لا تثقوا في هيئة الغذاء إذن

سعيد السريحي

الحليب الملوث الذي عثرت عليه إحدى السيدات في صيدلية في مكة المكرمة وبعثت لـ«عكاظ» بصورة للعلبة ورقم التشغيلة، هذا الحليب لم يسقط من طائرة كانت تعبر الأجواء السعودية، كما أنه لم يصل إلى المملكة بواسطة إيميل أو عبر رسالة واتس أب، وإنما دخل كما يدخل أي منتج تجاري وفق إجراءات وخطوات محددة ومعروفة وسجلات تتابع إجراءات الدخول والفسح خطوة خطوة، وهنا هنا تكمن الكارثة.

ولكي نكون أكثر دقة، ينبغي علينا أن نقول إن الكارثة ليست في أن يكون هناك حليب ملوث، فاحتمالات التلوث واردة، وحسبنا في واقعة الحليب المشار إليها أن المصانع النيوزلندية المنتجة لذلك الحليب قد اكتشفت تلوثه وسارعت إلى تنبيه العالم أجمع إلى ذلك التلوث، كما أن الكارثة ليست أن يتم العثور على مثل هذا الحليب الملوث في أسواقنا، فكثير من أسواق العالم ابتليت بضعف الرقابة التي تسمح بمرور مواد ملوثة ومنتهية الصلاحية ومقلدة إلى الأسواق، ومن هذه الأسواق أسواقنا التي اختلط فيها الأصلي بالمقلد والجيد بالرديء والصالح بالطالح والملوث بالسليم.

الكارثة، إذن، ليست في تلوث الحليب، كما أنها ليست في أن يكون الحليب الملوث قد وصل إلى أسواقنا، الكارثة أن الهيئة العامة للغذاء والدواء قد أصدرت بيانا، جهارا نهارا، أكدت فيه أن الحليب الملوث لم يدخل إلى أسواق المملكة، وأن شحنته تم إيقافها قبل دخولها للمملكة.

الكارثة ــ هنا ــ أن مثل هذا البيان غير الصادق وغير الدقيق سوف يحمل للمواطنين طمأنينة زائفة لا يحذرون بعدها من تسمم أطفالهم بالحليب الملوث ولا يدققون فيما يشترونه من الحليب، كما يدفع الجهات المسؤولة عن مراقبة الأسواق إلى التراخي في البحث عن أي كمية يمكن لها أن تكون وصلت إلى أسواقنا.

البيان الوهمي لهيئة الغذاء والدواء يؤكد أنها آخر من يعلم بما يدخل إلى أسواقنا، إلا إذا برهنت الهيئة على أن الكمية التي عثرت عليها السيدة في إحدى صيدليات مكة وصلت إلى أسواقنا عبر رسالة جوال أو برنامج واتس أب.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0811627132.htm