحجمِ ردَّةِ الفعل الشعبية وبنموّ مخالبِ "المستهلك الصغير" الذي كانَ أقصى احتجاجٍ يستطيعُ تقديمهُ في مثلِ هذه الحالات أن يشكو لزوجته هذا الارتفاع المستمرّ والدائم ويقتطعَ من راتبه مجدداً مبلغاً أكبر لتغطية احتياجاته الاستهلاكية.
لم ينتظر هذا المستهلك بيانات الإدانة " المعتاده " من جمعيات حماية المستهلك , ولم يستسلم مجدداً لإملاءات رأس المال وأطماع تضخم " الأرباح" على حساب جيبه , انطلقَ مباشرةً إلى " تويتر " و " فيس بوك " وبقية الوسائل التواصلية لإظهار احتجاجه والعمل على إيصال رسالةٍ جدية إلى ممارسات هذه الشركات بالمقاطعة لمنتجات الشركة الرافعة لأسعارها دونَ مبررٍ مقنع وبشكلٍ "أحادي" مستفز.
وقد كانَ لهُ ما أراد بعدَ بضعةِ أيامٍ فقط يقرأ هذا " المستهلك الصغير " عنواناً عريضاً على صدر أهم المواقع الإخبارية السعودية:المقاطعة الشعبية تجبر المراعي السعودية على التراجع عن رفع أسعار الألبان , ليتأكدَ هذا المستهلك تماماً أن الزمن اختلف وأن رأس المال "المسيطر" الذي يفرض شروطه ويمضي لم يعد كذلك وأن صوته باتَ مسموعاً ومقروءاً ومؤثراً وأن تعاونـه ومساهمته معَ أشقاءه "صغار المستهلكين" كفيلةٌ بجعلهم القوة الأكبر والأكثر تأثيراً على الأرض أليسوا هم من يخلقُ ثروة رأس المال الكبير؟
http://www.albiladdaily.net/?p=2380