الطفل محمد
أصبحت مدن الملاهي الترفيهية في السعودية, عنوانا للموت والحزن والمصائب بدلا من أن تكون مكانا للترفيه والضحكة والمرح، فعند الساعة العاشرة من صباح الثلاثاء 23 مارس 2010, انطفأت بسمة بريئة لمحمد الحكمي، الطفل ذو الست سنوات في سنته الابتدائيّة الأولى، والذي انتشله رجال الدفاع المدنيّ في جدة جثّة هامدة من بين قضبان لعبة حديدية في مركز (ساوث مول) جنوبي مدينة جدة.
دمُ محمد الصغير المبعثر بين الآلات الصاخبة, كان آخر عنوان في حياة صغير بكر اتجه إلى مدرسته (بلال بن رباح الابتدائيّة) صباحا، لكنّه لم يعد ظهرا لأنّه مات.
قبلها بأيام قليلة جاء الطفل محمد إلى أبيه سعيدا وهو يطلب إذنه بالتوقيع على ورقة ويستأذنه بناء على تخطيط المدرسة في قضاء رحلة ترفيهية برفقة أصدقائه، وافق والده حمد حسين حكمي لأنّه كان معتادا على هذه الرحلات، ولم يكن يعلم أنّها رحلة الموت للصغير.
وقال حمد حسين حكمي, الذي التقته (عناوين) في منزله بجدة, إنه ينوي رفع قضية ضدّ الملاهي بعد أن اتضح أن الإهمال فيها هو المتسبّب الحقيقي في وفاة ابنه، فيما أكدت إدارة تعليم جدة أنها ستتخذ جميع الإجراءات الحازمة تجاه من يثبت تقصيره في الحادثة, مؤكدة أنه قبل الموافقة على القيام بأي زيارة أو برنامج تنشيطي تتم موافقة ولي أمر الطالب, ويتم اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لضمان سلامة الطلاب.
وكان الطفل محمد, الطالب في الصف الأول بمدرسة بلال بن رباح الابتدائية, ضمن مجموعة من طلاب المدرسة في رحلة لمجمّع تجاري جنوبي جدة، حين تعرّض للدهس من عربة لعبة في الملاهي الملحقة بالمجمّع، وحضر فريق من الدفاع المدني, وقام بقص حديد اللعبة بعد أن احتجزت الطفل أسفلها، وبحسب شهود في الموقع, فإن الأطفال صعدوا إلى اللعبة وهي تعمل دون مراقبة من قبل المسؤولين في الملاهي أو معلميهم المرافقين.
وخيّمت حالة من الذعر على زملاء الطفل والمعلمين المرافقين بعد مغادرتهم المجمّع، بعد أن تحوّلت لحظات المرح التي عاشها الطلاب قبل الحادثة إلى نوبات بكاء وصراخ بعد مشاهدتهم رجال الدفاع المدني وتجمهر مرتادي المجمّع ومحاولات إخراج جثة زميلهم من بين السير الحديدي للعبة، وانتقل مدير المدرسة إلى المجمّع سريعا لمتابعة الحادث المأساوي.
وأوضح النقيب عبد الله العمري المتحدث الرسمي للدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، أنهم تلقوا بلاغا عن وقوع حادث لطفل في أحد المجمّعات التجارية والترفيهية، فانتقلت للموقع فرقتا إنقاذ سارعتا في إخراج الطفل المحتجز بسير حديدي لإحدى الألعاب المسماة "بالقطار المائي"، حيث تم إخراج الطفل "متوفيا".
وبدا والد الطفل حمد حسين حكمي في حديثه مع (عناوين), مؤمنا وصابرا محتسبا, حيث قال: "أتاني ابني بخطاب من المدرسة وهو يريد أن أسمح له بالذهاب في رحلة مدرسية إلى السوق الذي تقع فيه الملاهي، وكالعادة أبديت موافقتي ولم أتردد, فلم تكن المرة الأولى التي يذهب بها أبنائي في رحلات مدرسية، وتحديدا إلى هذا السوق، خاصة أنه يقع في الحي الذي نسكنه".
وأضاف: "ذهب محمد إلى المدرسة, وعند الساعة العاشرة صباحا تلقيت اتصالا من إدارة المدرسة تفيد بتعرّض ابني لحادث، وعلى الفور توجهت إلى السوق, حيث فوجئت بأن محمد فارق الحياة نتيجة دخوله منطقة المولدات التي لم يكن عليها أي سياج أو باب يمنع وصول الأطفال إليها, ما يجعلها منطقة موت لكل من يدخلها, ولو دون علم أو فهم منه كما حدث مع محمد".
وأكد والد الطفل لـ (عناوين): "أنا لا أحمّل المدرسة أي مسؤولية في وفاة ابني, لكن المسؤولية كاملة تقع على عاتق إدارة السوق والملاهي".
وقالت مصادر قانونية لـ (عناوين): إن المسؤولية في الحادثة تقع على الشركة المالكة للملاهي, فمن حق والد الطفل المطالبة بالدية والتعويض المادي الذي يقدره القاضي بحسب جسامة الضرر، أما المسؤولية التي تقع على المدرسة فهي التقصير من حيث توفير أعداد المشرفين اللازمة, على أن يكون هناك تأكيد عليهم بالحرص على هؤلاء الأطفال فهم قصر لا يعون مسؤولية وخطورة تحركاتهم.
.jpg)
من جهتها, توعّدت إدارة التربية والتعليم بمحاسبة من يثبت تقصيره في الحادثة، وقالت في بيان لها: إنه "عند الساعة العاشرة من صباح الثلاثاء 7/4/1431هـ, وفي أثناء رحلة طلابية نفذتها مدرسة بلال بن رباح الابتدائية؛ تعثر أحد الطلاب بالقرب من ممر إحدى الألعاب، ما عرضه للسقوط داخل الممر الفاصل بين العربات والارتطام بأرضيته - بحسب المعلومات التي توفرت حتى إعداد هذا البيان، وإثر ذلك توفي في الحال", موضحة أنها ستتخذ جميع الإجراءات الحازمة والحاسمة تجاه من يثبت تقصيره في وقوع هذه الحادثة. وقدّم مدير عام التربية والتعليم في محافظة جدة وجميع منسوبي الإدارة, التعازي وصادق المواساة لوالد ووالدة وأشقاء الطالب محمد بن حمد الحكمي.
http://www.anaween.com/sectionnewsdetail.aspx?id=9564