لمكافحة الغش التجاري .. تخفيض أسعار السلع الأصلية
كلمة الاقتصادية
ضمن توصيات المنتدى العربي الثاني لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد, الذي اختتم أعماله في الرياض, كانت أسعار السلع الأصلية من خلال الشركات الأصلية المنتجة إحدى أهم التوصيات, حيث تعد الأسعار العالية للسلع الأصلية دافعاً للمستهلك للبحث عن بديل آخر، حتى إن كان ذلك البديل أقل جودة ومواصفات, بل حتى إن كان مغشوشا, فالهروب من غلاء الأسعار مبرر قوي, وهو يبعد السلع الأصلية عن أن تكون في متناول المستهلك العادي, ولأنه يجب تفويت الفرصة على سوق السلع المغشوشة، فإن إعادة النظر في الأسعار أول خطوة عملية يمكن تبنيها.
لقد بلغ عدد التوصيات من الجهات المشاركة في المنتدى 18 توصية تناولت مختلف الأسباب المؤدية إلى شيوع استهلاك السلع المغشوشة, منها ضعف الرقابة, حيث شددت إحدى التوصيات على فرض رقابة وعقوبات فاعلة على نشاط استيراد وتسويق السلع المغشوشة أو المقلدة مع التأكيد على أهمية تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك الأهلية لضمان قيامها بالدور المطلوب منها في مجال حماية المستهلك وتوعيته بالآثار المترتبة على استخدامه المواد المغشوشة والمقلدة.
أيضا تضمنت التوصيات ضرورة تشديد العقوبات الصادرة في قضايا الغش التجاري والتقليد وجميع حالات وصور انتهاك حقوق الملكية الفكرية التي تصدر بها من قبل المحاكم واللجان القضائية المختصة, حيث ظهرت حالات غش تجاري في غاية الغرابة تنبئ عن سلوك غير أخلاقي لدى من يمارسونه, فقد باشر بعض بائعي اللحوم تطريتها بالملح وبيعها على أنها لحوم محلية أو غير مجمّدة ومستوردة, وبعض العطارين يقربون بعض السلع إلى الماء، كالزعفران مثلا، فتكتسب منه رطوبة تزيد وزنه, وكذلك الجوز والفستق والمكسرات, وأثبتت الفحوص ارتفاع نسبة الرطوبة إلى الثلث, وهي صور جديدة من الغش الاحترافي الذي لا يعرفه إلا أصحاب الصنعة الدقيقة, وفي غش الخضراوات والفواكه يكشف المنتدى أن بعض بائعي الفاكهة يضعون في نهاية الصندوق أو القفص أوراقا كثيرة ثم يضعون أفضل هذه الفاكهة في الأعلى، وبذلك يكون قد خدع المشتري في الوزن أو الكمية المباعة, والأغرب أن بعض البائعين في الطرقات يقومون برش صبغة حمراء اللون داخل البطيخ ليوهم المشتري بجودة المنتج.
وهذه الحالات العملية والتجارب الواقعية من الأسواق المحلية السعودية يجب أن تخلق لدى المستهلك وعياً وحذراً وحرصاً ليقوم بحماية نفسه من الوقوع ضحية مثل هذه الممارسات الاحتيالية, فهناك دور للمستهلك لا يمكن نسيانه, بل إن وعيه خطوة أولى لردع مَن يمارسون الغش والاحتيال, وللغرف التجارية الصناعية في مكافحة هذه الظاهرة من خلال التأكيد على منسوبيها بعدم استيراد السلع المغشوشة والمقلدة أو تداولها داخليا. لقد شددت جميع الجهات المشاركة في المنتدى على ضرورة التنسيق والتكامل بين الجهات الحكومية وجمعيات حماية المستهلك والقطاع الخاص والإعلام لتفعيل جهود مواجهة ظاهرة الغش التجاري والتقليد, وكانت التوصيات تعكس معاناة تلك الجهات مع هذه الظاهرة التي يتوسع نطاقها ويزداد ضحاياها في ظل جمود القوانين وروتينية المعالجة الرقابية والقضائية.
إن غياب القيم الأخلاقية والمبادئ لدى بعض المصنعين وبعض الموردين للمنتجات المغشوشة وضعف الوازع الديني لديهم, بل انعدام التقوى، والطمع في تحقيق الربح المادي المحرّم شرعاً والممنوع قانوناً، وعدم وجود رابط وتنسيق بين الجهات المعنية بمكافحة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، وطول الإجراءات المتبعة في قضايا الغش التجاري، وقلة وعي المستهلك، والاعتماد على شهادة المطابقة الصادرة من بلدان تمارس الغش ليلاً ونهاراً وتغطيه بمستندات كاذبة ومزيّفة؛ ستجعل من هذه الظاهرة مرضاً عضالاً للأسواق المحلية وأسواق كثير من البلدان العربية.
إن الجولات الميدانية المتواصلة في الأسواق والمحال التجارية والمستودعات من قبل مراقبي البلديات، وفتح الباب لتلقي شكاوى المواطنين عن وجود سلع غير صالحة أو فاسدة، وإحالة الغش التجاري إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بعد استكمال جميع الإجراءات أقصر الطرق للحد من هذه الظاهرة والتخفيف من أضرارها على المستهلكين.
http://www.aleqt.com/2010/10/16/article_456203.html