وزير... على رأسه «بطحة»
الاربعاء, 30 ديسيمبر 2009
جمال بنون
أطربتني كلمة الملك عبدالله التي قالها في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وأعلن فيها موازنة البلد... خرجت من القلب لتلامس قلوب المواطنين، أعيد عليكم ما قاله الملك حتى تظل هذه الكلمات عالقة وراسخة لدى كل المواطنين «الحمد لله رب العالمين على هذه الموازنة، ولله الحمد فيها الخير وفيها البركة إن شاء الله، المهم عليكم إخواني إتمامها بجد وإخلاص وسرعة، وعدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بينت، ضائعة، لكني آمل منكم الذي يجد تقصيراً من أي أحد ومنهم وزير المالية أن يخبرني، لأنه لا يوجد تقصير أبداً أبداً، واللوم إذا جاء يجيء على الوزير فقط، أرجوكم وهذه خدمة لدينكم ووطنكم ومستقبل أمنكم، وأرجو لكم التوفيق والنجاح، وأسأل الله التوفيق لهذا الدين وهذا الوطن. وشكراً لكم». ووقتها تمنيت لو طافت الكاميرا لترصد لنا تعبيرات الوجوه...
الذين استمعوا إلى كلمة الملك يعرفون صدقية هذه الكلمة وما تعنيه وما دلالاتها... في خطاب الملك استخدام للغة المحاسبة والمكاشفة، أعلنها تاريخية قبل أسابيع في بيان أحداث سيول جدة، وها هو ذا الآن يعيدها مع إعلان الموازنة. فما الرسالة التي يريد الملك إيصالها حين يقول لوزرائه «عدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بينت، ضائعة». يا الله كم هي مؤثرة وبليغة الكلمة ولها مدلولاتها، ومعروفة مقاصدها.
لو كنت مسؤولا أو وزيراً كنت سأشعر بخجل شديد من هذه الكلمة، ولطلبت من مدير مكتبي، أو مسؤول العلاقات العامة، أو إدارة المشاريع رصد المشاريع التي نفذت خلال العام الماضي وتلك التي لم تنفذ، وأوضح للإعلام أسباب عدم تنفيذها أو استكمالها، أو أخرج إلى الإعلاميين وأتحدث عن موازنة العام الماضي وكيف تم صرف مخصصاتها وأين أنفقت؟ لو كنت مسؤولا أو وزيراً لقمت من تلقاء نفسي بنشر حاجاتي في الوزارة من مشاريع قبل الموازنة، كنت سأعقد مؤتمراً صحافياً أتحدث فيه عن معوقات تنفيذ المشاريع، هل هي جهات مالية أو إدارات تنفيذية أو هناك معوقات أخرى؟
يجب أن نعترف أن موازنة هذا العام التي حملت رقماً كبيراً يصل إلى 540 مليار ريال كنفقات، جاءت في الوقت الذي تعاني فيه معظم الدول من آثار وانعكاسات الأزمة المالية العالمية، ما يعني أن مراقبة أوجه الصرف للمشاريع المعتمدة ضروري جداً. وكالعادة جاءت الصحة والتعليم والتدريب المهني والتنمية الاجتماعية في صدارة اهتمام الدولة وحصتها 42 في المئة من إجمالي الموازنة، لكن حتى الآن لم يخرج علينا مسؤولو التعليم ليتحدثوا إلينا: ماذا تم بشأن مشروع تطوير التعليم، والحال كذلك بالنسبة لوزارة الصحة، وهل يمكن لأحدكم أن يخبرني عن الذين تخرجوا في مراكز التدريب أين يعملون ولماذا لا نزال بحاجة إلى خبرات مهنية من الخارج في الكهرباء والسباكة والميكانيكا وهندسة الاتصالات وغيرها؟ كيف نستوعب أننا لم نحقق الاكتفاء الذاتي في الأيدي المهنية العاملة محلياً؟
كنا نأمل أن يتكرم الوزراء بإيضاح تفاصيل موازنتهم بما يشرح نفوس المواطنين ويزيل الشك والريبة عن المشاريع الضائعة أو تلك التي لا تنفذ، ولا تكفي تصريحات وزير المالية بتفاصيل الموازنة، فالناس تريد أن تسمع وتشاهد هذه الأرقام وقد تحولت إلى واقع تنموي يُرى بالعين المجردة، وليست مشاريع على ورق، وقديماً قيل: «اللي على رأسه بطحة يحسس عليها».
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/91791