الرهن العقاري قد يعجّل بإنهيار السوق العقاري مثلما حدث في سوق الاسهم
خدمات إخبارية
الرياض - محمد عطيف
عزا خبراء اقتصاديون تأخر صدور نظام الرهن العقاري في السعودية إلى تضخم أسعار العقار محذرين من أن صدوره في الفترة الحالية ربما فاقم أزمة ارتفاع الأسعار ويؤدي إلى انهيار في السوق العقاري شبيه بما حدث في فبراير 2006 لسوق الأسهم المحلية، مؤكدين أن النظام أجيز في قراءته الأولى من هيئة الخبراء وأعيدت إلى مجلس الشورى.
واعتبروا أن النظام من ناحية أخرى لا يمكنه النجاح دون وجود مطورين عقاريين أصحاب كفاءة عالية وتثمين عقاري مهني وفق آليات علمية محددة وليست مكاتب عقارية عادية وأيضا تأهيل الشركات لتقوم بالتمويل العقاري والتسويق وكذلك إيجاد مؤسسات لتصكيك ديون الرهون العقارية في القطاع العام والخاص وإصدار أنظمة صكوك تحت إشراف هيئة سوق المال.
عصا سحرية
وذكر تقرير صحيفة "الجزيرة" السعودية أن مختصين أكدوا أن صدور النظام لن يمثل عصا سحرية لحل إشكاليات القطاع خصوصاً في الوقت الراهن الذي يشهد تضخماً كبيراً في أسعار العقار. ويرى مستشار في المصرفية الإسلامية أن الأوضاع الحالية غير ملائمة لإطلاق النظام، وقالوا إن الأسعار متضخمة الآن وصدور النظام في هذا التوقيت سيسبب فقاعة عقارية أكبر، وسيكون ضررها بليغاً على المؤسسات المالية المانحة والأفراد.
وتتباين الرؤى حول تناسب الرهن العقاري في السعودية وما إذا سيكون حلا سحريا أم لا، فبينما يرى المؤيدون أنه سيؤدي إلى زيادة نسبة الائتمان الذي تخصصه البنوك التجارية لتمويل القطاع العقاري .وأنه سيخلق روح التنافس بين البنوك لجذب أكبر شريحة من العملاء. وكذلك تخفيف العبء عن صندوق التنمية العقاري الذي سيتفرغ لأصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة.
ويرى هؤلاء أيضا أنه سيشجع على زيادة أعداد شركات التقسيط والتمويل العقاري وتوسيع نشاطاتها حيث يتوقع أن يصل عددها لأكثر من خمسين شركة في العام الأول لتنفيذ النظام , مما سينجم عنه اتساع في قاعدة فرص التمويل للمواطنين. وكذلك زيادة حجم المعروض من العقارات الإسكانية جنبا إلى جنب مع تراجع نسب الفائدة التي تأخذها الشركات والبنوك التمويلية.
وفيما يرى الرافضون أنه سيزيد الطلب على العقارات لأغراض السكن وبالتالي قد يرفع من أسعار الأراضي، ومن المحتمل ارتفاع أسعار مواد البناء نتيجة لزيادة الطلب بشكل يفوق إمكانات زيادة الطاقات الإنتاجية بخاصة في المدى القصير. وكذلك تسييل العقارات بهدف حصول المسيل على النقد من دون استخدام القرض للتمويل العقاري.
ونسبت دراسة إلى إحدى الشركات العالمية المتخصصة في الخدمات العقارية أن نسبة 40 % من المساكن لا تنطبق عليها الشروط العالمية والقياسية للرهن العقاري وأن شروط التمويل العقاري التي تفرضها البنوك وشركات التمويل في غاية الصعوبة بالنسبة لشريحة العملاء المطلوب استفادتهم من النظام عند تطبيقه.
قفزة نوعية
وكان وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف قد توقع في وقت سابق أن يتم إقرار قانون الرهن العقاري خلال الربع الأول من 2010. وقال لقناة العربية: "كانت هناك عقبة أمام إقرار هذا النظام"، إلا أن هذه العقبة زالت بعد المناقشات التي تلت إقرار الموازنة العامة للمملكة. وفي 24-1-2010 قال محافظ مؤسسة النقد محمد الجاسر: أتوقع إقرار قانون الرهن العقاري خلال الأشهر القليلة القادمة. وأضاف أنه متفائل بأن القانون سيصدر قريباً.
واعتبر أن إقرار القانون سيشكل قفزة نوعية في ما يخص تمويل بناء المساكن في السعودية وفي تطوير أدوات مالية مرتبطة بالسوق العقاري. مضيفا أتمنى أن يؤدي إصدار القانون إلى توفير مزيد من الأدوات المالية كالصكوك وسندات الشركات بشكل كاف مما يمكن البنوك السعودية الاستثمار فيها كبديل عن السندات الحكومية.
من جهة أخرى قال الخبير المالي فضل البوعينين إن نظام الرهن العقاري سيحل جزءا من أزمة السكن، وعن نسبة الفوائد المتوقعة في هذا الشأن أوضح البوعينين أنها من الممكن أن تتراوح بين 1 إلى 3% إذ تختلف باختلاف السعر الأساسي.
و ينفق السعوديون ــ وفقا لتقارير اقتصادية ــ نسبة تصل إلى الثلث أحيانا على استئجار المساكن، في حين أن متوسط قيمة التقسيط الشهري لأصحاب القروض العقارية الموجهة لتملك المساكن 3 الآف ريال، بإجمالي 36 ألف ريال، وتشير بعض الدراسات إلى أن 47 في المئة من السعوديين حصلوا على التمويل العقاري عن طريق قروض شخصية، و24 في المائة عن طريق مدخرات خاصة، أي نقدا، و16 في المئة من الأصدقاء أو العائلة، و7 في المئة من مزودي خدمات مالية، 6 في المئة من مطور عقاري.
من جهته وفي مقال له قال الكاتب د. حمزة بن محمد السالم أنه لا يتخيل عاقل أن الحكومة تستطيع تحمل جميع تكاليف توفير الإسكان للمجتمع، ولكن الحكومة يمكنها أن تدفع بكرة الثلج فلا يبقى مواطن إلا وقد امتلك منزلا في الغالب. واعتبر أن الحكومة "تستطيع بشكل مباشر أو غير مباشر وبتكاليف منخفضة دعم كلا العاملين من أجل تخفيض الفائدة على المواطن".
وأضاف الحكومة تستطيع أن تصرف للمواطن (المتمول لمنزله) نسبة من قيمة الفائدة التي يدفعها على تمويله ويكون ذلك مباشرة له، لأن تقديم المعونة الحكومية مباشرة للمستفيد لها أثر تضاعفي واقتصادي أكبر من تقديمها لدعم أسعار السلع نفسها في الغالب. كما أن هذه المعونة ستكون تناقصية سنويا لأن قيمة الفائدة المدفوعة على التمويل تتناقص سنويا مع التسديد لرأس المال، وهذا مما يساعد المواطن لأن حاجته الآنية والقيمة الشرائية إلى النقود في بدايات سنوات التمويل أعظم منها في نهاياته.
====================================
http://www.aqartd.com/Molhaq_ArticleDetails.asp?ID=33