أخيراً . .
هناك من يهتم بالمستهلك

فهد بن عبد الله القاسم
شدتني أنشطة هيئة الغذاء والدواء في الآونة الأخيرة، التي كان إعلانها المدوي حول شركات المياه خاتمتها، فإعلان الهيئة كان إعلاناً واضحاً في مضمونه، محدداً في تحذيره، ومشمولاً بالصور منعاً لأي التباس.
إعلان الهيئة ليس الأول ولن يكون الأخير، فقد سبقت هذا الإعلان مجموعة من الإعلانات التحذيرية حول بعض الأدوية والمنتجات الغذائية والمستحضرات التجميلية.. إلخ، ولكن الإعلان الأخير للهيئة يكتسب أهمية أكبر نظراً لتغير نمط استهلاك المياه المعبأة من قبل جمهور المستهلكين، فبعد أن كانت المياه المعبأة تستخدم فقط خلال الطرق وحالات السفر، أصبحت تستخدم في الولائم والمطاعم، ثم في المكاتب، بل إنها أصبحت المنتج الأكثر استخداماً لاستهلاك مياه الشرب لكثير من الناس في بيوتهم.
لفت انتباهي في إعلان الهيئة أن فحصها لمياه الشرب المعبأة لم يكن بمبادرة منها، بل بتوجيه من المقام السامي، وكان المفترض أن تقوم الهيئة بدورها الرئيسي والفعال من تلقاء نفسها.
ما قامت به الهيئة ولا شك جهود تشكر عليها، ولكن هل يكفي أن تعلن الهيئة وتطلب من المستهلكين تجنب استهلاك هذه المياه والتخلص مما عندهم !! أعتقد أن هذه إشكالية كبيرة ومشكلة حقيقية، فكم من مستهلك لم تصل إليه رسالة الهيئة وكم من مستهلك لا يقرأ الصحف، وكم من مستهلك كان مسافراً وتم الإعلان وهو خارج الوطن، وهل تتوقع الهيئة من البقالات التي تبيع هذه المياه أن تتخلص منها وتوقف بيعها أو تتلفها، ونحن نعرف أن بعضاً منها يروج لمنتجات انتهت صلاحيتها !!
هل يكفي أن تعلن الهيئة للمستهلكين عن سمية المياه بالطريقة التي تمت؟ طبعاً الإجابة «لا» وألف «لا»، فالمتوقع من الجهات المسؤولة أكثر بكثير من هذا الإعلان، ومثلي يتوقع أن تتخذ

الجهات الحكومية الإجراءات التالية على أقل تقدير:
* تجريم الشركات المنتجة، وإيقاف إنتاجها، وتغريمها، ومقاضاة المسؤولين عنها.
* إجبار الشركات المنتجة بسحب المخزون في الأسواق بأسرع وقت، وتعويض منافذ البيع عنه.
* تنفيذ حملة إعلانية توعوية عن المنتجات المخالفة على حساب المنتجين.
* التشهير بالمخالفين وإبلاغ الجمهور بما تم حيال مخالفاتهم.
أعلم أن الهيئة لا تملك هذه الصلاحيات و»بركة» منها أن تعلن وتقوم بالجهد الذي قامت به، ولكني أحسب أن صحتنا وسلامتنا أغلى عند الدولة وأولي الأمر من ذلك، أليس من الأولى أن تكون هناك لجنة أو فريق عمل (أو سمه ما تريد) مكوناً من الجهات ذات العلاقة ولديه الصلاحيات اللازمة للقيام بالإجراءات التي تحمي المستهلكين المساكين من جشع التجار والمصنعين أو من جهلهم !!
الرسالة الضمنية لإعلان الهيئة التي وصلت إلى المستهلكين وفهمناها بهذا الشكل تفيد أن شركات المياه المعبأة الأخرى سليمة تماماً وبريئة من التهم براءة الذئب من دم يوسف !! هل هذا صحيح؟ إعلان الهيئة لم يقل ذلك ولكنه لم ينف أيضاً !! فالمستهلك يتوقع أن الهيئة قامت بفحص جميع المياه المتوافرة في السوق، وأعلنت عن المياه المخالفة فقط.
أقترح على الهيئة أن تعلن عن تصنيف لمنتجات المياه من حيث الجودة، وهو موضوع بالغ الأهمية ومثار جدل لدى المستهلكين، الذين يركضون وراء الشائعات، فهذا أفضل لجودة طعمه، وذلك أجود لأمانة منتجيه، والثالث أوثق لأنه منتج من شركة عالمية . . وهكذا، وهو إعلان لشركات المياه للتسابق نحو الجودة، والميدان ياحميدان.
كما أقترح على الهيئة أن تقوم بنفس الإجراء على العصائر والمشروبات ومنتجات الألبان التي يتناولها أبناؤنا يومياً، فلا نريد أن نكتشف بعد فوات الفوت أن ما نقدمه لأبنائنا على أنه حديدا وفيتامينات ومواد نافعة كان سموماً ومسرطنات ومواد حافظة وملونات فقط.
جهود الهيئة المشكورة تجرنا جراً إلى الجهات الرقابية الأخرى التي نتوقع منها حرصاً موازياً على صحة المستهلكين وأمنهم وجيوبهم . . ومن أهم هذه الجهات هيئة المواصفات والمقاييس، كما نتوقع تفاعلاً أكبر من الجهات التنفيذية سواء في سرعة التنفيذ أو الحزم فيه، كما نتوقع أن تتحمل الجهات الحكومية ذات العلاقة مسؤوليتها الواجبة عليها تجاه اكتشاف هذه المواد قبل وصولها إلى الأسواق ومنع دخولها أو تصنيعها، وسحب المعروض منها في الأسواق، وتوعية الجمهور بها وبأضرارها، ومعاقبة المتسببين في دخولها أو تصنيعها، والتشهير بالمتاجرين بصحة الشعب وبأموال الناس وأرواحهم.

http://www.aleqt.com/2009/10/27/article_293605.html

شكرا جزيلا للطرح
عوااافي