هنا يتم تفنيد اسباب الهجوم على قناة الجزيرة، والذي اشتد مؤخرا بعد تعريتها للنظام الحاكم في مصر وكشفها لوجهه القبيح والمرعب.. قراءة ممتعة..
أصبح إغلاق الجزيرة وملاحقة مكاتبها ومراسليها سيرة يومية وظاهرة إعلامية وسياسية في الوطن العربي، وهي سيرة لن تتوقف ما دامت الجزيرة وما دامت هذه الأنظمة العربية متربعة على صدور الأمة.
الجزيرة تتعرض لحرب شعواء على المستوى العربي والمستوى العالمي، ودول غربية وأنظمة عربية لا تخجل من قمع وسيلة إعلام، ومن سوق حجج لا تنطلي على السذج من الناس.
أسباب الحرب
هناك أسباب عدة للحرب على الجزيرة، وكلها متداخلة وتنتهي إلى أمر واحد، وهو أن هناك من يرغب في الاستمرار (بالتحديد الولايات المتحدة وبريطانيا ومن يواليهما من أنظمة العرب) في العبث بالعرب ومستقبلهم وآذانهم متدلية يساقون كالأنعام، ودون أن ينبههم أحد إلى القيعان التي تنتظر أجيالهم ووجودهم كأمة لها الحق في الحياة والتقدم.
هناك من يحرص على الاستمرار في امتطاء العرب كبغال لا تأمل إلا بكمشة من التبن (القش) يعلفها بها ممتطيها. وبالإمكان تفصيل هذا إلى ما يلي:
أولا: من عهد الجزيرة، بدأ العربي يسمع وجهة النظر الأخرى من إعلام فضائي مفتوح. لم يعد هناك احتكار للإعلام الرسمي الذي قهر الناس بأخبار الرئيس والملك وزوج الرئيس وأخت الرئيس وحرس الشرف وأغاني التمجيد والانتصارات المزيفة. أخذ العربي يعي حجم التخلف الذي تعاني منه الأمة العربية، ويتعرف سياسات القمع والاستبداد، والتدليس والتضليل الذي ينهجه الإعلام الرسمي ... إلخ. لقد أحدثت الجزيرة نقلة نوعية في الشارع العربي، وساهمت بقوة في إخراج العربي من حالة البله التي تلازمت مع الإعلام الرسمي، إلى حالة من التفكير بما يجري حوله.
ثانيا: تساهم الجزيرة في بث الوعي لدى الإنسان العربي، الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على الأنظمة العربية. أنظمة القمع والاستبداد تحارب الوعي، وتعده عدوا شرسا لما يشكله من خطر توعية الآخرين، وهي لا تتهاون مع أصحاب الوعي، وتلاحقهم بالليل والنهار، وتتخذ ضدهم الإجراءات المتنوعة بهدف تغييبهم أو تهجيرهم أو إلهائهم بلقمة خبزهم بعيدا عن الاحتكاك بالناس.
الاستبدادي عبد لسلطته، وهو يعمل كل ما بوسعه للمحافظة على استمراره في الحكم، والبطش بالناس واستغلالهم، ويعادي كل ما من شأنه أن يقود إلى التغيير والتطوير. التطلع نحو التغيير يعرض حكمه للخطر، والأفضل أن يبقى الناس بلهاء.
ثالثا: بنت الجزيرة جسورا قوية ومتينة بين العرب في مختلف الإقطاعيات العربية، وساهمت بذلك في تقوية الوعي القومي والوعي الديني، وسهلت الاتصال بين المثقفين والمفكرين العرب في مختلف أماكن تواجدهم.
تستضيف الجزيرة العديد من أعلام الفكر والرأي والخبرة في مختلف برامجها، وتضع هموم الأمة ككل على طاولة النقاش والحوار، وتحول الأمة تدريجيا إلى أمة تتكامل وتتبادل الإحساس بالمسؤولية المشتركة والمصير المشترك. وهي بذلك تعمل بقوة على بناء المشاعر الوحدوية العربية والإسلامية، وتستنهض الهمم بصورة غير مباشرة، متحدية بذلك سياسات الأنظمة العربية التي هدمت فكرة الوحدة لصالح تعبير سخيف اسمه التضامن العربي أو العمل العربي المشترك.
رابعا: ساهمت الجزيرة مساهمة مباشرة في تبيان تبعية الأنظمة العربية للدول الغربية، وهي تبين دائما مدى التدخل الخارجي بالشؤون العربية، وانصياع أغلب الأنظمة لإرادة الآخرين. وهي تساهم أيضا في نشر العلاقات الودية القائمة بين العديد من الأنظمة العربية وإسرائيل، والعلاقات التطبيعية المتطورة، وأحيانا التنسيق المشترك لتحقيق غرض ما في مواجهة حركات المقاومة العربية والإسلامية.
خامسا: لم ترضخ الجزيرة للدعاية الأميركية في الهجوم على أفغانستان والعراق، ولم تستسلم للتبريرات الأميركية لحصار دول عربية وإسلامية، أو لضربها عسكريا، أو لمناصرتها إسرائيل في مختلف المحافل الدولية.
بقيت الجزيرة خارج الأطماع الأميركية الإعلامية، وخارج الإرهاب الإعلامي، وعملت على كشف حقيقة السياسة الأميركية كما هي دون دعاية غير صحيحة أو إسفاف. لقد قضت الجزيرة مضاجع الأميركيين من الناحية الإعلامية لأنها استمرت في تفصيل الخبر والنبأ بالطريقة العلمية والمهنية.
سادسا: تغطية الهموم العربية بصورة مكثفة، والوقوف على دقائق الحروب ضد الشعب الفلسطيني وضد لبنان وغزة. لقد وقفت الجزيرة في أوقات الشدة مع كل شعب عربي تعرض للظلم أو العدوان، وفتحت أبوابها للتغطية المستمرة، ونقل الوقائع لحظة بلحظة. لقد نقلت أخبار الانتفاضة الفلسطينية بالتفصيل، وأعمال المقاومة، وحصار عرفات وحصار غزة، والحرب على حزب الله وعلى حماس ... إلخ. وفتحت أبوابها لتغطية هموم العراق والمآسي التي يتعرض لها شعب العراق.
سابعا: قدرة الجزيرة على التغطية الإعلامية والانتقال من مكان إلى مكان، ومتابعة الحدث بسرعة كبيرة ومن مصادره الأولى. طبعا الفضل بذلك يعود لحكومة قطر التي تقدم الدعم المالي والمادي، وتقاوم مختلف الضغوط لإغلاق المحطة.
مهنية الأداء
أشد ما يؤرق الأميركيين والأنظمة العربية أن الجزيرة تصر على مهنية الأداء الإعلامي، وترفض أن تكون بوقا إعلاميا لأحد. هذا مؤرق ومزعج لأنها تكسب صدقية مع الزمن ويتزايد عدد الذين يعتمدون عليها في متابعة الأخبار والتطورات. الجزيرة لا تنحاز في تغطيتها للأحداث، ودائما تأتي بالرأي والآراء الأخرى، ومع كل حدث تأتي بأشخاص يتحدثون من وجهات نظر مختلفة بمن فيهم الذين يؤيدون الأنظمة العربية وأميركا، والذين لا يؤيدون، وتأتي بمحايدين وخبراء لا علاقة لهم بهذا الطرف أو ذاك.
(لو) كانت الجزيرة بوقا إعلاميا لأحد مثل قطر أو حزب الله أو القاعدة أو مصر لاطمأنت الأنظمة العربية ومعها أميركا بأن مشاهدي القناة من صنف واحد فقط، وجمهورها معروف ولا ينتشر في بقاع الأرض، لكن قدرتها على الاستمرار في انتهاج الموضوعية واستحضار مختلف وجهات النظر يجري عكس ما يشتهي أعداؤها، الذين هم دعاة الاستقرار واستمرار الوضع القائم في المنطقة العربية الإسلامية وفي العالم. أي أصحاب السلطان والمصالح الذين يدوسون على الشعوب وينهبون ثرواتها.
صدقية وسيلة الإعلام تشكل مشكلة كبيرة لكل الذين يريدون تورية الحقيقة والكذب على الناس. هناك وسائل إعلام كثيرة في الوطن العربي لا تقدم إلا وجهة نظر واحدة منها وسائل إعلام الأنظمة، ووسائل إعلام الأحزاب، لكنها لا تتمتع بشعبية، وحتى الذين يشاطرونها نفس وجهة النظر لا يعتمدونها لمعرفة الحقيقة.
كنا في الوطن العربي أو بعض أجزائه نستمع إلى إذاعة إسرائيل وإذاعة لندن لنعرف بعض الحقيقة لأننا لم نكن نثق بالإعلام الرسمي، لكن الناس تحولوا إلى الجزيرة بعد ظهورها، وأثبتت أنها أكثر موضوعية وصدقا من إذاعة الـBBC.
أشكال الحرب
تتخذ الحرب على الجزيرة أشكالا وألوانا عدة أرصدها بالتالي:
1- الضغط على حكومة قطر من أجل إغلاق الفضائية أو تغيير طاقمها وتحويلها إلى مجرد قناة فضائية تكذب وتدلس كما الفضائيات الأخرى، أو تركز على الأغاني والمسلسلات السخيفة وموضات الملابس والأحذية. واجهت قطر الكثير من الضغوط خاصة من مصر والسعودية وأميركا، لكنها صمدت، رغم أنها، وفق قناعتي، أوصت القائمين على الفضائية بالتخفيف من قول الحقيقة. وأنا على قناعة بأن الجزيرة لا تقول كل الحقيقة في كل الأوقات.
2- ترهيب بعض أفراد طواقم الجزيرة من خلال منع دخول بعض البلدان العربية، أو الطرد منها، أو شن حملات إعلامية ضدهم. لقد منعت دول عربية العديد من مراسلي ومذيعي الجزيرة من دخول أراضيها، وتعرض بعضهم مثل الدكتور فيصل القاسم لحملات إعلامية واسعة وتجريح شخصي في وسائل إعلام عربية رسمية وحزبية موالية للنظام الرسمي.
والآن تشهد المغرب حملة إعلامية ضد الفضائية، وذلك لتبرير سحب تراخيص العمل من عاملي الجزيرة هناك. هذا وتتعرض الجزيرة ككل لحملات إعلامية واسعة من قبل سياسيين وأجهزة مخابرات ووسائل إعلام مختلفة، وتتعرض لعملية تجييش في الشارع ضدها من الأجهزة الرسمية في الإقطاعيات العربية.
3- الحملة الغربية ضدها خاصة من أميركا وبريطانيا. لقد فاضت الأمور لدى المسؤولين البريطانيين والأميركيين حتى داسوا على مبادئ الديمقراطية علنا وهاجموا الجزيرة واتهموها بالإرهاب، وذلك لأنها نقلت بالتفصيل مختلف أعمالهم الإرهابية ضد العرب والمسلمين، وفضحت نواياهم وإجرامهم بحق الشعوب. لقد عمل هؤلاء المسؤولون بكل قوة من أجل إسكات الجزيرة، وعندما لم يستطيعوا قصفوا مقرها في أفغانستان وقتلوا بعض أفراد طواقمها، واعتدوا على مكاتبها وأفرادها في بغداد.
4- إغلاق المكاتب وسحب تراخيص العمل من أفراد طواقم الجزيرة في العديد من البلدان العربية. قام النظام الأردني بإغلاق مكاتب الجزيرة، وكذلك فعل اليمني والسعودي والمغربي والعراقي ... إلخ. لقد ترجمت الأنظمة العربية أحقادها على الجزيرة إلى قمع وإغلاق وحصار واعتقالات. لا أملك إحصائيات حول حالات الاعتقال والتوقيف ومصادرة أجهزة التصوير التي تعرضت لها طواقم الجزيرة في مختلف الدول، لكنها كثيرة ومستمرة، وتشكل ظاهرة في مواجهة الأداء الصحفي الحر.
- اعتقال أشخاص عاديين تجري معهم الجزيرة مقابلات حول قضايا تدور في أوطانهم. هذا عمل التوائي من أجل ترهيب أصحاب الرأي الآخر لكي لا تتمكن الجزيرة من إجراء مقابلات معهم.
6- تعطيل بث الجزيرة. واضح أن النظام الأردني متورط بتعطيل بث الجزيرة أثناء المونديال، وربما لم يكن النظام صاحب القرار لأن تعطيل البث يحتاج إلى تقنية خاصة. المهم أن الأرض الواقعة تحت سيطرة النظام الأردني شكليا قد استخدمت لتعطيل البث، وذلك لتحريض جمهور مشاهدي الفضائية ضدها بسبب عدم وفائها بالتزاماتها تجاه مشاهديها ولتشويه سمعتها.
حجج الأنظمة
تتخذ الأنظمة العربية وبعض الدول الغربية إجراءات ضد الجزيرة، لكنها لا توضح بالوثائق الأسباب التي تدعوها إلى معاقبة الجزيرة. تقدم الأنظمة اتهامات غير موثقة بتاتا، وتعمد إلى استخدام عبارات التحريض والاتهام دون أن تقدم دليلا واحدا على عدم مهنية الجزيرة في التغطية، وعلى انحيازها لصالح وجهة نظر على حساب أخرى.
تلجأ الأنظمة إلى الغوغائية في تبريراتها، في حين تقوم الجزيرة بتقديم حججها على أسس علمية ومهنية. وفي النهاية تبقى التهمة الحقيقية أن الجزيرة كسرت احتكار الأنظمة للإعلام، وفتحت الأبواب أمام مختلف الآراء.
شعبية الجزيرة
رغم أن الحرب على الجزيرة تهدف إلى التأثير سلبا على شعبيتها وتخفيض أعداد الذين يعتمدون عليها في معرفة ما يجري حولهم، فإنها تعطي نتائج عكسية فتزداد أعداد المشاهدين والمتابعين. ويكفي الجزيرة أن الأنظمة العربية هي التي تتخذ إجراءات ضدها لترتفع صدقيتها في البلدان العربية ولدى المواطن العربي.
والمعادلة الحسابية سهلة جدا: إذا كانت الأنظمة المكروهة على المستوى الشعبي هي التي تكره الجزيرة فإن هناك كل سبب لحب الجزيرة. أي أن الأنظمة تؤذي نفسها مع كل إجراء تتخذه ضد الجزيرة، وربما كان من الحكمة أن تترك الجزيرة وشأنها إذا كانت تريد لحملة التشويه أن تؤتي بعض الثمار.
هناك من ينتقدون الجزيرة، والجزيرة حقيقة ليست فوق الانتقاد، لكن الشاعر يقول: وإذا أتتك مذمتي من ناقص* فهي الشهادة لي بأني كامل.[/FONT][/FONT][/SIZE][/COLOR][/RIGHT]
حكاية مراحل تصميم شعار الجزيرة
ادوات واغراض المراسل تيسير علوني خلال تواجده في افغانستان
ميثاق الشرف الصحفي
حملة واشنطن للتضييق على الجزيرة
كل ما كتب عن الجزيره متاح للزوار
منقول..