http://www.lojainiat.com/index.cfm?d...ontentid=74091
البعض يقول أن القاعدة المعروفة في الشريعة أن "التوبة تجب ما قبلها" فكيف لا تقبل توبة الساب؟ والحقيقة أن هؤلاء الذين يستغربون قول جماهير الفقهاء لم يتفطنوا للتمييز الفقهي بين (القضاء والديانة) وسأذكر هاهنا أمثلة:
-لو أن شخصاً قتل آخر، ثم قال للقاضي إنه تائب ونادم، فهل تقبل توبته قضاءً؟ الجواب: لا بالطبع، فتوبته بينه وبين ربه، ولكن القصاص واجب إلا إن عفا أولياء الدم، لأن هذا حق آدميين.
-وهكذا: لو أن شخصاً سرق أموال المسلمين، ثم قال للقاضي أنه تائب، فهل تقبل توبته قضاءً؟ الجواب: لا، بل توبته بينه وبين الله، ولكن الحد يمضي قضاءً، لأن هذا حق آدميين.
-وهكذا: لو أن شخصاً قذف مسلماً، أو تلفظ عليه، أو طعن فيه بما ليس فيه، فلما وصل الأمر للقضاء قال: أنا تائب ونادم، وأعتذر للمقذوف، فهل تقبل توبته قضاءً؟ الجواب: لا، بل توبته بينه وبين الله، وحق الشخص المقذوف أو المطعون فيه بما ليس فيه؛ لا يسقط، بل يحد للقذف ويعزر للتلفظ، باعتباره حق آدمي لم يعفُ.
وهكذا في نظائر جنائية كثيرة، تكون التوبة مؤثرة ديانةً بين الجاني وربه، أما القضاء فيجب أن يأخذ مجراه.
وقد أشار الفقهاء لذلك كثيراً، وسأعرض عينة واحدة، فمن ذلك أن النفراوي لما تعرض لعدم قبول توبة الساب قضاءً قال في تعليل ذلك:
(ولا تقبل توبته –أي ساب النبي- سواء تاب بعد الاطلاع عليه، أو جاء تائباً من قبل نفسه قبل الاطلاع عليه؛ لأنه حدٌ وجب، والحدود تجب إقامتها بعد ثبوت موجبها، ولو تاب المستحق لها، كالزاني والشارب والقاتل والسارق)[الفواكه الدواني:2/202].
ابوعمر
ربيع الأول 1433هـ