القمقمائية بين السِندانِ والمِطرقة !
القمقمائية بين السندان والمِطرقة !
المجتمع عبارة عن دوائر تتسع وتضيق , هناكَ من يعتبر الوطنَ بكل اختلافاته مجتمع , وهناكَ من يرى أن مجتمعه ووطنه لايتعدى قبيلته , وهناكَ صنفٌ آخر مجتمعه لايتعدَى قطة سوداء وسرير له صرير ومنزل قد نسجَ العنكبوت فيه بيته وسطل للقمامة !
وكل المجتمعات تسعى للتقارب في كل الأصعدة , لها رئيس وشعب وقانون بهِ تسير الأمور وتحل الخلافات وبالطبعِ هناك دائماً استثناءات وهناكَ دائماً مفارقات هيَ التي تجرّ المجتمع الى الويلات !
قال الصادِق المصدوق الذي لاينطِق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى عليه الصلاة والسلام : (( إنما هلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) .
صاحب السرير والقطة والمنزل ديكتاتوري جداً لايقبل النقاش في قراراته ولايستمع لمياوات قطته , يقمعها , ويركلها , ويسجنها معلقة بذيلها في كثير من الأحيان , رغمَ أنه يعطيها الأكل والشرب ولكن كل هذا كانَ في سبيلِ اخضاعها واذلالها وقيامها بالمهامِ الموكلة اليها دون تردد !
حاولت المسكينة أن ترضي صاحبها بالأساليب السياسية لتتجه الى الاساليب قليلة الأدب والذوق , حتى اذا أعيتها الحيلة ووجدت أن كل ذلِكَ لايُجدي نفعاً (قاطعَت) كلّ مالذّ وطاب متجهةً الى صندوق القمامَة هنـاك خارج المجتمع الذي تعيش فيه لتبحثَ عن الطعامِ أولاً , ولتصبِح طليقةً حرّة أبيـّةً في اراءها وأفكارها لا تقَع تحتَ ضغوط مجتمعها الذي يمنحها الأكل , هَيَ لم تثر من أجل الخبز بل ثارت من أجل الاستقلال والحرية , وتركَت وراءها العبودية , ترَكتها دونَ اياب !
راحَت القطّة الشقية تبحث عن وطن تصنعه بنفسهِا لايَعدو ذاتها والقمامة , فألّفّت كتُب مليئة بلغة الثورة والتمرّد والتحرر من عبوديّة البشر , وأصبحت كتبها تغزو المجتمعات الأخرى لتستفيق القطط من سباتها وتُعلِن حالة استنفار للبحثِ عن وطن يكفَل لها العدلَ والمواساة !
انتشـرت أفكارَها القمقمائية كما أسمتها ( لأنها خرجت من القمامة واليها تعود ) وصارت القطط في أصقاع الأرض تنادِي بشعاراتها وترفَع لافتاتِها أمامَ العالَم , حتَى خرَج جيلٌ من القطط يتبنى أفكارها ويروج لها !
هُنا وصلت دعوتها الى البيوت الارستقراطية المليئة بالقطط النخبوية صاحبة النفوذ والمَال والشُهرة , وبلغَت الحركة القمقمائية ذروتها , ودق ناقوس الخطر أمامَ أصحاب البطون والعروش !
أصبحت القمقمائية شُغلَ العالَم , والإعلامُ ليس لهُ شغل الا هِي !
بدأت المسيرات وبدأ الشغب وبدأ التمرّد لتعلِن القطط استقلالَها واستثمار طاقاتها للتخلص من تلكم العبودية !
دقت أجراس لندن , واعتلت القطط برج بيزا , وامتلأ سور الصين العظيم بالقطط , وأصبحَ العالَم ملك لصاحبة النظرية القمقمائية !
هنا قاطعني أخي (أبا حاتم) فجأة : ماهذا الهراااااااااااااء ... قِف هُنا !
استجبتُ لندائه وأخبرته إن كانَ قد وصله خبر اقفال موقع المقاطعة السعودية الأخير !
رد أخي : لا ... حتى أني لستُ أعرفه !
قلت : بالطبعِ لستَ تعرفه .. ولكنها كانت أُولى خطوات القمقمائية !
انحنيت منشداً قول أحمد مطر :
فراشةُ هامَتْ بضوءِ شمعةٍ
فحلّقت تُغازِلُ الضِّرام
قالت لها الانسام :
(قبلَكِ كم هائمةٍ .. أودى بِها الهُيـامْ !
خُذي يدي
وابتعدي
لنْ تجِدي سوى الرَّدى في دَورةِ الخِتامْ )
لم تَسمعِ الكلامْ
ظلّت تدورُ واللَّظى يدورُ في جناحِها
تحطََّمتْ
ثُمَّ هَوَتْ
وحَشْرجَ الحُطامْ :
( أموتُ في النورِ
ولا
أعيشُ فِي الظلامْ )
هنا صاحَ أخي : توقَف ولاتكمل فأنا أول العارفِينَ بموقِع المُقاطعة وقد اعادوا تشغيله من جديد !
نظرتُ اليه وهو يتمتم باسماً :
أموت في النورِ
ولا
أعيشُ في الظلامْ
|