22-06-2009, 01:24 PM
|
#6
|
مشرف
رقـم العضويــة: 6840
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشـــاركـات: 9,668
|
تستلزم تغيير الفرد لنمط حياته.. واحتمال الوفاة بسببها أقل من الإنفلونزا العادية.. ندوة الجزيرة:
تخوف من اتحاد إنفلونزا الخنازير بالموسمية.. ودعوة (الصحة العالمية) إلى مراجعة معايير الخطورة "الجزء الأول"
أدار الندوة - فهد العجلان نائب رئيس التحرير / إعداد - أحمد القرني:
حتى لا تبقى إنفلونزا الخنازير غيباً ما يشاع عنه أكثر من الحقائق العلمية التي ينبغي أن يعلمها الجميع من دون إخفاء لما ينبغي أن نعلمه مهما كان مقلقاً ما دام سيحقق فائدة التوعية والتبصير وأيضاً من دون تهويل لما قد يكون عادياً تكفي بعض الإجراءات الاحترازية العادية لتجاوزه والمرور من أمامه بسلام أو على الأقل بأقل الخسائر.
وكعادتها تناولت «الجزيرة» اهتمام المواطن، ولكن هذه المرة على محور الصحة؛ حتى تضبط إيقاع واقع الجائحة العالمية H1N1 وتضع كل ما يدور حولها في نصابه الصحيح.
وبدأت الندوة بسؤال «الجزيرة» للدكتور مقبل الحديثي عن تاريخ ما يعرف بإنفلونزا الخنازير للتعريف به وبأسلوب مبسط؟
* د. مقبل: قد نحتاج إلى تعريف فيروس الإنفلونزا بشكل عام قبل أن أبدأ تعريف ما يسمى بإنفلونزا الخنازير؛ ففيروس الإنفلونزا هو مجموعة من الفيروسات التي تسبب مرضاً قديماً جداً معروفاً لدى المختصين، وهو مرض يصيب الجهاز التنفسي، وعادةً ينتهي من دون أي مضاعفات أو وفيات.. هذا المرض تتلخص أعراضه في: ارتفاع شديد في درجة الحرارة، مع سعال يصاحبه آلام في العضلات وصداع، وفترة الحضانة لفيروس الإنفلونزا تستمر عادةً من ثلاثة إلى سبعة أيام أما فترة المرض فقد تصل كحد أقصى إلى أسبوع.. هذا وصف عام للمرض الذي يتسبب به فيروس الإنفلونزا الموسمي.
ومرض الإنفلونزا ينتشر بشكل أساسي في فصل الشتاء، سواء في نصف الكرة الشمالي أو نصف الكرة الجنوبي، لكن هذا لا يمنع وجود بعض الحالات خلال فصل الصيف. والذي يسبب الإنفلونزا مجموعة من الفيروسات - كما أشرت - تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: فيروس A، فيروس B، وفيروس C والذي يهمنا الآن هو الفيروس A المسبب للأمراض السنوية في المجتمعات أو التفشيات العالمية على مدى سنوات بشكل متكرر.
فيروس الإنفلونزا، أو بتعبير أدق فيروسات الإنفلونزا، تتغير بشكل تدريجي خلال الأعوام؛ ما يسبب طفرات جينية بين فترة وأخرى تؤدي إلى فاشية موسمية؛ لأن الفيروس شديد التغير، وهناك اختلاط كبير فيما بين الفيروسات في عدد من الحيوانات والطيور، إضافة إلى الإنسان. ووجود الفيروسات بعضها مع بعض يؤدي إلى انتقال المواد الجينية، وهذا وجه من وجوه التغير والوجه الآخر هو الطفرة الجينية الجديدة في الفيروس، وهذه نادرة الحدوث، لكن عند حدوثها تسبب الفاشية المرضية.
وما حدث حالياً هو طفرة جينية أو فيروس شديد تكون من عدة مكونات جينية من فيروسات متعددة أحدها فيروس الخنازير H1N1 لكن المكونات الجينية للفيروس هي مكونات من عدد من الفيروسات، منها ما يصيب الإنسان ومنها ما يصيب الطيور، إضافة إلى فيروسات الخنازير.
وتم التعرف على هذا الفيروس في شهر إبريل عندما بدأت الحالات تظهر في أمريكا الشمالية، وبخاصة في المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، وتم تحليل هذا الفيروس بدقة وصنف H1N1 ومكوناته الجينية منشورة عالمياً بحكم أن هذا الفيروس جديد بشكل جذري تماماً؛ فجميع سكان الكرة الأرضية ليست لديهم مناعة ضده، وهذا مكمن القلق؛ لأن احتمالية الإصابة في هذه الحالة عالية، وأيضاً نسبة الإصابة بين المخالطين للحالة تكون بنسبة عالية في الغالب.
وتبقى الأعراض التي يسببها هذا الفيروس مشابهة إلى حد كبير للإنفلونزا الموسمية فـ95% من الحالات يعانون ارتفاعاً شديداً في درجة الحرارة، إضافة إلى السعال الجاف (من دون بلغم)، ونسبة قليلة قد تصاب بالإسهال أو احتقان الأنف، وفترة حضانة الفيروس مماثلة لفترة حضانة فيروس الإنفلونزا الموسمية، فقط الاختلاف البسيط أن هذا الفيروس يصيب فئات الشباب من عمر 15 إلى 26 بشكل أكبر، والوفيات حتى الآن تعد قليلة جداً ولا تتعدى على نطاق العالم خمسة في الألف، وتتركز بشكل أساسي في المكسيك حيث تصل إلى ما يقارب 2%.
ثم توجهت «الجزيرة» بالسؤال إلى الدكتورة مها المنيف: لماذا ظهر المرض في هذه الفترة على وجه الخصوص؟
* د. مها: ثمة أمر أود التركيز عليه وهو أننا حتى نفهم هذا الفيروس يجدر بنا أن نرجع إلى تاريخ جوائح الإنفلونزا التي تعرض لها العالم، فقد كانت أول جائحة وقعت عام 1918م حين ظهر فيروس إنفلونزا جديد، وهذا الفيروس انتشر بطريقة واسعة في العالم، حتى أنه قتل حينها نحو 40 إلى 50 مليون نسمة. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا حدث ذلك عام 1918م؟ والاجابة: لوجود عدة عوامل، منها أن الفيروس كان جديداً مثل إنفلونزا الخنازير، وأيضاً حدة الفيروس كانت عالية، وفي الوقت نفسه كانت أجواء الحرب العالمية مسيطرة، وفي ظل كثرة المجاعات وقلة الرعاية، كانت الفرصة سانحة لانتشار الفيروس وقتله هذا العدد الكبير.
والجائحة الثانية وقعت عام 1957م وأسموها حينذاك الجائحة الآسيوية، وكانت أيضاً نمطاً جديداً من فيروس الإنفلونزا انتشر بشكل واسع في العالم. وقتلت جائحة عام 57م نحو مليوني شخص، وكان هذا الفيروس يصيب الأطفال الأقل من عام أو الكبار فوق الستين عاماً، وأيضاً المرضى أصحاب الحالات المزمنة مثل أمراض الرئة أو الكبد؛ فهؤلاء كانوا أصحاب النصيب الأعلى من الوفيات.
أما الجائحة الثالثة فوقعت عام 1968م وكانت تُعرف بجائحة (هونج كونج)، وقد أجهزت على مليون نسمة. والآن يتعرض العالم للجائحة الرابعة التي يطلق عليها إنفلونزا الخنازير، وبإلقاء نظرة على هذه الجائحة نجد أنها الأسرع انتشاراً مقارنةً بسابقاتها؛ فجائحة 68م كانت تأخذ من 8 إلى 9 أشهر حتى تنتقل من إقليم إلى إقليم، أما إنفلونزا الخنازير فنجدها قد طافت العالم تقريباً في أقل من ثلاثة أشهر. وأظن أن سرعة الانتشار مع سرعة استخدام وسائل السفر الحديثة وكثافتها أسهمت كثيراً في سرعة انتشار الفيروس، وإن كانت حدته أقل ونسبة الوفيات أيضاً أقل.
ويمكننا القول، بالنسبة إلى توقع انتشار هذا الفيروس، إنها لعبة بين الفيروس والأشخاص، والفيروس هو الذي يحدد قواعد اللعبة؛ لأنه بناءً على دراساتنا التي أجريناها على الفيروسات السابقة فلدى هذا الفيروس القدرة على التغير بسرعة؛ فقد تتغير تركيبته الجينية وينتقل من حدة بسيطة إلى حدة أعلى، تعلو معها نسب الإصابات والوفيات؛ وبالتالي فنحن بوصفنا مهنيين لا يمكننا التنبؤ بتحور الفيروس وهل سترتفع حدة الإصابة أم ستنخفض، خصوصاً في ظل سرعة انتشار هذا الفيروس الجديد. وفي ظل هذه الضبابية يبقى علينا واجب أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الفيروس الذي لا نعلم ماذا يخبئ لنا في قادم الأيام.
- «الجزيرة» توجهت بالسؤال إلى الدكتورة عائشة الشمري: سمعنا أن الفيروس يشبه فيروس الإنفلونزا الموسمية وسمعنا أيضاً أنه قاتل إذا تطور أو ترك من دون علاج.. فكيف نفرق بين الفيروسين؟
* د. عائشة: تقريباً أعراض النوعين من الإنفلونزا هي نفسها، وأعراض الحالات التي تم اكتشافها حتى الآن درجتها من ضعيفة إلى متوسطة؛ حتى أنها لا تحتاج إلى علاج في المستشفى، ومكمن خطورتها في نسبة الوفيات التي وقعت حتى الآن 180 حالة على مستوى العالم، في حين أن الإنفلونزا الموسمية العادية تقتل كل عام نحو 500 ألف نسمة. لكن خطورة هذا الفيروس تكمن في فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي على الأبواب والخوف أن يتحد هذا الفيروس مع فيروس الإنفلونزا الموسمية فيظهر لنا فيروس جديد لا يمكننا توقع ماهيته وقد يكون أشد خطورةً وفتكاً.
* طلبت الدكتورة مها المنيف المداخلة:
هذا الفيروس - كما أسلفنا القول - فيروس جديد، وكل الأشخاص الموجودين على وجه الكرة الأرضية ليست لديهم مناعة ضده، وتصوروا - مع نسبة الوفيات المنخفضة للفيروس - لو أنه أصاب 50 مليون شخص على مستوى العالم فما نسبة الوفيات المتوفاة أنئذ؟ مع مراعاة أن الكل سيصاب بهذا الفيروس؛ لأنه - كما قلنا - ليس هناك أحد لديه مناعة ضد هذا المرض؟ إذاً هي مسألة نسبة وتناسب؛ فكلما ازدادت نسبة انتشار الفيروس ازدادت نسبة الوفيات، وهذا مكمن الخطر.
توجهت «الجزيرة» بالسؤال للدكتور حسن الخضيري: سمعنا أن ارتفاع درجة الحرارة أحد المؤشرات التي تسهم في عدم انتشار الفيروس، ومع ذلك فالمملكة الآن الأولى عربياً في نسبة الحالات... فلعلك توضح لنا هذا الأمر؟
* د. الخضيري: بداية أود التعليق على إشارتكم إلى أن المملكة الأولى عربياً في انتشار الحالات، بأن الحالات التي سجلت في المملكة حالات قادمة من الخارج وليست بين سكان المملكة، وقد تم رصدها على طائرة قادمة من المكسيك ومن دول مختلفة، وقد سجلت هذه الحالات وتم رصدها؛ نظراً إلى الدقة في التشخيص وكذلك الشفافية التي تتمتع بها المملكة، ممثلة في وزارة الصحة، وقد تم السيطرة على جميع الحالات - والحمد لله -. أما درجة الحرارة فليست لها علاقة بانتشار الفيروس من عدمه؛ لأن معظم الحالات - كما أسلفت - قادمة من الخارج، وكما قلت فإن الرقم الكبير للحالات (34 حالة) يعود إلى الشفافية التي تنتهجها وزارة الصحة في الإعلان عن جميع الحالات.
- تساءلت «الجزيرة»:
نعلم أن هناك ما يسمى الطب الوقائي، حتى أن كثيراً من الحالات أعلن من داخل المستشفيات؛ فهلا وضحتم لنا كيف يحدث هذا الأمر وكيف يصيب الفيروس المستشفيات في عقر دارها؟
* د. الخضيري: لنعلم أن فترة حضانة الفيروس قد تصل إلى سبعة أيام، والمريض القادم من الخارج، قد يأتي من دون أي أعراض، حيث يكون فقط حاملاً للفيروس في بداية فترة الحضانة والأجهزة الموجودة هي لقياس درجة الحرارة، وبالتالي لا تكتشفه الأجهزة؛ فليس لديه حرارة وليس لديه سعال؛ وبالتالي فلا مجال إذاً لاكتشاف المرض أو علاجه.
- «الجزيرة»: ولكننا لا نزال نسمع عن حالات جديدة داخل المستشفيات؟
* د. الخضير: يومياً عشرات الرحلات تدخل المملكة وهذا وارد.. الحالة الأولى كانت لممرضة فلبينية قادمة من الفلبين، لكن على كلٍّ فأنا أتصور أن اكتشاف هذه الحالات مبكراً يعود إلى يقظة أقسام الطب الوقائي في تلك المستشفيات.
بعد ذلك وجهت «الجزيرة» السؤال إلى الأستاذ عبدالله الدريس، عن الوضع في مجلس الشورى وخطة اللجنة لمتابعة سير الأمور في الوزارة على النحو المطلوب لمحاصرة الفيروس قبل تفشيه في المملكة؟
* الدريس: المجلس منذ انتشار المرض - وكأي قضية على هذا المستوى من الخطورة والأهمية - تواصل مع معالي وزير الصحة وطلب متابعة ما يجري من استعدادات لمجابهة الفيروس الجديد، والوقوف على استعدادات الوزارة الوقائية والتشخيصية والعلاجية، وبالفعل حضر إلى مقر المجلس وكيل الوزارة للطب الوقائي، وأطلع المجلس على استعدادات الوزارة، وبعد الاجتماع اطمأن المجلس على الخطوات التي اتخذتها الوزارة، وهي في الحقيقة خطوات جادة وهي التي ينبغي أن تتخذ في مثل هذه المستجدات، وأؤكد اطمئنان المجلس للجان التي شكلت في الوزارة والاستعدادات. وقد ساعد وجود المختبرات في المملكة والعمل على مدار الساعة على دراسة الحالات، صانع القرار على اتخاذ القرارات المناسبة، وليس أدل على ذلك من أن نتيجة التحليل كانت تخرج خلال ساعتين؛ ما يؤكد جاهزية الوزارة لمجابهة الفيروس، وقد تحلت الوزارة بالشفافية في الإعلان عن الحالات المصابة التي تبين أنها كانت قادمة من خارج المملكة، والمجلس في تواصل مستمر مع الوزارة ولا يزال على اطلاع مباشر على كل ما يجري من خطوات وبرامج.
- «الجزيرة»: إذا كانت معظم الحالات تأتي من الخارج - كما تفضلتم -؛ فلماذا لا يتم حصارها بإنشاء حجر صحي؛ فلعل هذا يجنبنا الدخول في أمور كان من الأفضل توقيفها؛ حتى لا نجد أنفسنا مضطرين إلى دفع فاتورة الدواء الباهظة في حال انتشار المرض؟
* د. الحديثي: قبل أن أجيب عن سؤالكم أود توضيح بعض ما تم التطرق إليه؛ فبالنسبة إلى ما ذكر عن عدم خطورة المرض فهذا غير صحيح فإذا كان المرض غير خطير، فلماذا نحن قلقون إذن؟! الموضوع ينبغي أن ينظر إليه من زاويتين أولاهما زاوية صحة المجتمع؛ لذلك ينبغي أن يتعامل معه على أنه حالة طوارئ عامة، وهذا ما تتبعه وزارة الصحة وأيضاً منظمة الصحة العالمية فهو مرض وافد جديد يحتاج إلى استقصاء وبائي عن مدى انتقال هذا الفيروس في المجتمع وآلية انتقاله، أيضاً معرفة شدة الأمراض ومتابعة المصابين والمخالطين للحالات، وهذا مطلوب على الأقل للمئة أو المئتي حالة الأولى لمعرفة التفاصيل محلياً عن هذا المرض.
وعلى المستوى الفردي فهو مرض عادي جداً لا يستلزم القلق ولا يستلزم تغيير خطة الشخص، من ناحية حياته العامة أو السفر؛ لأن المرض حتى الآن يعتبر من أمراض الجهاز التنفسي العلوي المعتادة التي تصيب كل الناس خلال السنة مرة أو مرتين، سواء على شكل زكام عادي أو إنفلونزا عادية.. هذا على مستوى الوضع الحالي، وقد يتغير الوضع مستقبلاً، والله أعلم، وهذا يحتاج إلى متابعة من المختصين.
- «الجزيرة»: هل يمكننا القول إن هوية الفيروس غير واضحة حتى الآن؟
* د. الحديثي: لا.. هوية الفيروس واضحة جداً، لكنها تتغير مع الزمن وقد تتغير خلال أسابيع أو خلال أشهر أو خلال سنة أو سنتين، وهذا التغير قد يكون بسيطاً باختلاط الفيروسات بعضها مع بعض، وقد يكون التغير خطيراً وحاداً فهذا الفيروس قد يختلط مع فيروس إنفلونزا الطيور الموجود في كثير من دول العالم، وقد يختلط مع فيروس الإنفلونزا الموسمية.
والنقطة الأخرى التي أود التعرض لها هي مسألة تعامل وزارة الصحة، وإذا ما كان بإمكاننا إنشاء حجر صحي للمسافرين؛ لمنع انتشار المرض؟ والجواب باختصار أنه لا يمكننا منع انتشار المرض؛ لأنه ينتقل بالمخالطة اليومية العادية بين الأشخاص، مثل المصافحة أو اللقاء العادي في مكتب أو صالة انتظار. السبب الآخر أن الفيروس يبدأ الانتشار قبل ظهور الأعراض؛ فقد تكون جالساً إلى جوار شخص عنده الفيروس ثم يصيبك.
ومسألة وجود الحالات الوافدة إلى المملكة بين المخالطين فهذا وضع طبيعي، أما سرعة اكتشافها فهذا ما يكشف دقة الملاحظة والتشخيص، وهذا ما يؤدي في بادئ الأمر إلى احتواء الفيروس إلى حد ما وليس منعه، لكنني متأكد أننا بعد أسابيع أو أشهر سنصل إلى مرحلة لن نستطيع أن نسيطر فيها على انتشار المرض.
والمملكة الآن لا تزال في المرحلة الأولى وهي حالة أن المرض لا يزال وافداً، لكن المتوقع أن نصل إلى المرحلة الأخرى، وهي مرحلة انتقال المرض محلياً بين المواطنين، من دون وجود مخالطة أكيدة لشخص قادم من الخارج، وفي هذه الحالة يعتبر المرض مستوطناً - كما هو واقع في أستراليا وأمريكا وغيرهما.
* مداخلة من د. مها المنيف:
أود الحديث عن مسألة مكافحة العدوى التي تم طرحها، وأن بعض المستشفيات قد تكون لا تقوم بواجبها، فأول ما أود الإشارة إليه أن انتشار المرض سريع، وقد تحدث العدوى والفيروس لا يزال في طور الحضانة أول يومين أو ثلاثة، تماماً كما حدث عندنا في الحرس الوطني؛ فمن الصعب أن تضبط أشخاصاً معهم أعراض خفيفة جداً مثل ارتفاع الحرارة أو الألم البسيط في الحلق ثم تطلب منهم ألا يذهبوا للعمل؛ فتكون النتيجة عدوى مَن بالبيت؛ فالممرضة التي ظهرت عليها أعراض المرض طلبنا منها الراحة في السكن فكانت النتيجة أنها نقلت العدوى إلى ممرضتين أخريين كانتا ترافقانها في السكن؛ فانتشار المرض سريع.
أما النقطة الثانية المتعلقة بالاحترازات التي ينبغي أن تؤخذ في المستشفيات فلو نظرنا إلى دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية فإن لديها نظام تقص معقد ومثالي، ورغم ذلك انتشر المرض عندهم وتحول من المرحلة الأولى؛ كونه وافداً إلى المرحلة الثانية وأصبح متوطناً؛ حتى أصبحوا يتعاملون مع المرض على أنه مرض متفش ولا داعي لأخذ أي إجراءات إضافية أو استثنائية.. يحدث هذا في الوقت الذي نعلم فيه أن نظام مكافحة العدوى في أمريكا من أعلى أنظمة المكافحة في العالم؛ فظهور العدوى أو انتشارها لا يعني التقصير من قبل هذه المستشفيات بقدر ما يعني أن هذه هي طريقة الإنفلونزا في الانتشار؛ حيث من الصعب أن تحصرها، ولو كان بوسعنا حصرها لحصرنا الإنفلونزا الموسمية.
- سألت «الجزيرة» الدكتور الحديثي: وقعت حالات وفاة من جراء الإصابة بإنفلونزا الخنازير في بعض دول العالم.. فهل نحن بمنأى عن وقوع مثل هذه الحالات بالمملكة؟
* د. الحديثي: لا، طبعاً؛ فلسنا بمنأى، لكن حالات الوفاة التي تحدث نتيجة للإصابة بالإنفلونزا العادية الموسمية تتجاوز بكثير الوفيات الناتجة من إنفلونزا الخنازير؛ فسنوياً يتوفى من الإنفلونزا في أمريكا قرابة 30 ألف شخص. أما إنفلونزا الخنازير فحالات الوفاة المثبتة حتى الآن أربعون حالة فقط وفي العالم كله متوسط الوفيات من جراء الإصابة بالإنفلونزا الموسمية يصل إلى نصف مليون شخص؛ فالإنفلونزا في ذاتها كمرض تؤدي إلى الوفاة، لكن الإنفلونزا الجديدة التي نحن بصددها هل تسبب وفيات أعلى؟ الجواب: لا بالعكس؛ فقد تكون أقل، وقد اطلعت على نشرة CDC عن الإنفلونزا في الولايات المتحدة؛ فوجدت أن نسبة الدخول إلى المستشفيات بهذا المرض أقل من كل سنة، وأن نسبة الأمراض بين الأطفال أقل والوفيات بينهم تعادل السنوات الماضية.
* مداخلة من الأستاذ عبدالله الدريس:
لا أقلل في الحقيقة من خطورة المرض وأهمية اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لكنني ضد تضخيم هذا المرض وتهويله والتخويف منه، وفي نظري أن منظمة الصحة العالمية قد تكون في حاجة إلى مراجعة معاييرها التي تبني عليها درجة خطورة المرض ودراستها بما يتفق مع المستجدات العالمية.
وأنا في ظني أنه كما أثيرت الجمرة الخبيثة أو أثيرت إنفلونزا الطيور والسارس، فإنه من الواجب أن نركز على الجوانب التوعوية، وأتصور أننا الآن بحاجة إلى شيء من التوعية والتثقيف بالأمور الوقائية مثل غسل اليدين وغيره من الأمور التي أعتقد أنها جوانب من المهم جداً التركيز عليها.
****
المشاركون:
- أ. عبد الله بن زامل الدريس عضو مجلس الشورى
- د. مقبل الحديثي استشاري الأمراض المعدية بجامعة الملك سعود
- د. مها المنيف استشارية الأمراض المعدية - بمستشفى الحرس الوطني بالرياض
- د. حسن الخضيري وزارة الصحة.
- د. عائشة الشمري استشارية الأمراض المعدية مركز الأمير سلطان لجراحة القلب.
http://www.al-jazirah.com/114257/qq1d.htm
|
|
|
|
___________________________
|
|
|