أبشري بطول سلامة يا شركات الألبان




د. محمد آل عباس
نشرت ''الاقتصادية'' في عددها رقم 6473 السبت الماضي، أن إحدى شركات الألبان بدأت برفع الأسعار على علبة اللبن (حجم لتران) بمقدار ريال واحد فقط. ورغم عدم فهمي الكامل لحقيقة النموذج الاقتصادي في المملكة وهل نحن نعمل وفق اقتصاد السوق أو الاقتصاد الموجه أو خليط بينهما، إلا إنني أؤمن تماما بحق أي شركة وأي شخص في أن يبيع ما يشاء بالسعر الذي يريد. نعم، وبلا أدنى شك، من حق شركة الألبان هذه وغيرها أن تبيع (اللتر) بما تشاء حتى ولو بـ 100 ريال للعبوة. بل إنني لا أؤيد تدخل الدولة بفرض سعر محدد، لأن في ذلك التزاما تاما بالقاعدة الرأسمالية الشهيرة ''دعه يعمل دعه يمر''، لكن في المقابل (واتباعا للقاعدة نفسها) نطلب من الوزارات والهيئات أن تمنحنا حق الشراء كيفما نريد وممن نريد وقتما نريد وفي المكان الذي نريده. هذه حرية الأسواق، فإذا كان من حق أي شركة أن ترفع السعر في الوقت الذي ترغبه، فإنني أطالب بأن يأخذ المجتمع فرصته وحقه في اتخاذ قراراته في الشراء، وبما أنه لا توجد وصاية على الشركات ورجال الأعمال فإننا لا نريد وصاية على قراراتنا .. كيف؟
نحن نعلم أن الاقتصاد الرأسمالي قائم على فلسفة المنافسة وحرية السوق، ذلك - وببساطة شديدة - أن الأسعار تتحدد بناء على أعلى سعر يستطيعه البائع قبل أن يأتي بائع آخر ويبيع بأقل منه (وهذا يعني خسارة العملاء بأن يتركوا السعر الأعلى ويتجهوا إلى البائع الآخر) وسيفاوض المشتري على أدنى سعر يستطيع الحصول عليه قبل أن يأتي مشتر آخر ويدفع أعلى منه. عند مستوى السوق التنافسية (الكثير جدا من البائعين والكثير جدا من المشترين فإن السوق لن ترحم أحدا - لا كساد بائع ولا فقر مشتر - وستتحدد الأسعار تلقائيا)، يحدث أحيانا خلل في أداء السوق وترتفع الأسعار ويحقق التجار أرباحا ضخمة ''غير عادية''، حتى تصبح السوق جذابة لبائعين جدد يتوافدون على السوق وتبدأ الشركات الكبيرة بالظهور ويتزايد العرض فوق قدرة السوق على التحمل، هنا يبدأ البائعون بالتنافس وتخفيض السعر حتى تصل السوق إلى حرب الأسعار وتعود أقل مما كانت عليه، وتفقد السوق جاذبيتها ويبدأ الهروب الكبير منها، ثم أخيرا تعود السوق للهدوء مرة أخرى والبحث عن مستوى توازن جديد لتنطلق منه في دورة أخرى. في سوق تنافسية مفتوحة كهذه فإن أمل الشركات في البقاء هو في عدم إظهار جاذبية السوق بالحفاظ على أسعار تنافسية يصعب على الدخلاء الجدد البيع عندها وتحقيق عوائد استثمارية جيدة، ولفعل ذلك تقوم الشركات بلعبة محاسبية تسمى ''إدارة الأرباح وتمهيد الدخل'' بحيث يظهر النمو في الأرباح بشكل معقول غير جذاب للدخلاء الجدد.
لكن كل ذلك لا معنى له إذا كانت السوق محتكرة من شركة واحدة (كما في الخطوط الجوية) أو تنافسية محتكرة بين عدة شركات (كما في الاتصالات والألبان)، فالشركات تحقق أرباحا ضخمة وواضحة للعيان والسوق جاذبة لرجال الأعمال والشركات المحلية والأجنبية ومع ذلك تقف الدولة كحامي حمى السوق وتفرض حماية لهذه الشركات المحتكرة ''بـ أو بلا'' مبررات اقتصادية واضحة، هذه الحماية تأتي بأنظمة وقوانين صريحة تمنع دخول هذه السوق، أو بالدعم للشركات المحلية والتسهيلات والقروض الضخمة والضرائب الجمركية على المنافس الأجنبي بحيث يصعب على المنافس تحقيق عوائد مجدية ويقرر عدم دخول السوق أو الخروج منها إذا تورط فيها (ولنا في سما وناس تجربة). المشكلة في هذا الدعم (خاصة غير المبرر اقتصاديا) أن الشركات المحلية تستخدمه لتمارس التعسف مع العملاء (المواطنين) وترفع الأسعار كيفما تشاء في الوقت الذي تشاء دون أن تلتفت إليهم ولا لظروفهم، كما أنها لا تهتم بقضايا المجتمع مثل السعودة أو المسؤولية الاجتماعية أو البيئية أو الصحية طالما كل ذلك ليس له تأثير في الأرباح وفي قدرة المشترين على البحث عن بديل.
في سوق وشركات مثل هذه فإن إدارة الشركة تهرب من أي سياسات ترشيد وتطوير وجودة طالما أن السوق تدفع عند أي سعر. عندما ترتفع تكاليف مدخلات الإنتاج وبدلا من تبني سياسات تفاوضية أفضل والبحث عن مصادر للمواد أفضل، أو تحمل جزء من هذه التكاليف وتعويض النقص في الأرباح من خلال زيادة الحصص في السوق، بدلا من كل هذا العناء تقوم الشركة برفع الأسعار وعلى المتضرر اللجوء إلى البحر (يمكنه الاختيار بين شربه أو تبليطه).
قبل سنوات عدة كانت سوق الألبان تنافسية حتى دخلت شركات الألبان في حرب تخفيض الأسعار - وهو أمر يسر العملاء في المدى القصير ويضرهم في المدى الطويل - فتدخلت وزارة التجارة بشكل صحيح واجتمعت بالشركات وحلت المشكلة، لكن السوق بعد ذلك فقدت سمة التنافسية، وأصبحت محتكرة بيد شركات معدودة فلم تستطع أي شركة جديدة الدخول إلى السوق منذ أكثر من 15 عاما، ولذلك استطاعت هذه الشركات العودة بالأسعار سريعا، وقبل عامين بدأت إحدى شركات الألبان ورفعت الأسعار بمبررات سمتها ارتفاع تكلفة المدخلات ثم لم نلبث قليلا حتى تبعتها باقي الشركات واليوم يعود المشهد الممل نفسه وتبدأ إحدى الشركات برفع الأسعار بالحجة نفسها.
نحن نعرف - في سوق عاقلة منطقية - أن شركة واحدة لن تتجرأ برفع الأسعار وهي تعلم أن الشركات المنافسة قد تحافظ على نفس المستوى السابق للأسعار أو قد تستغل الفرصة وتخفض أسعارها أملا في حصة أكبر من السوق تسرقها من الشركة التي رفعت سعرها تعوض بها ارتفاع تكلفة الإنتاج. أقول كيف تتجرأ هذه الشركة على ذلك إلا إذا كانت تتوقع (أو أن هناك اتفاقية غير معلنة بين الشركات) على رفع الأسعار، أو أن هناك تفاهمات بعدم القيام بفعل يضر الشركة التي قررت رفع السعر؟ عندما قلت في أول المقال (إننا نريد ضمان حريتنا في اتخاذ قرار الشراء ممن نريد) كنت أقصد أن تضمن الوزارة لنا ''نحن المشترين'' أنه لم تحصل مثل هذه الاتفاقيات أو أنها لن تحصل، خاصة أن هذه الشركات جميعها وقعت مع الشركات الإماراتية قد نحو عشرة أعوام مذكرات تفاهم لتوزيع الحصص والأسعار. لا نريد تحقيقات تظهر في الصحف كفقاعات ثم تختفي نتائجها كما حصل قبل عامين.
إننا نريد من وزارة التجارة - كما دعمت هذه الشركات ووقفت بجانبها أثناء حربها على الأسعار - أن تقف بجانبنا اليوم نحن المشترين وتضمن لنا عدم وجود أي اتفاقيات بين الشركات. نريد تصريحات واضحة ومسؤولية كاملة من وزير التجارة بذلك، لا أريد من وزارة التجارة الضغط على الشركة بتخفيض السعر، بل نريد ضمانات بعدم وجود اتفاقيات سرية أو اجتماعات (غير رسمية)، وأنه عند حدوث أي اجتماعات من هذه النوع تكون تحت مجهر وعين الوزارة وألا تناقش خلالها الأسعار والتكاليف والحصص. نريد من الوزارة أن تضمن لنا حقنا في الاختيار والتسوق من خلال مراجعة لأسباب احتكارية هذه الشركات، وإذا لزم الأمر تفكيك هذه الكيانات أو السماح للمنتج الأجنبي بالدخول بسياسات تحفيزية. نريد فقط ضمانات من الوزارة بسوق حرة نشترى فيها ما نشاء وقت ما نشاء كيفما نشاء ممن نشاء وليس إجبارنا – بسياسات متعددة - على شركات احتكارية.

http://www.aleqt.com/2011/07/09/article_557214.html

اقتباس
ومع ذلك تقف الدولة كحامي حمى السوق وتفرض حماية لهذه الشركات المحتكرة ''بـ أو بلا'' مبررات اقتصادية واضحة،

المشكلة ان وزارة التجارة وبعض الجهات الحكومية تدعي انها
تتدخل لصالح المواطن وهي تعلم او لاتعلم انها هي التي اضرت المواطن والغت عامل المنافسة الشريفة في الاقتصاد الحر

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمرة غضا التميمية

نحن نعرف - في سوق عاقلة منطقية - أن شركة واحدة لن تتجرأ برفع الأسعار وهي تعلم أن الشركات المنافسة قد تحافظ على نفس المستوى السابق للأسعار أو قد تستغل الفرصة وتخفض أسعارها أملا في حصة أكبر من السوق تسرقها من الشركة التي رفعت سعرها تعوض بها ارتفاع تكلفة الإنتاج. أقول كيف تتجرأ هذه الشركة على ذلك إلا إذا كانت تتوقع (أو أن هناك اتفاقية غير معلنة بين الشركات) على رفع الأسعار، أو أن هناك تفاهمات بعدم القيام بفعل يضر الشركة التي قررت رفع السعر؟ عندما قلت في أول المقال (إننا نريد ضمان حريتنا في اتخاذ قرار الشراء ممن نريد) كنت أقصد أن تضمن الوزارة لنا ''نحن المشترين'' أنه لم تحصل مثل هذه الاتفاقيات أو أنها لن تحصل، خاصة أن هذه الشركات جميعها وقعت مع الشركات الإماراتية قد نحو عشرة أعوام مذكرات تفاهم لتوزيع الحصص والأسعار. لا نريد تحقيقات تظهر في الصحف كفقاعات ثم تختفي نتائجها كما حصل قبل عامين.

تسلم يمين الكاتب وتسلمين على النقل اختي الكريمه , واتوقع ان هذا الحاصل إتفاقيات بين الشركات , مثل التلاعب في الأوزان وتخفيضها تبدأ بشركه ثم تتبعها الشركات الأخرى
الله يكون بعوننا