هيئة مرجعية للأوامر الملكية
محمد بن سليمان الأحيدب
تفاعل إنسان وملك مثل عبدالله بن عبدالعزيز مع أبنائه هو مزيج خاص نادر يجمع بين مشاعر الأب الحاني التي لا يعادلها شعور ومشاعر الرجل الشهم المملوء بالعواطف الجياشة وحكمة القائد الذي أوتي الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، وهذا المزيج الخاص النادر لا يجدر بنا افتراض تواجده في غير الملك القائد، وبالتالي فإنه من غير المستغرب ولا الغريب أن تصدر الأوامر الملكية واضحة جلية مفصلة ثم يأتي مسؤول يتردد في استيعاب شموليتها أو ينظر لها بعين الاستثناء قبل العموم وعين الحرمان قبل الشمول، فهذا المسؤول أو الموظف لا يملك ذات المزيج الخاص النادر.
الأصل في الأوامر الملكية السامية التعميم ما لم يذكر الاستثناء والشمول ما لم يحدد المشمول وبالرغم من أن الـ 21 أمرا التي أصدرها الملك ــ حفظه الله ــ وقبلها كثير كانت واضحة ومفصلة ومجددة، إلا أن كثيرا من الكتاب ومنهم الفقير إلى عفو ربه توقع أن يأتي من يتردد في الفهم ومن يضيق الواسع وحددنا ذلك سلفا وحدث فعلا، لأننا ندرك من واقع تجارب وخبرة أن المسؤول المعني بالتنفيذ إما أن يكون ألمعيا جريئا مدركا لأبعاد الأمر ومتفاعلا معه وهذا لا مشكلة منه، أو أن يكون بيروقراطيا تلبست البيروقراطية السلبية أداءه وسمعه وبصره فهو جامد لا يتحرك إلا بتفسير مفصل لكل كلمة أو أن يكون مكتفيا لا يعاني ما يعانيه من استهدفتهم الأوامر ولا يمكن أن يتخيل ظروفهم لذا فإن الكل في نظره مستثنى مثله من المعاناة أو أن يكون شخصا مجبولا على تضييق الواسع، يده مغلولة إلى عنقه لا يرى حقا لمستحق ولا شمولا لمشمول بما في ذلك هو ومن حوله، وليس أدل على صحة هذا التقسيم من أن كل تساؤل أو تظلم أو شكوى من موقف سلبي لمسؤول أو جهة انتهى إلى قرار بالشمول لا الاستثناء وهو ما يدل صراحة إلى أن المشكلة إنما تكمن في الأشكال الأربعة الأخيرة التي كل واحد منهم يحتاج إلى دفع ودافع وهو من الضعف بحيث يحتاج إلى دعم خاص وسند شخصي لكي يتجاوب مع أمر عام سام.
لذا فإنني أقترح إنشاء هيئة عليا مرجعية للرد على الاستفسارات حول الأوامر الملكية السامية ودفع الضعيف في الإدراك واتخاذ القرار إلى تنفيذها بدلا من أن تكون الآلية كما حدث مؤخرا: تظلم إعلامي ثم تجمع لمقابلة مسؤول يساوف ويتردد حتى يأتيه توجيه بالشمول، كما أقترح أن تكون هذه الهيئة من أقرب الناس احتكاكا بالملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز وتأثرا بشعوره ومشاعره ومواقفه الحانية.
www.alehaidib.com
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0411411337.htm