الجنادرية 2050

خلف الحربي


مهرجان الجنادرية هو التظاهرة الثقافية الأبرز الذي نحتفي من خلالها بتراثنا العريق وماضينا الجميل، ولكن حتى الماضي يتطور بين حين وآخر!، فما نعتبره اليوم حاضرا مبهرا سوف يتحول غدا إلى ماض سحيق، ولن يكون غريبا لو عرضت أجهزة الإيفون والبلاك بيري بعد 30 عاما في مهرجان الجنادرية باعتبارها أجهزة الاتصال البدائية التي كان يستخدمها الآباء والأجداد! . واليوم ثمة أشياء كثيرة يجب أن نستعد للحفاظ عليها كتراث سعودي عريق ونخصص لها أجنحة دائمة في مهرجان الجنادرية لأننا حافظنا عليها رغم أنها لا تنتمي إلى هذا العصر بأي حال من الأحوال، كما أن اليونسكو يمكن أن تدعم هذا المشروع لأن هذه الأشياء انقرضت في أغلب دول العالم وبقينا نحن نعتز بها أكثر من اعتزاز الإنجليز بالعربات الملكية التي تجرها الخيول.

وفي مقدمة هذه الأشياء بالطبع مكاتب (العرضحالجية) أمام الدوائر الحكومية فنحن أمة لا تستغني عن (المعاريض) حتى في عصر الإنترنت وثورة المعلومات حيث يجب أن يعرف أحفادنا أننا قوم في منتهى الجدية (ونأخذ العلم من راس الرجال) ولا نعتمد على الوثائق حيث لا تكفي بطاقة الأحوال المرفقة بالمعاملة بل يجب أن تكتب معروضا تبدأه بعبارة (أنا المواطن فلان الفلاني)، وفي بعض الأحوال يستلزم الأمر أن تحضر اثنين من الشهود وشخصين آخرين يزكيان شهادة الشاهدين بأنك (فلان الفلاني)، ويمكن أن يضم هذا الجناح الختم الأثري لعمدة الحي الذي لا يعرفك ولا تعرفه ولكنه يؤكد أنك (فلان الفلاني)! .

وبالطبع هناك حافلة (خط البلدة) التي تمسكنا بها في عصر المترو والحافلات الحديثة لأننا قوم نعتز بهويتنا ولا ننسى أصلنا، وكذلك (وايت) الصرف الصحي الأصفر الذي لم نجد بديلا عنه لشفط المجاري بعد أن سرق الفاسدون ميزانيات أنابيب الصرف الصحي فمثل هذا الوايت يدل على طيبتنا ونقاوة معدننا وإيماننا بمبدأ (الستر زين)، وبما أن خط البلدة سيكون في أجنحة منطقة الرياض والوايت الأصفر سيكون في أجنحة جدة فمن الأفضل أن نضم لوسائل النقل التراثية هذه قطار الشرقية الشهير!. ومن الأشياء التي تستحق الحفاظ عليها شهادات المعلمين العاطلين وخريجي الكليات الصحية التي نجحنا في تحويلها إلى مشروب الشباب المفضل حيث إن الخريجين والخريجات عاما بعد عام تعودوا على (بلها وشرب مائها)، ومن المهم أن تحتوي أجنحة المهرجان على (الشبوك) السحرية العجيبة التي يمكن أن تخفي منطقة صحراوية كاملة بطعوسها وغدرانها وضبانها وعقاربها!، وحبذا لو كان في استقبال رواد المهرجان مذيعو النشرة الإخبارية الرسمية وأن نكتب فوقهم لافتة تقول: (لقد مات المشاهدون وبقي هؤلاء الرجال الأشداء يصارعون الزمن!).

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0430415970.htm

من شر البلية مايضحك