فقدت الكثير من أسواقها بما فيها الخليجية
انتهاء ظاهرة «جنرال موتورز» كثقافة أميركية
الوقت:
يبدو أن الوقت قد فات بالنسبة لـ''جنرال موتورز'' عملاق صناعة السيارات العالمي، فحتى لو وفقت في إعادة بناء نفسها، فإن احتمال عودتها إلى ما كانت عليه في الماضي ضعيف جدا. فلن يرغب الناس في اقتناء سيارة شارفت الشركة الصانعة لها على الهلاك، فضلا عن تحول السائقين إلى سيارات أصغر، وأقل استهلاكا للوقود، وهو ما لا يتوافر في النسخ التي تطرحها ''جنرال موتورز'' ضمن مجموعتها.
ورغم الدعم الحكومي، إلا أن التخفيضات في الأسعار التي انتهجتها الشركة لتشجيع المستهلكين على الإقبال على شراء منتجاتها، سيؤدي إلى انخفاض كبير في أرباحها التي كان آخر عهدها فيه العام ,2004 لتتحول بعد ذلك إلى الخسائر.
كانت ''جنرال موتورز'' في أوجها كأكبر شركات صناعة السيارات في العالم بلا منازع، لكنها الآن أصبحت في رأس قائمة الخاسرين، حيث باتت تفقد أسواقها الاعتيادية أولا بأول.
لم تكن ''جنرال موتورز'' أكبر مجموعة لصناعة السيارات فحسب، بل اعتبرت أكبر شركة في العالم. لقد كانت تمتلك 50% من سوق السيارات في الولايات المتحدة. كانت مركباتها تمثل ظاهرة ثقافية أميركية. وفي العام 1967 احتفلت بصنعها السيارة المئة مليون.
لكن بعد هذا الازدهار، والتربع على القمة، لعبت فيها رياح الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي لتكبدها العام الماضي خسائر بلغت 30 مليار دولار، ولتدفعها إلى هاوية الإفلاس في منتصف العام الجاري، وتهددها بالإقفال لولا تدخل الحكومة الأميركية التي ساعدتها بنحو 50 مليار دولار (قدمت على دفعات).
تقلصت الأعمال، وسرح العمال، وأغلقت المصانع، وتكدست السيارات مع ضعف الأسواق.
و''جنرال موتورز'' شركة متعددة الجنسيات، أميركية الأصل، تعتبر ثاني أكبر منتج للسيارات في العالم بعد تويوتا اليابانية.
تأسست في العام 1908 بواسطة ويليام دورانت، ومقرها الرئيسي في مدينة ديترويت الأميركية، وكانت - قبيل الأزمة - توظف نحو 266 ألفا في مصانعها المنتشرة في 35 دولة.
وحققت العام 2005 رقما قياسيا إذ باعت 9.15 مليون سيارة تحت أسماء كاديلاك، وبيويك، وشيفروليه، وجي إم سي، وهمر، وهولدن، وجي إم دايو، وأوبل، وبونتياك، وساب، وساترن، وفاكسهول. وفي العام 2007 جاءت الشركة بإيرادات بلغت 181 مليار دولار لكنها عانت من خسائر فادحة بلغت نحو 38.7 مليار دولار. وتعد ''جنرال موتورز'' واحدة من أكبر الامبراطوريات المالية في العالم، وإلى جانب صناعة السيارات فهي تعمل في مجالات التأمين والتمويل التجاري والسكني، وتعد شركة ''أون ستار جي إم'' لها رائدة صناعة سيارات السلامة وخدمات الأمن والمعلومات في العالم. وتملك أيضا معظم أسهم شركة دايو للسيارات والتقنية في كوريا الجنوبية، كما أن لها تعاونا تجاريا وصناعيا مع شركتي إيسوزو وسوزوكي اليابانيتين، وتتعاون في مجال تقنية صناعة السيارات مع مجموعتي ديملر كرايسلر وبي إم دبليو الألمانيتين وتويوتا اليابانية، ولها عدة مشروعات في صناعة مركبات بالتعاون مع شركات عالمية أخرى.
وأعلنت ''جنرال موتورز'' إفلاسها في الأول من يونيو/حزيران 2009 كجزء من خطة إعادة الهيكلة المتفق عليها مع حكومات الولايات المتحدة وكندا، فيما يعد أكبر إفلاس لشركة صناعية أميركية ورابع أكبر إفلاس في تاريخ أميركا، بعد ''ليمان براذرز'' و''واشنطن ميوتشوال'' و''ورلد كوم''.
وبموجب خطة إعادة الهيكلة حصلت الشركة من الحكومة الأميركية على 30 مليار دولار جديدة، تضاف إلى 20 مليارا كانت دفعتها سابقا، لتمتلك 60% من أسهمها.
وأعلن اعتبارا من 8 يونيو ,2009 إزاحة جنرال موتورز من مؤشر داو جونز الصناعي، لتحل محلها شركة ''سيسكو سيستمز''. وهكذا تراجع عدد المصانع الكبرى لجنرال موتورز في الولايات المتحدة من 47 في 2008 إلى 34 في نهاية 2010 وإلى 33 بحلول .2012
واعترض كثير من الأميركيين من دافعي الضرائب على قرار الحكومة بمساعدة شركتي جنرال موترز وكرايسلر للسيارات إلا أن باراك أوباما دافع عن القرار بشدة. وقال وقتها إن ''انهيار الشركتين كان يمكن أن يخلف آثارا مدمرة بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي''.
ونجت ''جنرال موتورز'' من التصفية بعد أن رفعت قضية إفلاس، لكن حجمها تضاءل كثيرا.
وكانت الشركة قد توصلت إلى اتفاق مع 45% من حملة أسهمها في محاولة للحيلولة دون تطبيق خطة صارمة لإعادة هيكلتها.
وأخذ هؤلاء 10% من حصص المجموعة، في حين دفعت كندا 9.5 مليار دولار مقابل حصة تقارب 12%.
وأعلنت الشركة الأسبوع الماضي أن مبيعات سياراتها في الولايات المتحدة تراجعت الشهر الماضي 45%، بسبب ضعف ثقة المستهلكين، وانخفاض مستوى المخزون، وانتهاء برنامج الحوافز التي كانت تقدمها الحكومة الأميركية. وقالت إن مبيعاتها انخفضت إلى 156.7 ألف سيارة في من 284.3 ألف في الشهر نفسه في العام الماضي. إلى ذلك، قالت جنرال موتورز - الشرق الأوسط إن مبيعاتها تراجعت في بعض الأسواق الرئيسية في المنطقة في النصف الأول من العام الجاري.
وهبطت مبيعاتها في الإمارات بنسبة 44%، وفي قطر 23%، في حين زادت بالكويت نحو 9%، ولم تذكر شيئا عن السعودية والبحرين وسلطنة عمان. لكن الملاحظ أن السوق البحرينية تأثرت هي الأخرى كغيرها من أسواق الشركة، حيث تراجعت مبيعاتها بشكل لافت - بحسب تجار سيارات يعملون بشكل منفرد - والذين أكدوا أن الطلب في هبوط مستمر رغم انخفاض الأسعار بنسب كبيرة وصلت إلى ما بين 30% و40%.
لكن فرع الشرق الأوسط قال إبان إعلان الشركة الأم إفلاسها بأنه ليس جزءاً من ذلك. وأوضحت ''جنرال موتورز في الشرق الأوسط''، أنها مؤسسة ذاتية التمويل وتتمتع بأعمال حيوية ومربحة، وسوف تستمر في ممارسة نشاطها كالمعتاد عبر شبكة وكلائها مثلما فعلت بنجاح منذ أكثر من 80 عاماً.
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=183233