بين السياسه والدين
الدين هو عامل أساسي في كل قضايانا ... في مجتمعنا مايصلح نلغي الدين او ننقله إلى سله المحذوفات ..
ولذلك تدخل سماحة المفتي في موضوع المقاطعة بحكم ان المفتي هو الممثل الرسمي للدين في المملكه
أعدت قراءه فتوى سماحته أكثر من مره .. ووجدته باختصار : يدافع عن المصالح الغربيه في المملكه بشكل واضح ومباشر انطلاقا من زاويه الدفاع عن مصالح الوطن ، ويسبغ ذلك كله بوجه نظر شرعيه ( هذا تلخيص للفتوى من وجهة نظري )
وبالتأكيد أن سماحته عالم كبير لاتخرج منه الفتوى إلا بعد تفحص وتمعن في الكتاب والسنة فهو لن يتكلم عن الهوى .. ولكنه أيضا ليس بوحي يوحى ! ( حتى مايدخل فيها اتهام بالذمم وخرطي فاضي )
الفتوى ورد عليها ملاحظات من علماء آخرين إما بشكل مباشر أو غير مباشر منها قولهم بأن مقاطعه الأعداء لمحاربين فيه إضعاف لهم وهو داخل ضمن أدوات المعركه وما إلى ذلك
والمسأله لها جوانب أخرى سياسيه واقتصاديه .. وفيه مفكرين كثيرين سواء سعوديين أو عرب طرحوا دراسات جاده وآراء عميقه حول أهميه التوجه نحو الشرق المتقدم صناعيا واقتصاديا وسياسيا أيضا ... أولاً لعدم الاستسلام للاحتكار الغربي اقتصاديا وثانيا لعمل توازن سياسي وخلطه بين الغرب والشرق بحيث مانكون مرهونين بالكامل للغرب
أضرب لكم مثال بسيط السودان وكيف توجهت للصين .. قرأت قبل سنه تقريبا تقرير عن حركه البناء والصناعه المتسارعه في السودان على يد الشركات الصينيه وكيف انهم أنعشوا البلد بالمشاريع والمصانع وحتى معاهد التدريب والبعثات المنوحه للدراسه في الصين والتدريب هناك ( وربما هذا هو سبب اختلاق المشاكل في دارفور .. الغرب وسياسه لعبوني ولا بخرب ! )
معنى كلام المفتي أن العالم صار قريه صغيره واننا نحن والغرب اخوان في الانسانيه ويجب علينا اننا مانسعى في ضررهم ( لو قريت هالكلام في مقال لتركي الحمد ما استغربت أبداً ! ) والمشكله انه يكرس مفهوم الارتهان للغرب بقوله اننا محتاجين لمنتجاتهم زي ماهم محتاجين لنفطنا ... كلام سليم ..
لكن الشرق أيضا مليان منتجات
واحنا بعدم توجهنا للشرق نسهم في إضعافه ونتسبب في ضرره
وبتوجهنا للغرب نسهم في تقويته وتضخيمه
وفي كل الحالتين نسهم في بقاء الحال كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى القانون !
عندما قرأت الفتوى تذكرت نموذج عظيم لايغيب عن بالي : العز بن عبدالسلام خطيب الجامع الأموي في القرن السابع الهجري عندما ثار على حاكم دمشق لأنه سمح ببيع السلاح لحلفائه الصليبين .. وقام العز بن عبدالسلام يخطب في الناس وأفتاهم بتحريم بيع السلاح للصليبيين بعد ماثبت أنه يستخدم في قتل المسلمين .. وتكلم عن الخيانه وغياب المروءه . ليتم بعد ذلك سجنه سنه كالمه خرج بعدها ورفض الاعتذار للسلطان وغادر دمشق إلى القاهره
في مصر أصبح العز بن عبدالسلام قاضي القضاه وله مواقف مشهوده منها أنه عند قدوم التتار بعد ما احرقوا بغداد ودمروا كل البلدان في طريقهم كانوا قوه مرعبه وسمعتهم تسبقهم ... ( أمر قطز بجمع الأموال للإعداد للحرب، ووقف العلماء وعلى رأسهم العز بن عبد السلام أمام الأمراء وقادة الجند، فقرروا ألا يؤخذ من الناس شيئا إلا إذا كان بيت المال فارغاً، وبعدما يخرج الأمراء والتجار وأغنياء الناس من أموالهم وذهبهم حتى يتساوى الجميع ،فنزل قطز على حكم العلماء )
أنا أشهد انه "العز" .. واحنا محتاجينه كثير لأننا شبعنا "ذل" !