في بلادنا وزارة التجارة منذ عشرات السنوات، وفي هذه الوزارة إدارة تهدف ــ كما يقال ــ إلى حماية المستهلك، ولست أدري ما هو مفهوم هذه الحماية عند هذه الإدارة خاصة وعند الوزارة بشكل عام.
وسبب جهلي بنوعية الحماية أنني وعلى مدى سنوات طويلة لم أر ولم أسمع أن هذه الإدارة قامت بحماية حقيقية لأي مستهلك في بلادنا، فكانت هذه الإدارة مثل «بيض الصعو» الذي نسمع به ولا نراه.
على مدى سنوات طويلة كتبت وكتب غيري يطالب وزارة التجارة أن تقوم بواجبها أو جزء منه على الأقل لتحمي المستهلك مما يتعرض له من ابتزاز لا يتوقف من بعض التجار لكن الوزارة كانت ولا تزال تصم أذنيها عن كل تلك المطالبات وكأنها لا تعنيها من قريب أو بعيد، حتى دب اليأس في نفوس الكتاب والمواطنين من قيام حماية المستهلك بشيء من دورها الذي كان يجب أن تمارسه.
سأفترض جدلا أن في وزارة التجارة إدارة حقيقية هدفها حماية المستهلك، وسأتساءل عن الواجبات المفترضة عليها القيام بها لحمايته، فما هي هذه الواجبات؟
أي مستهلك في الدنيا يبحث عن الأسعار الحقيقية للسلعة التي يشتريها، كما يبحث عن مدى جودة هذه السلعة، أما الأشياء الأخرى فهي أقل في نظره من سواها خاصة أن دخل الكثيرين لا يحتمل الارتفاع الجنوني وغير المبرر للأسعار .. كما أنه يحرص في الوقت نفسه على جودة السلعة التي يشتريها خاصة إذا كانت من المأكولات أو الملبوسات.
الحديث عن ارتفاع الأسعار وبصورة مستمرة هو حديث المجالس، ولا أعتقد أن المسؤولين في الوزارة يجهلون هذه الحقيقة .. ربما يتجاهلونها.. هذا الارتفاع لم يستثن شيئا على الإطلاق؟ الطعام والشراب، والملبس والمأكل .. باختصار كل شيء.
الارتفاع ليس بنسب معقولة، لأنه يتجاوز الضعف أحيانا، وأكثر منه أحيانا أخرى.
ولو أردت أن استقصي كل شيء ــ أو بعضه ــ لاحتجت إلى صفحات كثيرة .. وأتساءل: أين حماية المستهلك من كل هذا؟! ولماذا الصمت المطبق؟!
وإذا أردت ــ عزيزي القارئ ــ أن تعرف دور الوزارة فاقرأ الخبر الذي نشرته «الوطن» في 18 صفر 1431هـ، وملخصه: أن المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق خاطبت فروع وزارة التجارة في المملكة تقول لها: إن المؤسسة خفضت أسعارها 40 في المائة لكن هذه الأسعار لم تتغير عند التجار مما أوقع الصوامع في جرح مع عملائها.
تخيل! الشكوى هنا ليست من مواطن بل من جهة حكومية فهل هذه الجهة على حق أم لا؟ وسبب هذا التساؤل المعروفة إجابته أن حماية المستهلك تدعي ــ غالبا ــ أن كلام المواطنين مبالغ فيه، أو أنها لا تعلم بكل ما يحدث وأن على المواطن أن يتصل بها إذا رأى شيئا من ارتفاع الأسعار .. وكأنها ستتحرك!
مرة أخرى أين دور حماية المستهلك من جشع التجار واستغلالهم لحاجات الناس؟!
أما البضائع الفاسدة أو المقلدة فهي الأخرى تتمتع بالأمن والأمان، فالحماية لا تعرف طريقها!
محلات أبو ريال أو ريالين وما شابهها قيل عنها الكثير .. حتى من الناحية الطبية وتأثيرات بعض بضائعها على صحة الناس .. ومع هذا كله فالحماية محمية بفضل الله!
ارتفاع أسعار الفنادق، والمساهمات التجارية الوهمية، أو التي تلاعب أصحابها بالمواطنين، كل هذا من مسؤولية وزارة التجارة .. ولكن!
هل نحلم أن يأتي اليوم الذي نرى فيه أن وزارتنا تولي المواطنين بعض الاهتمام؟! قولا وعملا وليس شيئا لا يقدم ولا يؤخر!
هل تتمكن الوزارة من نزع بعض أنياب التجار وليس كلها على أقل تقدير؟! أتمنى أن أعيش حتى أرى ذلك اليوم.