تخيل أن أحدهم اتصل على إحدى شركات توظيف العمالة المنزلية ..وطلب منهم خادمة سعودية حسب المواصفات التي يريدها، ترى ماذا يعني لك ذلك؟ طبعاً هناك عشرات الأسئلة التي ستتوالى قبل التفكير في تخيل هذا الوضع منها : هل انتهينا من توظيف جميع النساء في الوظائف المناسبة لهن فلم تجد النسوة الباقيات غير العمل خادمات؟ من المسؤول عن وجود نساء من سن (20-45) بدون تعليم؟ أين دور الضمان الاجتماعي ؟ ذلك أنه عندما تلجأ المرأة للعمل خادمة، فمعنى ذلك أن الضمان لا يصل إلى المحتاجات.. وهن كثر وما خفي كان أعظم!!
عندما ترتفع الأصوات وتستغرب ثم تعترض على خبر توظيف (30) سيدة وفتاة سعودية للعمل خادمات في المنازل، لا يعني أن هذه الأصوات تريد التمييز للمرأة السعودية على بقية نساء الكون، ولكن بكل تأكيد تريد مناقشته من جوانب أخرى، ففي مضمون الخبر تناقضات مع الواقع، ويعكس سلبيات لا حصر لها نابعة من مشكلة أو مشاكل عدة بسبب عدم الجرأة على كشفها ومناقشتها.
عندما تواجهنا مشكلة لا نستطيع حلها، نتعمد تصغيرها والتقليل من شأنها فنطرح لها حلولاً لا تتطابق مع الواقع الذي نتحاشى مواجهته، لذلك علينا أن ندرك أن حل مشكلة البطالة بين النساء لا يتم بتشغيلهن خادمات،وعلينا أن ندرك أيضاً أن التخفيف من مشكلة العمالة المنزلية المُستقدمة من الخارج لن يتم أبداً بتشغيل سعوديات في المنازل، ولن يتم ذلك بوضع تنظيمات تدعو للسخرية مثل تقنين العمل ثماني ساعات وبدون وجود رب الأسرة!! فهذه التنظيمات انتقائية وتسبب لنا مشاكل داخلية مع أنفسنا..وخارجية مع حقوق الإنسان لا حصر لها . على كل حال ،لنا في عدم نجاح تجربة وزارة العمل قبل عامين من تغيير مسمى خادمة منزلية إلى مدبرة منزل خير مثال على عدم تقبل الفكرة من المجتمع.
من الطبيعي أن يكون حل مشكلة البطالة بين النساء بتعليمهن التعليم الذي يهيئهن للعمل المناسب.. وأن تتحمل مصلحة الضمان الاجتماعي مسؤولية الصرف على النسوة المحتاجات إلى حين تتولى جهة أخرى مثل وزارة العمل تعليمهن مهناً مناسبة ترفع عنهن حاجة الاضطرار للعمل في بيوت الناس.ومن الطبيعي أيضاً أن نواجه مشكلة زيادة العمالة المنزلية النسوية الخارجية بالتقليل منهن والتفات الأسر السعودية (تدريجيا) ( نساء وذكوراً) بالقيام ببعض أعمال المنزل وخدمة أنفسهم. ولنا في قيام الرسول صلى الله عليه وسلم في خدمة أهل بيته خير مثال نقتدي به.
أنا أدرك أن هذا الأمر صعب الحديث عنه، لكن علينا أن نواجه واقعه. فأمامنا جيل من بناتنا وأولادنا لا يمكنهم الاعتماد إلا على الخادمة.. ولا تعرف معظم بناتنا ماذا تعني (أ.ب) خدمة البيت. وفي نفس الوقت أدرك أن الأمر حساس وإنساني يمس كرامة من يعمل في بيوتنا، لكن لعله يعد دافعاً لنا لفتحه ومناقشته بجرأة، ذلك أننا ما وصلنا إلى مرحلة البحث في تشغيل السعوديات خادمات إلا نتيجة عاملين، علينا البحث عن حل لهما: الأول طريقة حياتنا السلبية داخل منازلنا التي لم تك موجودة في الأجيال السابقة والثاني البطالة المستشرية بين الرجال والنساء على حد سواء.
مقال للاخ راكان حبيب بجريدة الوطن
الثلاثاء 13 شعبان 1430 ـ 4 أغسطس 2009 العدد 3231 ـ السنة التاسعة
http://www.alwatan.com.sa/news/write...3382&Rname=349