من المتعارف عليه أن أي خدمة تقدم يكون لها بعض الآثار السلبية التي قد تلحق بالمستفيد من هذه الخدمة. لكن يبدو أن مزودي هذه الخدمات مهما كان نوعها يفرقون بين المستفيد الوطني وغير الوطني عند ظهور مثل هذه الآثار السلبية. حيث يتم تجاهل النوع الأول من المستفيدين وعدم الاكتراث بمطالبهم حيال هذه السلبيات. ومرد ذلك هو عدم وجود قوانين واضحة وصارمة تحدد حقوق المستهلك. وتأخذ بحقه حين ظهور هذه الآثار السلبية لا سمح الله.
• في إحدى المؤسسات التعليمية لدينا كان هناك أستاذ من جنسية غربية. وأراد هذا الأستاذ إجراء عملية «زائدة لحمية». ومن هنا زار أكثر من مستشفى على مستوى الوطن. لكن المفاجأة أن الجميع رفض إجراء هذه العملية له. لماذا يا ترى؟ نعم رفضوا جميعاً لأنه غربي. نعم هكذا لأنه غربي. فالغربي كما يرون سيكون قادراً على مقاضاتهم ومعرفة الحصول على حقه لو حدث حتى مجرد خطأ بسيط. فلماذا يدخلون أنفسهم في حسابات غير مضمونة النتائج. ومن هنا سافر أستاذنا إلى وطنه وعمل العملية وعاد بالسلامة. أين هذا من مشرط الجراح ومشرط «المتجرح» (الذي لا يمت للجراحة بصلة ولكنه بقدرة قادر يزاولها في مؤسساتنا الصحية). أقول أين هذا من هؤلاء الذين يدخل العمليات معهم إنسان سليم ويخرج ميتاً أو معاقاً. وأين هذا من اولئك الأطباء الذين لا يبخلون على مرضاهم بترك مقص أو شاش أو غيرها من الأدوات في بطنه. بل لقد تحدث أحد الأطباء غير السعوديين في إحدى الصحف عن ما يمارسه بعض الأطباء في غرفة العمليات مع مرضاهم. فهذا يرن هاتفه ويخرج من العملية ليتبادل مع زوجته كلمات الغزل والرومانسية. ومن ثم يطلب سرعة إنهاء العملية لأنه مضطر للذهاب للبيت. وذلك يغالبه النعاس في غرفة العمليات فيوقظه الطاقم الطبي المشارك في العملية أكثر من مرة. والقائمة تطول.
• إحدى السيدات كانت تتردد على أحد أطباء الجلدية في إحدى أكبر العيادات في المملكة. وكانت مشكلتها أنها ترغب بتنفيخ الشفايف وتدوير الوجه. ومن هنا وجد هذا الطبيب ضالته وأخذ يصرف لها بعض الأدوية التي يبدو انه يأخذ عليها عمولة من الشركة المنتجة. وبعد مدة ظهرت على وجهها العديد من الآثار السلبية الخطيرة. فرجعت إلى طبيبها وسألته عما يجري. فطمأنها ولكن الأمر استمر معها بل وأخذ وضعها في التدهور. فرجعت إلى الطبيب حاملة معها هذه المرة روشتة الدواء والتي تشتمل على ذكر العديد من الآثار السلبية التي قد تنتج عن استخدام هذا الدواء. وسألت الطبيب عن عدم تنبيهها إلى كل ذلك. فماذا تتوقعون رده! نعم قال «ان كل هذا مكتوب وموجه للمريض الغربي الذي قد يلجأ إلى الجهات المختصة ويرفع دعاوى قضائية على الشركة المنتجة ويكسب الملايين. ولذلك فإن هذا الأمر-والكلام للطبيب-لا يعنيك يا سيدتي. فأنت لن تقاضيهم ولن تقاضيني.»
• والأمر وللأمانة لا يقتصر على المؤسسات الصحية، بل يتعداها إلى أغلب المؤسسات. فعندما اكتشفت مؤسسة ان اس اف انترناشيونال الامريكية أن إحدى الشركات السعودية المصنعة لأنابيب المياه قد تجاوزت نسبة الرصاص المسموح به صحياً في هذه الأنابيب سحبت اعترافها بهذه الشركة المحلية. فخرج مدير الشركة الفذ وطمأن الجمهور غير الوطني (الخارجي) بأن هذه الأنابيب لم تصنع للاستهلاك الخارجي. بل للاستهلاك المحلي (جريدة الحياة الجمعة 18 يناير)!
وكأن المواطنين لا يضرهم الرصاص. وان ضرهم فلن يفعلوا شيئاً ضد هذه الشركة.
كل هذه الأمثلة وغيرها الكثير تؤكد أن المواطن يعامل كمستهلك من الدرجة الثانية ليس له حقوق. ولكن لو وجدت القوانين الصارمة والمفعلة لتغير الحال. الله يصلح الحال.
http://al-madina.com/node/100279