خسر 4 ملايين في البورصة ومات قبل أن ينفذ بحقه حكم الإعدام
مهندس يهشم رأس زوجته وأبنائه
هناء البنهاوي ـ القاهرة
كان مهندس الكمبيوتر شريف كمال الدين حافظ (55 عاما) ساهرا حتى الفجر يفكر في خسارته في البورصة والأزمة المالية الطاحنة التي ألمت به، وبدا أنه فقد القدرة على الصمود في مواجهة هذه الأزمة المالية التي أصابته في مقتل، فسارع في لحظة يأس إلى ارتكاب جريمة بشعة مستخدما «بلطة» هشمت رؤوس زوجته وأبنائه، محاولا بعدها الانتحار.
استيقظ سكان ضاحية النزهة في مصر الجديدة على هذه المذبحة الأسرية المروعة التي هزت المجتمع المصري حين وقوعها،
خصوصا أنها كشفت عن عورات ثقافية واجتماعية أفرزتها العولمة الاقتصادية الطاحنة ومنافسات السوق في غياب الوازع الديني.
لذلك لم يجد المهندس شريف بدا من الاعتراف بجريمته كاملة وطالب بإعدامه في جلسة المحاكمة التي سبقت النطق بالحكم، قائلا «اعدمونى أنا مستحقش أعيش».
وظل المهندس شريف أو «قاتل النزهة» وفقا للقب الذي اشتهر به منذ ارتكابه للجريمة، يعيش تأنيب الضمير وبإرادة واحدة هي إرادة الموت، وتحققت هذه الإرادة فلقي حتفه في زنزانته في السجن بعد أيام على قرار المفتي بإعدامه بعد رفضه الداخلي للحياة، ما أدى إلى تراجع حالته الصحية وإصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية نتج عنه توقف فى عضلة القلب وفقدان للوعي من آن لآخر، وجاء حكم الله فيه وقدره أسبق من تنفيذ حكم المحكمة بالقتل شنقا، وفقا لما جاء في قرار المفتي.
هذه النهاية المأسوية لرجل ينتمي لأسرة مصرية ميسورة، لم يكن يوما مجرما، ولم يتخيل أن يصبح نجما في صفحات الحوادث، لكنه كان زوجا حنونا وأبا معطاء مخلصا، لكنه في المقابل لم يتوقع غدر الأيام وكبواتها المفاجئة، ومن شدة حبه لأسرته وخوفه عليهم -وهو بالضرورة حب وخوف مرضيين- خشي عليهم من الفاقة بعد خسارته ما يقرب من 4 ملايين جنيه جمعها من أصدقائه وأسرته لاستثمارها في البورصة عن طريق وسيط، وفقده الأمل في استعادة هذه الأموال فسارع إلى قتل زوجته عبلة طنطاوي وابنيه وسام مهندس، وداليا (مدربة باليه) أثناء نومهم، ثم حاول الانتحار بقطع شرايين يده لأنه لا يستطيع الحياة دون أسرته، كما جاء في اعترافاته أمام النيابة.
روى المهندس تفاصيل حياته وكيف كان يحب زوجته التي كانت زميلته في كلية الهندسة، وجمعت بينهما قصة عاطفية، من يومها قررا ألا يفترقا وبات زواجهما قرارا مصيريا، وكيف أن خسارته لهذه الأموال أشبه بالعار وأنه رفض أن يعيش الجميع بعاره، عقب ضياع الثقة التي وضعها فيه أقرانه الذين كانوا يعملون معه في الخليج، حيث منحوه أموالهم لاستثمارها وفجأة ضاع كل شيء وأصبح غير قادر على إعادة هذه الأموال اليهم مرة أخرى، ومن هنا تولدت لديه في لحظة جنون فكرة قتلهم لتخليصهم من هذا العذاب دون أن يكون قد خطط لجريمته، فتوجه لدولاب في منزله يحتفظ به ببعض العدة والتقط «بلطة» وتوجه لزوجته عبلة يحيي طنطاوي (55 عاما) وقتلها لم يتمكن من التوقف عن جريمته حتى لا يعيش الأبناء في مأساة، فتوجه لابنته وقتلها هي الأخرى، ليأتي الدور على الابن الذي لم يقاومه كما أذيع، لكن الابن استيقظ من النوم مفزوعا فقتله دون مقاومة.
وجاء موت المهندس شريف داخل زنزانته ليسدل الستار عن أغرب وأبشع جريمة شهدها المجتمع المصري، لكنها الجريمة التي فتحت باب الجدل الاجتماعي والنفسي لدى الخبراء والمتخصصين في هذا المجال ومنهم الدكتورة عزة كريم أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة، التي اعتبرتها مؤشرا على الانهيار الكامل في أقوى وأهم العلاقات الإنسانية الطبيعية والغريزية، ودليلا واضحا على انهيار المجتمع، مشيرة إلى أن الأب الذي مثل هذه الجرائم ليس مجرما في الأصل، لكنه شخص مدمر وصلت درجة انهياره إلى أن يضحي بأقرب الناس اليه خوفا عليهم وليس انتقاما منهم، فهو يخشى عليهم من الفقر وعدم قدرة المجتمع على حمايتهم؛ فالموت هنا يمثل الحماية لأولاده أكثر من بقائهم على قيد الحياة داخل هذا المجتمع.