التضخم في المملكة صفر% وليس 9%

د. عبدالرحمن محمد السلطان
التضخم يقصد به الارتفاع المستمر والمحسوس في المستوى العام للأسعار خلال فترة زمنية معينة، وتستخدم لقياسه مؤشرات عدة. فهناك معدل التضخم السنوي والذي يقيس نسبة التغير في متوسط قيمة مؤشر تكاليف المعيشة في عامين متتاليين، وهناك معدل التضخم لـ 12 شهرا الماضية والذي يقيس نسبة التغير في قيمة مؤشر تكاليف المعيشة في نهاية شهر معين مقارنة بمعدلاته في نهاية الشهر المقابل من العام السابق، وأخيراً هناك معدل التضخم الشهري والذي يقيس نسبة التغير في مؤشر تكاليف المعيشة خلال شهر بعينه.
معدلات التضخم التي يتكرر الحديث عنها في وسائل الإعلام حالياً والتي تشير إلى أن معدل التضخم في المملكة بلغ في كانون الأول (ديسمبر) الماضي 9 في المائة على سبيل المثال تمثل في الواقع المقياس الثاني للتضخم، أي أنها تقيس معدل التضخم لـ 12 شهراً الماضية، أو نسبة التغير في المستوى العام للأسعار بين كانون الأول (ديسمبر) 2007 وكانون الأول (ديسمبر) 2008، من خلال مقارنة قيمتي مؤشر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة في هذين الشهرين. إلا أن هذا المقياس يكون مناسبا لحساب معدلات التضخم عندما يكون هناك ثبات في اتجاه مؤشر تكاليف المعيشة خلال فترة الـ 12 شهراً الماضية، أما عندما يحدث انقلاب حاد في اتجاهات الأسعار كما حدث أخيراً في المملكة نتيجة أزمة المال العالمية، فإن معدلات التضخم وفق هذا المقياس تصبح غير ذات قيمة ولا تعكس الواقع بأي مستوى مقبول.
وفي مثل هذه الحالة فإن تغيرات الأسعار الآنية والتي تعكسها معدلات التضخم الشهرية تعطي صورة أدق للواقع الحالي للضغوط التضخمية في الاقتصاد مقارنة بمعدلات التضخم السنوية أو معدلات التضخم خلال الـ 12 شهراً الماضية. على سبيل المثال، ورغم أن معدلات التضخم خلال الـ 12 المنتهية في شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) من عام 2008 تظهر أن الاقتصاد السعودي كان يعاني ضغوطا تضخمية كبيرة نتيجة بلوغ معدلات التضخم في هذين الشهرين نسبة 9.5 و 9 في المائة على التوالي، إلا أن المعدل الشهري للتضخم كان في الواقع متراجعاً في تشرين الثاني (نوفمبر) بنسبة 0.17 في المائة ومرتفعاً في كانون الأول (ديسمبر) بنسبة 0.17 في المائة فقط، ما يعني أن متوسط معدل التضخم خلال هذين الشهرين كان في الواقع (صفر) في المائة، أي أنه في المتوسط لم تكن هناك أي ضغوط تضخمية خلال هذين الشهرين، وهذا مغاير تماماً لما أظهرته معدلات قياس التضخم خلال الـ 12 شهراً الماضية.
ما يعني أن هناك اتجاهاً عاماً للمستوى العام للأسعار في المملكة نحو الاستقرار ولا وجود لأي ضغوط تضخمية في الوقت الحالي، بل إن التوقعات تشير إلى أنه وبسبب تأثير أزمة المال العالمية وما ترتب عليها من تراجع في أسعار السلع الأولية عالميا ونتيجة للارتفاع الحالي في سعر صرف الدولار أمام عديد من العملات العالمية، فإن المتوقع حدوث تراجع إضافي في أسعار معظم السلع المستوردة، وفي ظل اعتمادنا الكبير عليها كمصدر للاستهلاك محليا، فإنه يفترض أن تشهد أسعار مختلف السلع الاستهلاكية والخدمات في المملكة تراجعاً كبيراً خلال المرحلة المقبلة، ما يعني أن معدلات التضخم ستكون في الواقع سالبة، أي أن المتوقع أن يكون هناك انكماش في الأسعار أو Deflation لا تضخم خلال الأشهر المقبلة، ومع ذلك ستستمر معدلات التضخم عند قياسها على أساس أنها نسب تغيرات الأسعار خلال 12 شهراً، ولعدة أشهر مقبلة، تظهر ارتفاعاً كبيراً في معدلات التضخم في المملكة، كونها تعكس تأثير الارتفاعات الكبيرة في مستويات الأسعار التي حدثت خلال النصف الأخير من عام 2007 والنصف الأول من 2008 ولا تعكس الواقع الحالي لمعدلات التضخم.
وقبل الختام قد يكون من المناسب أن نُعرج على تساؤل في ذهن كثير من المستهلكين حاليا وهو: لماذا لم تتراجع الأسعار في المملكة بصورة تعكس التراجع الحاد في أسعار السلع عالميا؟!. هذا يعود إلى أن تراجع الأسعار عالميا مرتبط بتراجع الطلب العالمي على السلع والخدمات في ظل تفاقم مشكلة الانكماش الاقتصادي في أنحاء كثيرة في العالم نتيجة أزمة المال العالمية، الأمر الذي أجبر المنتجين على تخفيض أسعارهم للمحافظة على أسواقهم. أما نحن في المملكة، وبسبب التأثر المحدود للأزمة على مستويات دخول الأفراد حتى الآن، فإن الطلب على مختلف السلع والخدمات لم يتأثر، أو أن تأثره كان محدودا جدا، بحيث وجد المستوردون أن هذا الانخفاض في أسعار السلع عالميا فرصة لزيادة هوامش ربحهم بدلاً من تمرير هذه الانخفاضات إلى المستهلكين، مستغلين وكالاتهم الحصرية وحالة احتكار القلة ومحدودية المنافسة التي تسيطر على الأسواق في المملكة.
http://www.aleqt.com/2009/02/02/article_191493.html

مصير الموس يمر على روسهم..

و الإستغناء عن ما لا حاجة له هذه الأيام أصبح ضرورة ..

موضوع رائع جدا

[quote=Saudi Mqataa;115178]

التضخم في المملكة صفر% وليس 9%

د. عبدالرحمن محمد السلطان
التضخم يقصد به الارتفاع المستمر والمحسوس في المستوى العام للأسعار خلال فترة زمنية معينة، وتستخدم لقياسه مؤشرات عدة.

خالف تعرف ... شكل الدكتور عايش في المريخ !!!!

وجد المستوردون أن هذا الانخفاض في أسعار السلع عالميا فرصة لزيادة هوامش ربحهم بدلاً من تمرير هذه الانخفاضات إلى المستهلكين، مستغلين وكالاتهم الحصرية وحالة احتكار القلة ومحدودية المنافسة التي تسيطر على الأسواق في المملكة.

مص دم الشعب ... هذ هو مبدأ تجارنا ... اول من يطبق رفع الاسعار اذا بس سمعوا خبر عن زيادة الاسعار وهم اخر من يخفض الاسعار بعد نزولها عالميا !!!!!!