منتدى مقاطعة - لـقد عاد الشيخ الذي افتقدته

شيخ مميز في كل شيء , في هدوءه وفي ثقافته وفي طرحه الذي يختلف عن الجميع , شملت ثقافته الواسعة الكثير من المجالات التي عبقت بها تجربته الفريدة عبر سنوات من العلم والتنقل , يتحدث لغات من بينها الفرنسية , كان يضيء اياما لم نكن نعي فيها إلا القليل مما يقول , لأن إطلالته إذ ذاك كانت منذ عقدين من الزمن , وكنت غير مدرك لما يحيط بي سوى رؤية الجمع المنذهل بكلامه وبعباراته وبهدوءه وبتحمله مشقة العمل الذي كان يؤديه , فكنت أراهم منسجمين مع طرحه المميز وثقافته النيرة , وكنت اسمع أن البعض حاول إقصاءه عن هذا الجو الإعلامي بعبارات مليئة بالدونية والتهميش , فكان يتبسم أمام الجميع ويقول أنني كنت لا أريد الظهور لكنه فرض علي .

كان يقدم الثقافة الدينية ولم يكن يقدم مواد دسمة تصلح للمواجهة والمجابهة والثورة والاحتجاج.

كانت معلوماته تعج بالكثير من الرقة والعذوبة والأسلوب المشوق , كان يجيب على كل الأسئلة , حتى أسئلة المارقين والملاحدة والعابثين السائلين لمجرد الإستمتاع بالسؤال . فكان يحتوي الجميع بكل أدب ويجعلك تتسائل عن هذا الرجل الذي تمر عليه الشتائم مرور الكرام , فيخرج منها مبتسما غير آبه بما قد قيل .

ظهر من جديد على إحدى القنوات الفضائية العربية , فتركت كل شيء في يدي , وتأملت في صوته وفي كلامه وفي صورته التي تملؤها الابتسامة والهدوء والسكينة , فتوقفت لأتأمل ما يقول , فوجدت أن كلامه واسلوبه من العيار الثقيل ولهذا السبب لم أكن أعي ما يقول عندما كنت في سن مبكرة , فوجدت نفسي أمام قامة ثقافية ودينية مميزة من جديد , وهذه المرة بتقييمي وبتأملي لأن المشاهد اليوم لما يدور في القنوات الفضائية يكاد يرى الفرق , وهو اعلم بما يحتاجه , لأنني كنت ولا أزال في حاجة لشيخ مثقف محلل متأمل مليء بالثقافة والتواضع ليس له هدف في حب الظهور ولا كسب المال .
حيا الله طلتك علينا من جديد يا شيخنا المرحوم وواعظنا المثقف الحبيب علي الطنطاوي و رحمك الله رحمة واسعة وبارك الله في علمك الذي كنت تقدمه لنا فقد كنت نكهة مميزة لرمضان الذي كنا نتوق فيه إلى أمثالك وليس إلى ( الطيش والطائشين )