حماية المستهلك تتم بالعقوبات فقط

عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل الشيخ

عقد في مدينة الرياض الأسبوع الماضي المنتدى العربي الثاني لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد وحماية الملكية الفكرية والذي نظمته مصلحة الجمارك السعودية ..

وقبل هذا المنتدى بعدة أشهر وتحديدا في يوم الأحد الموافق 1/7/1431ه عُقد في معهد الإدارة العامة ندوة حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية ( روئ وتجارب ) افتتح هذه الندوة معالي وزير التجارة والصناعة وشارك فيها على مدى يومين عدد كبير من المسؤولين المختصين على المستوى المحلي والعالمي ... وفي هذا المنتدى وفي هذه الندوة تمت مناقشة عدة محاور وموضوعات تتعلق بظاهرة الغش التجاري والتقليد وحماية المستهلك . وفي ختام هذا المنتدى وهذه الندوة توصل المجتمعون إلى عدة توصيات جميلة جدا..

حسناً ... عُقدت الندوة وعُقد المنتدى . وقُدمت توصيات جميلة ورائعة فهل يمكن القول إننا نجحنا في مكافحة الغش وحماية المستهلك ؟!

أعتقد لو قدر لنا عمل إحصائية بعدد المؤتمرات والندوات التي عقدت في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق الرياض انتركونتيننتال وفي قاعة ابن خلدون في مركز الأمير سلمان للمؤتمرات في معهد الإدارة العامة بالرياض على مدى السنوات الطويلة الماضية لاحتجنا إلى كم كبير جداً من الأوراق !! ولكن السؤال ما هي نتيجة جميع هذه الندوات وهذه المؤتمرات ؟ وما مدى تأثيرها الايجابي على الواقع الاجتماعي ؟ وما هي درجة فعاليتها في تحسين أداء الخدمات ورفع كفاءتها، وما هي نتائج تطبيق التوصيات التي قدمتها كل هذه المؤتمرات وهذه الندوات التي عقدت في هاتين القاعتين؟!

ان ظاهرة الغش وحماية الناس من الغش والتزوير وحماية الحقوق الفكرية والشخصية للمستهلك المنتج أعتقد أنها ليست لغزا .. وليست قضية معقدة وليست مشكلة مستعصية حتى نضطر لفك غموضها او البحث عن حلولها الى إقامة الندوات .. المؤتمرات ... ولا تتطلب مواجهتها تصاريح روتينية مملة ومتكررة.. فقط هي ظاهرة تحتاج إلى تطبيق صارم للأنظمة بكل حزم ..

ففي هذه البلاد ولله الحمد أوجدت الدولة جهات وإدارات معنية بحماية المواطن والمجتمع والمستهلك ككل من الغش والتزوير والتزييف .. وأنشأت جهات لحماية المستهلك وأنشأت هيئات لإعداد المواصفات والمقاييس . ونشرت أجهزة الرقابة على كل مداخل الوطن البرية والبحرية والجوية .... وفي بلادنا هناك تشريع إسلامي ولدينا أنظمة ولدينا قوانين جميعها وضعت لمحاربة الغش ومكافحة التزوير من خلال عقوبات واضحة لكل من يمارس الغش والتزوير بأي طريقة وبأي أسلوب وذلك من أجل فرض العدالة ونشر الطمأنينة وضمان الصحة والسلامة للمجتمع وللفرد ..

لكن المشكلة ( المزمنة ) لدينا تكمن في تطبيق مثل هذه الأنظمة وهذه العقوبات على الواقع وبالتالي افتقاد هذه الأنظمة وهذه القوانين الاحترام الكامل أو ( المهمل ) أو شبه المرفوض !! وهو احترام لن يتحقق إلا بتطبيق هذه العقوبات بكل قوة وبكل صرامة وخاصة في الأمور والجوانب التي تكفل وتضمن حقوق الآخرين أياً كان نوعها وحالتها ودرجة حجمها .. وقبل ذلك تسهيل إجراءات الشكاوى وسرعة البتّ فيها والحكم على المجرم وإعلان الأحكام والتشهير بكل مرتكبي الغش والتقليد !!

ايضا لابد من دعم منافذ الجمارك السعودية وخاصة الواقعة على الحدود الشرقية والجنوبية والشمالية فهي المنافذ التي تتحمل العبء الأكبر على مدار الساعة من دخول الواردات التي عليها شبهات التقليد والتزوير!! وهذا الدعم يجب ان يتمثل في عدة مجالات منها دعم معنوي ومادي لكل العاملين في هذه المنافذ وتحقيق الاكتفاء المادي لهم بما يحميهم من اي إغراءات !! أيضا أهمية افتتاح مراكز او فروع لهيئة المواصفات والمقايس في كل منافذ الجمارك لتسهل عملية الكشف والمعاينة عن قرب فورا وفي الحال وعلى مدار الساعة .. أيضا افتتاح فروع لوزارة التجارة والصحة والبلديات وكذلك فروع للجهات المعنية بالكشف والمعاينة والمطابقة والإجازة لكل أنواع الواردات من أجهزة ومعدات وملابس وألعاب وقطع غيار وأدوية ومستحضرات تجميل وهي واردات لا تخلو من التقليد بشتى صوره ..

لذلك أكرر ... أننا لسنا بحاجة إلى مثل هذه الندوات للقضاء على مثل هذه الظاهرة .. بقدر حاجتنا الماسة والعاجلة إلى تطبيق الأنظمة وخاصة أنظمة العقوبات وبكل عدالة وبكل صرامة لحماية الناس من كل أنواع الغش التي غزت أسواقنا ومطاعمنا ومنازلنا وسياراتنا وملابسنا .. لكن الأهم منها هو ما يتعلق منها بصحة وسلامة الإنسان وسلامة أجيال الوطن الناشئة التي هي الضحية الأهم والأكبر لكل أوجه الغش !! ولو تحقق هذا الضبط وفرضت الهيبة وتخلصنا من الروتين والبيروقراطية في الكثير من الإجراءات فإن ذلك سيُغنينا إن شاء الله عن مثل هذه الندوات والمؤتمرات ..


http://www.alriyadh.com/2010/10/22/article570384.html